غيابُكِ أَوْجَعَني
للشاعر نعيم علي ميّا
-×-×-×-×-
غيابُكِ ..
صلّى في دمي
فيا حقولَ البُكاءِ
طَوّفي على بيادر الدّموع
أَسْرجي غُصونَ الشَّمسِ في صدري
واتْركيني ..
أَلطمُ الرّيحَ في غَدوّي والإِيابْ
**
يَمشي صدايَ ..
مُتأبِطاً صَحراءَهُ
وغبارٌ يُوشْوِشُ عَرَايا الرّمال :
مَللْتُ مُدُنَ النُّعاس
جُزَرَ اليَباس
أنا عتمَةٌ تغشى
فأَشرقي ضوءَكِ
كُلُّ ما حولي ترمَّدَ وهْجُهُ وانطفأ
فأغيثيني ..
أَطْعميني مِلحَ الصَّباحْ
أنا ميّتُ الرّوحِ
أَتدلّى
قابَ خَفْقَتينِ وغُصّةْ
أَنا ..
صوتٌ ذَبِيحُ النّداءْ
أَكتبُ قصيدتي على
جدار غيمةٍ مُمطِرة
والشَّوقُ ..
يسكبُ في داخلي نارَهُ
فيصْهرني الَّلهبُ
**
آهِ ..
يا رُؤى البنفسج
إنّهُ البوحُ يـُحاصرني
رفيفَ المنى
والوجدُ يسكنني
يسافرُ فيَّ حنيني
وأبقى غريباً
أَجرُّ قاطرتي وحيداً
وأَغيمُ وراءَ منافي النَّصَبْ
**
وحين تَبعْثرَ فرحي
تدحْرجَ خوفي
وراحتْ أوقاتي تتعرَّقُ في ثوانيها
وأصابعي تُدغْدِغها رَعَشَاتٌ كالرّيش
تلهو بهنَّ قطّةٌ لاهيه
**
غيابُكِ أَوْجَعَني ..
فأَسندْتُ فجْري إلى
صدْرِ رصيفٍ عاشقٍ
وسرَّحْتُ ببصري
عبر نوافذ البحر المشرَّدهْ
ووددْتُ لو أقبضُ على نبعٍ
يخرْخرُ بين يديكِ
ثُمَّ أَمْضي
وعُرْيَ المطر
**
تطهّرْتُ بالدَّمعِ
وارتديْتُ عباءةً من غيمةٍ مُزَرْكشهْ
وأَسلَسْتُ خطواتي
أَنهكتُ صدْرَ المدى
فارتدَّ شوقي حطاماً
وغاب وراءَ تلويحةِ التَّعبْ
**
غيابكِ ..
كان أَوجعني
فانْقُري على قفصِ القلبِ
تتفتَّحْ أَضلاعُهُ
فأَتسلَّقُ دَهْشتي
وأُصْغي إلى
زقزقةِ عصافير الرّوْح
وأعلّقُ ظلّي خلفَ البابِ
وأَخْلعُ أَصواتي
ثُمَّ أتوارى .. أتوارى
وصَمْتَ المكانْ
***