ميزان الزمان
  • الصفحة الرئيسية
  • امسيات
  • قصائد
  • شهرياد الكلام
  • ومضات وأدب وجيز
  • حكاية و قصة
  • مسرح
  • للمساهمة في النشر اتصل بنا
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
ميزان الزمان
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
 
د. قصيّ الحسين يقرأ كمال جنبلاط في كتاب المؤلفين شادي منصور وعبد الحليم حمود الصادر حديثا عن ” زمكان “ 2025/05/21
طارق آل ناصر الدين ديوانا : قصائد ضاحكة ( الجزء الثاني ) … قراءة للكاتب د. قصيّ الحسين 2025/05/19
” مرايا القمر ” نصوص نثرية للكاتبة الكويتية عالية شعيب 2025/05/15
التالى
سابق

” الحذاء . . ” بقلم الكاتب السوري د. بسام بلاّن

” الحذاء . . ” بقلم  الكاتب السوري د. بسام بلاّن
منصة: شهرياد الكلام
14/12/2022

بقلم:د.بسام بلان

                                   الحــــــذاء

   أثناء دراستي الجامعية في دمشق، كنت أستأجر غرفة في احدى الحواري الضيقة. أول صباح لي في تلك الغرفة استيقظت على صوت كعب حذاء يدق على الطريق بنغمات لا نشاز فيها، وكأنها عزف منفرد على أوتار الطريق. ومن خبرتي بالأصوات عرفت أن قدمي سيدة تلبسان ذلك الحذاء. في صباح اليوم الثاني، فتحت النافذة عندما بدأ يصل إليّ صوت كعبا الحذاء وهما يطرقان الأرض، وتأكدت من ذلك.

  الحذاء أكثر الملابس اهمالاً في حياة البشر. بدءاً من مكان حفظه وحتى دواعي استخدامه. ومع ذلك تبقى قدم لابسها هي من تصنع صوته وتُدوزن موسيقى طرقه على الأرض، وليس العكس.

 مهما كان نوع و”فخامة” الحذاء الذي تنتعله، لايمكن أن يغير من خطواتك، بل أنت الذي تجبره على أن يذهب معك حيثما تشاء. ومع ذلك لم يخطر ببالك أن هذا الحذاء هو الأكثر وفاءً لك من بين كل ما ترتديه من ثياب. فهو الوحيد الذي لاتعلق عليه بقايا رائحة عشيقتك.. أو عشيقك، ما قد يكشف أمركما. وهو الوحيد الذي لاتعلق عليه بقايا أحمر شفاه، أو ذراتٍ من كحل العينين. وهو الوحيد من بين كل ما ترتديه الذي لا “يتجعلك” إذا ما ضممت حبيبتك أو ضممتي حبيبك.

كل ما تلبسه يمكن لغلطة واحدة معه أن يفضحك. إلاّ الحذاء. فهو الأقصر لساناً.. والأكثر حفظاً للسر.

بعض أصحاب الجاه والمال، يرفعون رؤوسهم بأحذيتهم، ويدللون على أهميتهم بأحذيتهم. فيلجؤون الى وضع رِجلٍ فوق رِجلٍ في حضرة من يودون اشعارهم بإحتقارهم لهم، بحيث تصبح فردة حذائهم في مواجهة من يجلسون معهم. فينحني الرأس والذوق ويشمخ الحذاء.

 الحذاء في واجهة المحلات، الفاخرة منها أوالشعبية، يغازل الرأس والعيون قبل أن يغازل الأرجل. وغالباً ما يكسب الرهان. هو يملأ الرأس والعينين قبل أن يملأ القدمين. وهناك كثيرون يضحون براحة قدميهم مقابل إغراء الحذاء لعقولهم وعيونهم.

القدم غالباً هي التي تذعن لرغبة الحذاء. والعقل والاحساس غالباً هما اللذان يعطيان الأمر لليدين أو احدى القدمين لخلع الحذاء. فيما القدم تتقولب بحسب شكل ونوع ووضع الحذاء.

المرأة الأنيقة هي التي يقودها حذاؤها لاختيار شنطة يدها. وبينما تضع الحذاء في قدميها، تضع في شنطة يدها أسرارها ودفتر هواتفها وهاتفها النقّال وعطرها ونقودها وربما بعضاً من صيغتها وجواهرها. الشنطة تعرف أنها تابعة للحذاء ولاتشعر بالعيب من ذلك، بينما المرأة نفسها لاتعرف غالباً هذا السر. فكل ما تعرفه أن الحذاء والشنطة متناسقان منسجمان لوناً وعلاقة.

