ميزان الزمان – نقلا عن في موقع “هارموني توب إيجيبت” المصريّ:
حوار هالة نهرا اليوم مع الفنان المبدع مرسيل خليفة في موقع “هارموني توب إيجيبت” المصريّ. رئيس تحرير المجلّة والموقع الأستاذ المحترم ياسر بهيج وهو أيضاً مساعد رئيس تحرير جريدة “الأهرام” العريقة.
كتبت الإعلامية والناقدة الموسيقية هالة نهرا:
يفترش أفياءَ أوتارِ العود المزدوجة ومخيّلته الهاطلة. يُعبّد طرقاتٍ ودروباً جديدةً في أفضية النغم المشرَّع على المُطْلَق، وعوالم التأدية والأداء وانثناءاتهما وانعطافاتهما. من “ديوان العود” المرتقب تتدلّى ثمار تجاربه المضيئة المتقاطعة والمتراكبة. يتبدّى فيه تجريده الذهنيّ الرفيع، وممارسته العزفية التاريخية التي شكّلت علامةً فارقة في القرن العشرين كما الحادي والعشرين على مستوى الآلة النبيلة والعريقة ومتطلّباتها ورؤاها العصرية والحداثية. الديوان اكتنفتْهُ كتابةٌ موسيقية ينتظرها الجمهور النخبويّ لتلقُّفه وتلقُّمه ودراسته. بالتوازي، يؤلّف الفنّان اللبناني والعربي الجماهيري مرسيل خليفة “جدارية” تستند أساساً إلى شعر الفلسطيني الغني عن التعريف الكبير محمود درويش توأم مرسيل الفنّيّ منذ البدايات والإنطلاقة التي أنشأت ذائقةً فنيةً عربية جديدة ومغايرة للسائد. يجتهد مرسيل في الترجمة “الدياسيميائية” أي في ترجمةِ نظامٍ سيميائيّ بنظامٍ سيميائيٍّ آخر، وهو الذي طرح التساؤل التالي على الملأ منذ مدّة: هل يمكننا إطلاق مُداوَلة تكتنفُ تبادل آراءٍ ووجهات نظرٍ عن الموسيقى بغير لغة الموسيقى عَيْنِها؟
مرسيل المبدع المجدِّد بفرادةٍ وتواضعٍ وتأنٍّ، لم ينطلق من فجوةٍ أو من قطيعةٍ مع الموروث الموسيقي والفني العالميّ، والمشرقيّ العربيّ، والعربيّ عموماً. صانَ إلتماعاتٍ وإشراقاتٍ في التراث مُحَدِّثاً في نسيج بطانتها وطيّاتها وبعض طبقاتها، علماً بأنه قدّم بعضها ببساطةٍ مستحَبّة شعبياً بإحساسه المؤسلَب، سواء في لُجّة الأداء أو التوضيب والتوزيع الموسيقيَّيْن. قدّم العبقري سيد درويش على طريقته الخاصة، ومَرَّ بالغناء الساحلي والجبلي، والدور المصريّ، والقدّ الحلبيّ، والطرب في تشعّباته وتنوّعه واكتنازه… كما تشرّب التفكير السِّمفونيّ الغربيّ في رحابته وَسِعة تجلّياته المتباينة، لا بمعناه ومفهومه الضيّقَيْن والحصريَّيْن في المؤطَّرِ الناجزِ المتعيّنِ النهائيِّ الصارم. تاريخياً هذا ما فعله الفنّان المتمرّد الحالم. قال خليفة إنه يبحث عن موطىء قدمٍ في ظلّ اكتظاظ العالم حيث التدافع والعجيج، وفي التاريخِ الضاجِّ بالتحوّلات العاصفة. علّمَهُ العمرُ “احتساب الوقت بغاية التركيز تنقيباً عن صفوة الموسيقى المنعتقة من ثِقْلِ تاريخها ومن أعباء الواقع”.
من دون أن يتناقض أو يتنافر في متوالياته وتتابُعه وتراكماته، تَرجَّحَ نتاجُهُ عموماً بين تنويعاتٍ ومحطّاتٍ حرّة غنائية وعزفية، وتقاسيم حديثة مبتدعة مدوَّنة، وموسيقى مقوْلَبَة أو “قالبية” وأُخرى منعتقة… وضخامةٍ أوركسترالية لاحقاً – تشفّ عن سخاءٍ فنّيٍّ بَيِّنٍ- تُجاورُ “هوموفونيا” تعكس تقتيراً نسبيّاً لماماً، وموسيقى شرقية وعربية الهوى والهوية تُصاهران أحياناً “هارموني” حديثة ونظاماً “توناليّاً”، مع مراعاة خصوصيات الموسيقى العربية، وموسيقى “كلاسيكية” غربية في خلاصتها وجوهرها… وحداثية، ومعاصرة، وموسيقى مقامية أصيلة ثريّة بطبيعة الحال، مع جرعاتِ تجريبٍ ودمجٍ بين الموروث العربيّ والنسيج “البوليفوني” الغربي، إلخ.
حول جديد مرسيل خليفة الفنّي المقبل ورؤاه اليوم، أجريتُ معه هذا الحوار الذي نخصّ به موقع “هارموني توب إيجيبت” المصري، ونُبرز زبدة الحوار وومضاته الطازجة للجمهور والقرّاء.