مقالة السبت :
بقلم الكاتبة والاعلامية دلال قنديل ياغي
-×-×-×-×-×-
“أخوتنا الغرباء” للكاتب أمين معلوف الصادرة بترجمتها العربية عن دار الفارابي تخرج أجواء العزلة لرسام وكاتبة على جزيرة مفرودة للبحر والوحدة تحط عليها سفينة وتدب الحركة فيها لتخلق عالماً جامحاً في المتخيل لآلة شفاء يحملها غرباء يديرون دفة العالم المرئي بعد قطعه عن التواصل بفرض حصار على البيت الأبيض والسيطرة على رئيسه المريض قبل إخضاعه للعلاج السحري عبر دخول نفق الشفاء المقاوم للشيخوخة.
العزلة تحاكي زمن الجائحة بيوميات الكاتب حيث تنمو بين سطورها حميمية العلاقة مع جارته المحيّرة بمزاجيتها وسريّة رابطها مع الجماعة المُحكمة سيطرتها على الجزيرة وعلى اميركا والتي زرعت اشخاصاً بين قلة قطنوا أنحاءها إلى أن يحين موعد مغادرة سفينتهم بعد إنفجار دمر المستشفى الذي فاض بطوابير المرضى طلباً للشفاء بعد التسليم بشفاء رئيسهم من المرض الخبيث .
نعايش لحظات دخول نفق الشفاء مع الكاتب برعبها وغموضها .أي أجسام زُرعت في الخلايا ؟ اي أثر ستترك؟ لا شيء منظور قبل أن يصرخ بحار بأعجوبة شفاء إصبع يده المتكلس منذ سنوات وقبل أن يستقيل طبيب الرئيس الأميركي إقراراً بجهله لعلوم فاقت معرفته وشفاء رئيسه بالآلة السحرية للقادمين الجدد.
تشخص الأعين لعودتهم بعد تفجير المستشفى كمخلص من الأمراض كأكسير حياة من تعب العيش وشيخوخته.
تتركنا الرواية معلقين بالسؤال بعد إسدال الستار على حفل رسمي بحضور رئيس أميركا وممثلين عن الجماعة العلمية.
مولودة العزل المنتظرة” إلكترا” ثمرة علاقة الرسام والكاتبة بقيت ايضاً متلبسة بالسؤال حتى الاسطر الأخيرة:
“هل سنحمل بين اذرعنا قريباً ملكتنا إلكترا ؟ لم يخطر في بالي يوماً أنني قد اصبح أباً في مثل سنِّي، وبالنظر الى إسلوب حياتي. وكان الأمر الأقل ترجيحاً بالنسبة الى حبيبتي. ولكن ها قد بلغنا هذه المرحلة.لقد منحتنا” الأمة المتدخلة” بهذا القدر او ذاك هدية على شكل طفل؛ومنحتنا كذلك سنوات كثيرة نحتاج اليها لكي نراه يكبر ويترعرع. ولهذا السبب فقط لا بد من مباركة إخوتنا غير المنتظرين بعد أن لعنتهم كثيراً.”
لم يجتهد الكاتب في صوغ لغته المباشرة للرواية المؤلفة من ٣٢٤ صفحة مكتفياً بغرائبية الحبكة التي تماشي أسئلة الجائحة المحيرة وأسلحة الحروب غير التقليدية المتكاثرة على ضفاف من سيحكم الكون.
وبهذه الخاتمة يتركنا تحت وقع الحيرة عن ماهية القوى الكبرى اللامرئية التي تُسيّر حيواتنا لا بل عن الكاتب الرئيوي الذي افتقدنا جهده اللغوي التاريخي في الرواية التي بدت فعلا يوميات مكتوبة دون عناء الوصف وعناية ملحوظة بجمالية اللغة.