طرابلس تحتضن الأمسية الثالثة لمهرجان القصيدة المحكية اللبنانية
تألق الشعراء ، وارتفعوا بنا إلى أعالي الشغف والنشيد
-×-×-×-×-
كتب رئيس منتدى “حبر أبيض ” الشاعر مردوك الشامي :
الليلة الثالثة من المهرجان الأول للقصيدة المحكية اللبنانية ، احتضنها قصر نوفل في طرابلس الشمال ..
عراقة المكان بقاعته الواسعة، بسقفه المشغول بحب وفنية عالية، شغف رئيس اللجنة الثقافية في بلدية طرابلس الدكتور باسم بخاش وحرصه على التعاون والمشاركة ، الحضور الكبير الذي توافد من كل لبنان، من كل لبنان فعلا وباعداد كبيرة، كل هذا شكّلَ لوحةً ومشهدية عالية تؤسس لإطار كبير وصادق لعناق الشعر والشعراء والمهرجان الذي استطاع خلال أيامه الثلاثة أن يكون مهرجانا لبنانيا وطنيا جامعاً بامتياز.
الأستاذة أماني فارس أبو مرة، قدمت اللقاء بلغة تنوعت ما بين المحكية والفصحى ، وبحضور لائق فيه أناقة الصورة والبوح .
كلمة المهرجان القتها الشاعرة حنان فرفور :
وبعد النشيد الوطني وقوفا وإنشادا من قبل الجميع ، افتتح اللقاء بكلمة المهرجان ، وكانت للرائعة الأميرة حنان فرفور التي باسم ملتقى حبر أبيض افتتحت الطريق إلى رحلة مع الدهشة والوجد ، وقالت في كلمتها العالية حقا :
“ماذا تفعلون هنا يا سادة؟
ما الذي أخرجكم من أحضان الأرائك الحنون؟
لماذا فككتم بلهفة، أصابع الرغيف المعربسة فوق البال وأتيتم تزقمون فراخ الشعر قمح ضحكاتكم الطازجة؟
ثم ما الذي يدفع هؤلاء المجانين، لرتق زاف الصدى بين الصباح وحناجر الديكة ؟!
للملمة ريش اليمام عن سطوح الأغاني، مسح الياسمين المهروس على ذقن الكلام؟
رش ماء الزهر على عيون النهار ..النعناع في أفواه الشرفات الناعسة..
ما الذي يدفع هؤلاء إلى شدّ الأحلام من أسمائها الصعبة ، نشرها تحت عين الشمس، وتجفيف الفائض منها لأيام
الزكام الروحي..
لماذا تحاولون ب”بيكار” الأمل نحت دوائر في وجهٍ بلا عيون؟!
هل تصلح القصائد يا أحبة مصابيح في بلدٍ كل رأسٍ فيه أعمى ،وكل رقص نَدبٌ في جنّاز؟!
لماذا يا عصمت حسان هذا الإصرار الأخضر وهذا الوسواس ترميه هنا وهناك يحرض على القيامات المتمردة في زمن الموات..لماذا يا ميراي تغرسين حيث تصحر كل شيء…
هذا الوطن يا عزيزتي ليس أباك ولا أبانا ولم يك شاعرا يوما، هكذا يقول العقلاء..
لماذا أيها الشامي المجنون تقطع من لحمك الحي فتافيت خبز ليهتدي الضائعون في برية القصيدة إلى بيت بلا نوافذ ولا حلويات..
أتساءل وأنا أتأمل المسافة بين صور وطرابلس،
المسافة التي أرادوها وحشًا ففخّخوها بالطائفية والمناطقية والطبقية والسياسة التي لا رب لها..
ثم اختصرتها القصيدة حافيةً، بدهشتين ورعشة!!
ويخطر لي أنكم..أننا لسنا عقلاء في الأصل، وأننا هنا لأننا نؤمن بأن الشعر على ذمة هايدغر “تأسيس للوجود عن طريق الكلام”
وأضافت الشاعرة فرفور القول : ولأننا يا أصدقاء أيتام أيتام، مذ غادر الفينيقي ساحله، وانشغل مع” زيوس ” في محاربة الطواحين والهباء..
نحن هنا لأنّ القصيدة وطن ، سقف ورغيف روح ،
ولأن الفن وفلسفته يساهمان في تشكيل الوعي الجمالي لدى الإنسان. فما أشد حوجتنا في زمن الرداءة والبذاءة وانهيار القيم إلى هذا الوعي، الذي لا يمكن اعتباره فطريا وحسب، كما تدعي الفلسفة الحديثة بل يحتاج إلى تربية وتنشئة اجتماعية خاصة. وأول ما تعلمنا فلسفة الجمال تفبل الإختلاف وما أعظمها من قيمة!!
ذلك أن ذائقتنا ليست واحدة وإبداعنا كذلك..
وليس أجمل من الشعر جلّ علاه سفيراً للجمال وقيمه الإنسانية..والشعر المحكي عريس هذه الأمسية ، نحتفل به شعراء ومريدون وغاوون نرفع هاماتنا نشرب نخب دمه النازف ، أليس هو” المصلوب فوق شفاه الكلام” كما يقول محمد علي شمس الدين؟
اليوم وتحت رعاية وزارة الثقافة، وتبريكات اتحاد الكتاب اللبنانيين وبثلاث أكف ” شواطئ الأدب، شاعر الكورة وحبر أبيض” أكف تتصافح دون المتاريس الثقافية والمناطقية..نحتفي بشعرية المحكية اللبنانية وبفرسانها الكبار واسمحوا لشاعرة تأتي على هودج الفصيح أن تبارك اليوم هطول المعاني البكر واللغة الطازجة بما فيها من أسماك ..تعالوا نقطفها عن شجر الخيال ونسكر بالخطايا المدهشات..
عشتم عاش الشعر وعاش لبنان” .
كلمة اتحاد الكتاب اللبنانيين ألقتها أمينة السر د. وداد الأيوبي :
ثم كانت الكلمة لاتحاد الكتاب اللبنانيين ألقتها الدكتورة وداد الأيوبي أمينة شؤون المجلّة والنّشر في الهيئة الإداريّة لاتّحاد الكتّاب اللّبنانيّين، تحدثت فيها عن أهمية المحكية والشعر ، ونقلت للحاضرين تحايا الأمين العام للاتحاد الشاعر الدكتور الياس زغيب.
ومع انهمار الشعر ، والتفاعل الكبير بين شعرائه وجمهور الأمسية تعاقب على المنبر الشعراء الكبار قيصر مخائيل، غي خوري، علي دهيني، يامن رضا، مارون الماحولي ..
تألق الشعراء ، وارتفعوا بنا إلى أعالي الشغف والنشيد، وتنوعوا موضوعات واساليب، كلها توهّج وبريق .
أمسية الختام للمهرجان، كانت عالية كما الأمسيتين اللتين سبقتا في بشامون والعباسية .