سلوكيات البعض تقول أن الحذاء هو أكثر قيمة عندهم من الرأس أو الشاربين أو اليدين. ويعبرون عن ذلك عندما يقبلون حذاء الأب أو الأم أو الحاكم. فتقبيل اليدين والرأس، تحمل قيمة كبيرة لأي شخص، بينما تقبيل الحذاء هو قيمة القيم!!

وبعض العشيقات لا تتوانى عن الانحناء نحو حذاء عشيقها وتقبيله لمراضاته، وتقديم كل فروض الطاعة له (!) وبعض العاشقين، لاينتشون بالنبيذ إلاّ إذا سكبوه وشربوه من حذاء محبوبتهم.

 الأطفال فقط “يجاهرون” بقيمة أحذيتهم، وكم منهم لم ينم ليلة العيد إلاّ إذا كان حذاؤه ينام بجانبه.. فهو الذي سيأخذه في صباح العيد الى ساحات الفرح. وبه سيقذف كرات الفرح في ساحات العيد.

 حكايات الأحذية كثيرة وتكاد لاتُحصى. حذاء سندريلا هو الذي نقلها من حياة البؤس الى قصور الأميرات.

شجرة الدر، التي حكمت مصر، ماتت ضرباً بالقباقيب. وتقدير ماري انطوانيت لحذائها واعجابها به، دفعها الى تقصير الثوب الطويل الذي كان الموضة الوحيدة في القرن الثامن عشر، الأمر الذي أحدث جدلاً في أوساط المدينة، كما أطلق شرارة الثورة في عالم الأزياء القصيرة.

وهناك حذاء الزعيم الهندي المهاتما غاندي.. وأحذية زوجة ديكتاتور الفلبين “ماركوس”. وحذاء هتلر الذي كانت حبيبته تعرف بقدومه من خلال وقعه على الأرض.. وحذاء “أرمسترونغ” الذي كان أول من وطأ أرض القمر. وحذاء منتظر الزيدي الذي قذف به وجه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في بغداد. وقبقاب غوار الذي أصبح أكثر شهرة من غوار نفسه. وغيرها الكثير والكثير.

وفي القرن الواحد والعشرين، هناك مئات ألوف أزواج الأحذية في أقدام أطفال ونساء وشيوخ سوريين، تلطم كل يوم وجوه لابسي البذلات الباريسية الفاخرة ونزلاء الفنادق الخمس نجوم.. أحذية تتحدى كل هؤلاء أن يضعوا أعينهم بأعينها، بعد أن جردتهم هذه الأحذية من كل قيمة إنسانية. وبعد أن أرعبت الطغاة.

لم يفكر أحد يوماً، رجلاً كان أم إمرأة، بمدى وفاء أحذيتهم لهم. فماذا لو أخبر حذاء هذا الرجل زوجته أين كان ومَن كان يواعد من النساء من خلف ظهرها؟. وماذا لو باح حذاء هذه المرأة بما دار من أحاديث بينها وبين صديقاتها في جلستهم النسائية؟. النتيجة حتماً ستكون كارثية على كليهما.

بعض المجتمعات تُعلّم الفتاة منذ نعومة أظفارها كيفية المشي، كي تتقن فن طرق الحذاء على الأرض، وجعل قلوب سامعيه تتراقص. ومن “طقطقة” حذائها على الأرض تطل على نوافذ مشرعة من الأحاسيس والمشاعر.

لايظهر عادة قبح أو جمال قَدَم المرأة إلاّ عندما تخلع حذائها. ومع ذلك ترميه بقسوة عندما تعود الى البيت، وتزفر بوجهه قائلة: “أووف هلكتني”. هو هلكها لبعض الوقت، ولكنها لم تنتبه الى خدمته الكبيرة لها عندما أخفى ما لاتستطيع اخفاءه من قبح بأثمن وأغلى ماركات الماكياج والمساحيق.

