د. قاسم قاسم في ” مشوار اليوم ” مع :
الكاتب المسرحي والناقد والشاعر عصام محفوظ
-×-×-×-×-×-
خاص ” ميزان الزمان ” الأدبي
كتب د. قاسم قاسم :
عصام محفوظ.
ولد من عائلة ادبية، والده طبيب الاسنان الشاعر عبد المسيح محفوظ، صاحب ملحمة كربلاء لقب ب (بلبل الجنوب)،
يروي جان داية:
انه في العام1959 هبط عصام محفوظ من بلدته الى بيروت، واقتحم مكتب مجلة شعر قائلا لرئيس تحريرها يوسف الخال:
انا عصام محفوظ
يسأله الخال عن الهدف من زيارته، فيقدم له مجموعة من قصائده وقفل عائدا / على حد وصف الخال للقائه الاول بمحفوظ.
عندما قرأ يوسف الخال لشاعر لم يتجاوز العشرين، بشّر ادونيس، انسي الحاج، شوقي ابي شقرا، ومحمد الماغوط والاخرين بولادة موهبة جديدة
يقول عصام محفوظ في ديوانه (العيون الباردة):
كفي يا ابنتي! اغلقي النافذة
على مهل.. في عيون الحبيب
وفي وشوشات المساء الغريب
بعد هزيمة حزيران1967، شعر ان المرحلة لم يعد يليق بها الشعر ، وانها تحتاج الى ما يجعله على تواصل مباشر مع الناس، وكانت آخر قصائده (وداع الايام الستة.)
ويذكر شكيب خوري:
لا ازال اذكر يوم اعطى المسرح اول عمل مسرحي له الزنزلخت، وكان قد زارني في دار الاذاعة اللبنانية في مكتبي حاملا معه ظرفا وفي داخله مسودة الزنزلخت. قال لي تفحصها كلها كانت خربشات وملاحظات.
عام 1964 قدمها الى منير ابو دبس وفرقة المسرح الحديث، ليتم اخراجها. ووضعها على الخشبة، لكن ذلك لم يتم ولم يرها المتفرج الا عام 1968 باخراج برج فازليان
ويروي عصام محفوظ ان طفولته ورؤيته لاحتفالات عاشوراء شكلت بداية وعيه لقيمة العدالة وغذت الغواية البصرية في مخيلته..
من هذه المشهيات يستنتج محفوظ “ان الحياة تصبح احيانا اصعب من الموت”وهو تماما ما قاله الزعيم عن فرج الله الحلو في “ستريو71 “التي صدرت سنة1971.
بقول في ” المانيفستو” الشهير:
انني اولا، وقبل كل شيء ضد الكلمة الشعرية في المسرح، ضد الخطابة، ضد الغنائيةضد الفكر، ضد كل ما يقتل الحياة في اللغة الشعرية.
وجاءت نصوصه المسرحية مشوبة بسخرية سوداء تقارب العبثية ويشير رفيق علي احمد: انه حاول اي عصام محفوظ غسل المسرح من الوهن والبكاء ورغبات الحكام، فيما يورد عباس بيضون :انّ في مؤلفات محفوظ العمق الثقافي ذاته الذي وسم اعماله النقدية والشعرية وكان يكتب بطريقة اقرب الى الاسلوب الحكائي السردي.
في كتاب باريس السبعينات. لقاء الشرق والغرب الصادر عن دار نلسن2018
يتساءل عصام محفوظ:
ماذا يبقى من النص المسرحي الذي يخاطب واقعا معينا في زمن معين، ؟ هذا هو السؤال الذي وجهته الى نفسي وانا في طريقي لحضور مسرحية عرض- نيكراسوف- لجان بول سارتر، بعد انقضاء ربع قرن من العرض الاول، وكان سارتر قد كتبها في الاصل نقد للصحافة الملتزمة، ويذكر انه عندما خرج رولان بارت من العرض الاول قال:
انه عاد يشعر بانه تحرر من جديد، ذلك ان سارتر وللمرة الاولى في تاريخ المسرح الفرنسي الملتزم يفضح العلاقة بين السلطة والصحف التي تدافع عنها.
وفي تشريح للدكتاتوريةمن جهة ، والديمقراطية من جهة اخرى، قدم المخرج المسرحي الانكليزي بيتر بروك في باريس شخصية- اوبو- بعد مرور ثلاثة ارباع القرن على خلقها للمرة الاولى، ويتابع محفوظ ، ولقد عرف بروك ان يرسم عبر مسرحيتين – لجاري- ادخلهما في عرض واحد ، وجهي الحرية لعملة واحدة : اوبو ملكا، اوبو خادما.
ويتابع، تكاد مسرحية في” انتظار غودو ” ان تكون اكثر تعبيرا عن حالة عامة لدى المثقفين، وهي عادت الى خشبة المسرح الوطني في الاوديون بعد غياب طويل ، وجاء وقت قيل ان بكيت وضع في هذه المسرحية صورة ابدية عن الحياة، يوازي مثل شعبي عندنا الذي خلق علق.
يمنى العيد الناقدة الادبية جارته، تتذكره:
اقف اليوم امام مكتبتي، مقابل الكنبة الكبيرة التي كنت تجلس عليها، استعرض كتبك التي كنت تحملها الينا تباعا، يقع نظري صدفة على ديوانك الشعري – الموت الاول-، واقرأ اهداءك الى جارتي في الفكر والنقد والادب.
اقرأ ما كتبته بخط يدك:
امضي الى غايتي
واعيني مغمضة
احمل في صرتي
خبزي ومجد ابي
وسيفي الابيضا
امضي بلا غاية
متوجا بالرماد
تضيىئني صورتي
وشمسي الغاربة
على جبين البلاد
ارسم في غربتي
مدينتي الغائبة
وزرقة وحداد
ترك عصام محفوظ مؤلفات عديدة في المسرح، الشعر، حول الرواية، وحوارات مع رواد في النهضة المسرح والشعر.
كتب وهو في لحظات الوداع:
” لقد اصابني ما اصاب عاصي “
يقصد عاصي الرحباني.
كم من نكسات تتالت على وطننا، وكان لفن وسيلة المبدعين للتعبير عن اوجاع شعب عانى ولا زال. شكرا دكتور قاسم على الموضوع الذي طرحته لتتابع معنا درب الثقافة.