” السبت الثقافي ” مع الكاتبة والاعلامية دلال قنديل :
الرواية تطل من شبابيك رمضانية
تفكيك النصوص في حوار مفتوح يحفّز القراءة
-×-×-×-×-
رواد الرواية يفتحون جعبة اسرارهم بسهرات رمضانية يومية.يفككون نصوصهم، يطرحونها لنقاش يتيح تفاعلاً جذاباً مع القارىء.
ظاهرة تستحق التوقف هذا العام.
الروائي العريق المعروف الدكتور يوسف زيدان يواصل امسيات رمضانية عند الثامنة مساء بتوقيت القاهرة.يتفاعل على صفحته ما يقارب الألف متابع مباشرة ،وقد يتضاعف العدد بعد ايام.
الكاتب الروائي الاكاديمي الدكتور شكري المبخوت يكتب بحثاً يومياً على صفحته بتسلسل رمضاني، عن مفهوم الرواية، موضوعاتها وتاريخها ولاسيما في تونس.يتفاعل الباحثون معه في حوار “بالتشات”.ينهل الدكتور شكري من معرفته بعالم الرواية ليس فقط كمؤلف حائز على جائزة البوكر قبل سنوات، عن “رائعته” رواية “الطلياني” الصادرة عن دار التنوير، ايضاً من مداركه الاكاديمية والتاريخية التي تعمّقت في السنوات الاخيرة وظهرت بنتاجات متعددة، حملته لتولي رئاسة لجنة جائزة البوكر للرواية العربية هذا العام.
لماذا رمضان؟ هل لان الوقت فيه مفتوح لليل طويل؟ ام لان الذاكرة الشعبية مشحونة بالحكائيين وبأساطير الحكواتي قبل عالم التلفزيون .
ظاهرة جذابة بإستقطاع هذا الوقت لبحث وتفاعل من نوع جديد.تدخلنا فيه صفحات الفيسبوك عالماً مفعماً بالألغاز يبدو قابلاً للتشريح.
ينحاز الدكتور مبخوت في مقالاته الرمضانية اليومية الى الرواية التونسية ومنحاها التاريخي .تدخله الحوارات مع سائليه الى محاور اخرى لا يهملها.
تتشعب حوارات الدكتور يوسف زيدان مع متابعيه.يكشف عن اسرار بقيت غامضة في شخوص اشهر روايته ك” عزازيل” و”النبطي” وغيرهما.ينحو في نقاشاته الى كتاباته التاريخية عن التصوف ومواقفه المثيرة دائماً للجدل في مفهوم الدين ونصوصه.
الكاتب يوسف زيدان
جمال اللقاء بالتفاعل مفتوحاً في ختامه.يتلقى الاسئلة ويجيب عليها بمرح يتسلل الينا، كمن يشاهد عائلة في سهرة رمضانية يتولى الوالد فيها الاستماع الى اولاده.بعضهم يخرج عن الموضوع فلا يرده خائباً وقد يحيله الى سهرة وشيكة تتناوله.تتشعب الاسئلة وتطول السهرة احياناً. تتناول كل يوم كتاباً او رواية لزيدان.
الجلباب التراثي يأتي ايضاً منسجماً ليكمل الصورة بخلفية سجادة بنقوش عجمية لافتة، “اي ده يا دكتور في الاسكندرية السجادة وهنا كمان ازاي؟ ” يقرأ زيدان السؤال ويرخي إبتسامة ” لا دي حاجة ودي حاجة ” خلينا في موضوعنا.
يتفاعلون مع تلك التفاصيل، يفتح لهم منزله لتكون الروايات والكتب تحلية المساء، جولة في متاهات الكتابة. يمنحهم متعة الغوص لكشف اسرار تركيباته الروائية .
من السودان يتميز الكاتب الدكتور امير تاج السر بتفاعل عفوي مع قرائه .لا يكتفي بنشر مقاله الاسبوعي الذي يُشرح فيه النص الروائي من جوانب متعددة مسترشداً بتجاربه الكتابية التي ترجمت للغات عدة، بل يحفز متابعيه على الحوار بطلب المشورة في تسمية عمل جديد. يدخل الطبيب المرح الى قلوبهم بسرد يومياته مع مرضاه في عيادته وبعضهم عرفناه شخوصاً في روايات عدة كتبها.
د. أمير تاج السر
يتجلى النص الروائي في صدارة المنتوجات الثقافية. يتفوق عدداً ليس فقط على ما عداه من منشورات ، بل يفيض عن ما قد تتيحه قدرات القارىء العربي الاقتصادية. ثمة من يرجع هذا التراجع في بلدان اخرى الى استلاب عالم وسائل التواصل الذي يبعد الاجيال الشبابية عن الكتب الجادة وحتى الرواية.
بإستثناء الاسماء اللامعة في عالمنا العربي، تتواضع ارقام الطبعات الاولى ومعها تتردد دائماً عبارة لمن تُكتب كل هذه الروايات ؟ وهي تتجاوز الخمسمئة رواية كل عام.تفكيك النصوص يعمق فكرة ان الرواية حمالة اوجه، فهي السرد والنص والتاريخ والجغرافيا والفلسفة وعلم الاجتماع بإسلوب “تلغيزي ” ساحر ومؤثر.
قراءة رواية ك” حائط خامس” وهي الاخيرة لعباس بيضون الصادرة عن دار ” نوفل” تغنينا عن تاريخ لم يُكتب بعد وربما لن يُكتب ابداً.وما اجمل من قراءتها الا سماع الكاتب يروي فصولها ويمهد الطريق بصوته لتجلي ادوار شخصياتها.
في داخل كل كاتب “حكاء”.
الشاعر عباس بيضون وديوانه ” حاىط.خامس “
فهل نشهد فكرة السرد بديلاً للكتابة؟ وماذا بعد أفول رمضان هل تبقى الظاهرة رافداً من روافدها ؟
بعض الكتّاب هم اكثر براعة في رواية حكاياتهم.لا بل هم يشكلون لنا المشهد بتفاصيله السينمائية، مخيلتهم مكونة من تلك المنمنمات التي لا تهمل تفصيلاً واحداً ولا كلمة من لهجة محكية تكمل لبوس الشخصيات بالحبكة المتكاملة.
من شبابيك رمضان الروائية جعلني الفيسبوك اقرب الى الرواية الاولى في حيواتنا، الى أمي التي كلما عاد هذا الشهر عبقت انفاسها في روحي وسكنتني.
دلال قنديل
( ايطاليا )
الكاتبة والاعلامية دلال قنديل