 الديكتاتور يتخذ من بعض البشر أحذية له. بهم يُثبّت أقدامه وحكمه. ورغم كل الوفاء والولاء والود الذي يمنحونه إياه، يأتي يوم ويرمي بهم في أقرب سلّة مهملات. يعيشون ويموتون فيها بصمت. وعندما يأخذ الحذاء قرار التمرد والبوح بالأسرار، يتحول الى صفعة قاسية على وجه الطاغية. وكم يحفظ التاريخ من قصص لطغاة قضوا بأبشع الوسائل بسبب أحذيتهم.

 الحذاء إذاً؛ أناقة وجمال وستر وقيمة وقاتل. ولكل إمرئ الحرية في اختيار الحذاء الذي يناسبه. ولكن ليحذر دائماً من هذا الحذاء، لأن كل حذاء يحمل نقيضه في ذاته.

بسـّــام بـــلاّن

إعلامي سوري مقيم في الإمارات

6-11-2013

د. بسام بلّان

المقال السابق

” من أنا .. ” مقالة للكاتبة د. نادين طربيه

المقالة القادمة

الناقدة فاتن مرتضى تقرأ د. طراد حمادة في ” بلبل السّرو ، شيرازيُّ التُّرجمان” .

تعليقات 1

  1. سليم جمال says:
    سنتين ago

    عنا شخص اجا من فنويلا بعد غربه طويلة ومش جايب شي غير اواعيه وسوالف قد مابدك ومن ضمن الملابس جزمه جلد شي فاخر عالاخر المهم زلمي من أهل البلد عجبتو الجزمه وطلب شرائها من المغترب جاوبو بانها غاليه ولن يقدر على شىرائها وبعد جدال تم الاتفاق على أن يعطيه الجزمه مقابل كرم 15
    دولم أصبح اليوم شفع عمار
    فالحذاء لا يستهان به وذو قيمة تحياتي أبو أصيل

    رد

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انضموا إلى أصدقاء الموقع على فيسبوك :

ميزان الزمان

محتوى إعلاني:

ADVERTISEMENT

ذات صلةمقالات

الشاعر ناصر حمزة في قصيدةٍ للفنان الراحل محمد علي الخطيب في ذكرى رحيله
شهرياد الكلام

الشاعر ناصر حمزة في قصيدةٍ للفنان الراحل محمد علي الخطيب في ذكرى رحيله

06/05/2025
مقالة فكرية للفنان الراحل محمد علي الخطيب في ذكرى ميلاده : الدور الريادي للفنانيين والثقافة
شهرياد الكلام

مقالة فكرية للفنان الراحل محمد علي الخطيب في ذكرى ميلاده : الدور الريادي للفنانيين والثقافة

11/03/2025
“السنوات العجاف” لمحمد خليل، صرخة كاتب في وجه التفاهة والظلم والاستبداد
شهرياد الكلام

“السنوات العجاف” لمحمد خليل، صرخة كاتب في وجه التفاهة والظلم والاستبداد

18/12/2024
 الناقدة أسماء الشرقي :  دلالات الحلول في “ديوان الوجد”   للشاعرة جميلة الماجري
شهرياد الكلام

 الناقدة أسماء الشرقي : دلالات الحلول في “ديوان الوجد”   للشاعرة جميلة الماجري

15/11/2024
د. قصيّ الحسين يقرأ ” السنوات العجاف ” للكاتب محمد خليل : إنها لتجربة في لعنة الزمان والمكان
شهرياد الكلام

د. قصيّ الحسين يقرأ ” السنوات العجاف ” للكاتب محمد خليل : إنها لتجربة في لعنة الزمان والمكان

15/11/2024
” شوق ” و ” حوار آحاديّ الجانب ” قصيدتان للشاعرة نجاح داعوق
شهرياد الكلام

” شوق ” و ” حوار آحاديّ الجانب ” قصيدتان للشاعرة نجاح داعوق

24/08/2024
المقالة القادمة
الناقدة فاتن مرتضى تقرأ د. طراد حمادة في ” بلبل السّرو ، شيرازيُّ التُّرجمان” .

الناقدة فاتن مرتضى تقرأ د. طراد حمادة في " بلبل السّرو ، شيرازيُّ التُّرجمان" .

لا نتيجة
عرض جميع النتائج
  • الصفحة الرئيسية
  • امسيات
  • قصائد
  • شهرياد الكلام
  • ومضات وأدب وجيز
  • حكاية و قصة
  • مسرح
  • للمساهمة في النشر اتصل بنا