تونس – ميزان الزمان :
صدر حديثا عن دار الاتحاد للنشر والتوزيع قي تونس ديوان الشاعرة كوثر بلعابي الذي يحمل عنوان ” كوثر الصباح ” ..
الف مبارك للشاعرة كوثر بلعابي ديوانها الجديد , ونختار منه القصائد التالية :
** مَطَرُ الصّبَاحِ.. **
أعشقُ عِبْقَ المَطَر
حين يسري في التّرابِ ينثُرُ أرْجَ نَدَاهُ
و هوَ بَينَ أعطَافِ الضّلُوعِ
و البُيوتِ يَنهَمِرْ..
يَلثُمُ الأرضَ اشتِيَاقًا
فِي عِناقٍ شَبَقِيٍّ
بِوفَاءٍ لِلجُذُورِ..يَنشُرُ فَيْحَ النُّذُورِ
لِلحياةِ يَنتَصِرْ..
أعشَقُ نَقْرَ المَطر
حِينَ يُبهِجُ صَحْوَتِي
عِندَ الصَّبَاحِ بِنَبضِهِ
يَنقُشُ سَطحَ الرّصِيفِ و التُّخُومِ
بِنِقَاطٍ و خُطُوطٍ مِن رُقُومِ
يُوقِظُ سَمعِي بِلحْنٍ
أحلَى مِن عَزفِ الوَتَرْ..
أعشقُ خَفْقَ المَطرْ
وَهوَ يَطرُقُ شُرْفَتِي
كَحَبِيبٍ غَابَ دَهرًا.. ثُمّ عَادَ خِلسَةً
يُذكِي فِي الوِجْدَانِ ذِكرَى
يَفْجَأ شَوقًا تَلِيدًا
يَبعَثُ في القَلبِ فَجرًا
مِن تَبارِيحِ العُمرْ..
أعشقُ لَوْنَ المَطر..
حين يُشْرِقُ في الأَعَالِي قُزحيَّا
يُلهِمُ وَحْيَ القَصِيدِ
مِن بَساتِينِ الخَيَالِ و الصُّوَرْ
وَ هوَ يُشْجِي الغَابَ وَجْدًا
يُثمِلُ تلًّا أبيَّا.. مِن دَوالِي الغَيْمِ
يُرقِصُ عُشّا فَتِيًّا
بينَ أفنَانِ الشّجَرْ..
أعشقُ دمْعَ المَطر
حِينَ يَسرِي حتّى يُبكِي
وَرَقَاتٍ في أصِيصٍ
تَلثُمُ وَجْهَ الزّهَرْ..
حِينَ تذرِفهُ السّمَاءُ
كَنشِيجٍ ضَرّجَ خَدِّ الوطَنِ
أو رَسُولٍ يَحمِلُ
بُشرَى الفُصُولِ لرَبيعٍ مُنتَظَرْ..
أعْشَقُ طُهْرَ المَطَر…
حِينَ يَغسِلُ وَجْهَ الدُّنيَا
مِن سَوَادٍ لَاثَ حُسنَهُ
دُخَانُهُ فِعْلُ البَشرْ..
** ضَوْءُ الصّبَاحِ.. **
يُضِيءُ الصّباحُ حَواسِّي
يَطرُقُ أبوابَ الصّمتِ
عَلى أعتَابِ إحسَاسِي
يُشعِلُ تمَرّدِي على قُضبَانِ الحُزنِ
يُشرِعُ مساماتِ صدرِي
عَلى انسَامِ الفرَحِ المُرجّى
يُغيِّرُ رائحَةَ الأنِينِ في أنفَاسِي..
يَملَأنِي الصّبَاحُ شوقًا
إلى ذّرَى الجِبالِ..
إلى أحضانِ الشّمسِ في الأَعَالِي
يُغَافِلُ بِصَحوَتِي الوئيدةِ
عقارِبَ هذا الوَقتِ
يَأخُذُ بِيَدِي..
يَقودُنِي إلى أرضِ المِيعَادِ
تغازِل بَقايَا شَغَفٍ يَذخَرُهُ نِبرَاسِي..
يَفتِنُنِي الصّباحُ..
يُحَلِّقُ بصَبوَتِي
فِى أفُقِ الفنجان و الأشعَارِ و المَجازِ..
يُحِيطُنِي بِرغْبَةٍ مُلِحّةٍ
في كَسرِ كلِّ بَابٍ مُقفَلٍ أمَامِي.
فِي سَحقِ ما يُضِيمُ هذا البَلدَ الكَسِيحَ
في منحِهِ أجنحَةً ناسِفةً كالرِّيحِ..
تُزيحُ عن كاهِلِهِ وَعْثَاءَهُ
تَرسُو بِهِ بعيدًا
عَن مِخلَبِ المآسِي..
غلاف ديوان الشاعرة كوثر بلعابي
شكرا جزيلا على التوثيق و النشر