” الأسطورة “

في مشوار اليوم مع د. قاسم قاسم

-×-×-×-×-×-

يشكل الموروث الحكائي العربي احد اهم الركائز التي شيدت الرواية، وتتمثل الاسطورة بوصفها واحدا من اهم منابع هذا الموروث .
كما يذكر (نضال الصالح )في كتابه (النزوع الاسطوري في الرواية العربية / الناشر : الالمعية للنشر والتوزيع الجزائر ٢٠١٣)
وفي هذا الصدد سنأتي على ذكر عدد من الروائيين الذين استندوا الى التراث.
تعتبر (عودة الروح )لتوفيق الحكيم .اول نص روائي ينزع الى استلهام اسطورة الموت والانبعاث الفرعوني ،اي اسطورة ايزيس واوزيروس
وتجهر رواية (ايزيس واوزيروس )ل عبد المنعم محمد عمرو.من عنوانها بمادتها الخام وتعلن عن انتسابها الى ما يسمى الرؤية التسجيلية
اما عيس الناعوري في (مارس يحرق معداته )يعيد انتاج الاسطورة ،بل يستخدم المعطى الاسطوري للتعبير عن واقع ويحاول الروائي هجاء الحرب وتمجيد السلام.
تنطلق (نرسيس )ل انور قصيباتي من اسطورة الفتى اليونانيnarcissus الذي كان بارع الجمال ،تحبه فتيات مدينته ،ولم يكن يبادلهم الحب والرواية تظل اسيرة هذه البنية العامة للاسطورة.
اما رواية (العنقاء او تاريخ حسن مفتاح )ل لويس عوض فانها تستلهم اسطورة العنقاء بسبب شيوعها في معظم اساطير الشعوب.
بينما (عودة الطا ئر الى البحر) ل حليم بركات تستلهم اسطورة الهولندي الطائر لتهجر من خلالها السلطات السياسية العربية ،التي قادت الى الهزيمة الحزيرانية ليس لان قادة هذه السلطات كالبحارة الذين يجهلون الملاحة ،ولذلك فهم غير قادرين على الوصول الى بر الامان.
(فساد الامكنة )ل صبري موسى
تعتبر اكثر رواية تلح على تفكيك بنى السلطات ،فالملك لا شاغل له سوى ارضاء نزواته ،لعلها من اهم النتاج الروائي المصري الذياستعان بما هو اسطوري لتعرية الحكم الملكي ابان الاربعينات.
وكما ان اختفاء وليد مسعود في رواية (البحث عن وليد مسعود)
تعبير عن رغبة في مواجهة الموت ،وفي الوقت نفسه عن سخطه بالواقع السياسي الذي ادى الى نكبة فلسطين ،ومتن الرواية يحتشد الى ما يشير بالقمع الذي يبسط سلطته الغاشمة على كل شيء.
(رامة والتنين)
تنتمي اسطورة الموت والانبعاث في رواية ادوار الخراط الى مستوى التعبيري ،ان اسطورة صراع الانسان مع الوحش الخرافي التنين تمثل لب الرواية ومحركها،لكنه لم يستلهم الاسطورة على نحو كلي، بمعنى انها لاتشكل متنا روائيا ، ومع ذلك تبدو مندمجة به ودالة على كفاءة عالية في استثمار تلك الاسطورة وبثها في عروق الرواية.
وتأتي (ممرات الصمت) ل فاضل الربيعي باحالة مكونات الحكي في الرواية من اساسها الواقعي الى حمولاتها الدلالية، ويبدو ان الرعاة الثلاثة الذين يعبرون بزهرة عشتارالبوابات السبع الى العالم السفلي، والذين يصفهم سعيد مروان بانهم يثخنون القلب والجسد بالجراح، هم رموزا لادوات السلطات المستبدة التي تبيح لهذه الادوات افتراس المناوئين لها.
وترتد رواية( آخر الملائكة) ل فاضل العزاوي الى خمسينات القرن العشرين في العراق، محاولة عبر اجوائها الاسطورية التأريخ لمن لا تاريخ لهم.
فالسلطة لم تكن باحسن حالا في العهد الملكي، او التي جاءت بعده، فهم حفنة من الجهلة اللاهثين وراء امتيازاتهم الخاصة. ويمثل التجريب السمة الاكثر بروزا في ابداع وليد اخلاصي، وقد تجّلت هذه السمة لديه منذ روايته الاولى( شتاء البحر اليابس) ثم ما لبثت ان شغلت لنفسها موقعا لافتا للنظر فيما تلا من روايات، عبّرت جميعها عما اصطلح عليه باسم الحساسية الروائية الجديدة، والتي كان اهم صفاتها استثمار ما يزخر به التراث الانساني من رموز واشارات اسطورية، يبدو المخلص اكثرها حضورا ،واكثر تعبيرا عن مؤثرات الكتابة في ادبه عامة.