.. ” مشوار اليوم ” مع الكاتب د. قاسم قاسم :
“عتبة الغربة”
-×-×-×-×-
.. غادرتْ وجه الليل باتجاه فضاء لاتعرف أنها ستضيع فيه , وكانت قد ودعت اوراقها وحزمت حقائبها قبل سقوط حبات الضوء ، في ذلك النهار عصرت افكارها تزرع الغرفة علها تشعل ما برأسها او تجد حلا لمشكلتها ، انما الليل سيج الدرب وقطع الخطوة التالية…
فاستلقت الى مقعدها تنظر من النافذة نحو مدينتها..
حين قررت الرحيل لم تنم في غرفتها ، موحشة كانت ، رمت نفسها عند آخر صديق وبين يديه شعرت بالخسارة ، رددت مرارا ، ثم افلتت سواد شعرها ، وفي ظنها أنه سيلملم أفكارها التي تركتها في غرفته ، حاول ثنيها وهو المتردد في البقاء ، قرأت محياه ، وأغلقت الباب خائفة من ملامسة ما وقع.
انسياب موحش لا صوت يدوي ،صمت زين خروجها ، وفي الطائرة كانت تمسح دموعها التي بللت الخدين الموردين.
الغربة صراع لاتقوى عليه كتابة الشعر ، ترهقه أشباح الماضي ، فيطرب نهارا لانسيابه وضياعه ، ويحزن ليلا .. نزاع لاتقوى على مقاومته ، حين أرخَت يوم وصولها جاءها اتصال من صديقها ، يخبرها فيه انه مر بباب حديقتها المغلقة على رجاء الروح،
حلم تاه،
عندما فتحت عينيها لم تر سوى وحشة البيت لا احد يأتي ، فارق الأحبة المدينة ، ارتحلوا قبلها ، سكنوا آخر صلوات الوداع ، وفي الغربة عيون فارغة ، بينما ثقوب الروح في بيروت مدخل الى الحرية ، عندما مزقت ايامها ضياعا ، ادارت وجهها فرأت عند نافذة حلمها اوراقا تتطاير..
عندها اغلقت باب الليل ، وانهارت حبيسة في وحدتها ، وكرت الايام حاولت مصالحة الواقع ، ترجوه ان يشد من ازرها، ان يساعدها.. لكن روحها ما زالت معاندة رافضة الخضوع.
في ليلتها الاولى ، لم تنم تذكرت هرتها الصغيرة وهي تموء ، اسرعت لحملها ، وما أن مدت يدها حتى تسربلت ، وكادت ان تقع ، اشعلت سيجارة ، ودمعة رافقتها حتى اخر طواها النعاس.
الكاتب د. قاسم قاسم