منذ ٤ آب*
كأنّ المدينةَ تنامُ
يأسًا
خجلًا
أو من فرطِ التعب.
لا تحتاجُ إلى سرير
قبرُها دخان
والسماءُ
نورسٌ تكلّس في المدى.
كأنّها تنام
ومسرح المدينة يستعيد
مطلع أغنية قديمة
عن البلد المعجزة.
سقط القمرُ فوق أكوامِ الرماد
احتضنَ أشلاءَ الرفاق
بعدها
صار نايًا حزينًا
يعزف للبراري في الغسق.
سقطَ العدلُ
والسماءٌ عجّت بالأسماءْ
كادت تفيضُ بصمتِها المريبْ،
وفي توابيتَ بيضاءَ صغيرة
نامتِ الحقيقة
نومًا أبديًّا،
وحرّاسُ المدينة
يتبادلون الأسرارَ
والصور
عن الشاهدِ الذي لم يرَ شيئا
من الجريمة،
ويرمون الأرواحَ في العراء
من جسدٍ إلى جسدْ
إلى اسمٍ
إلى رقمٍ
على شاطئ مُرٍّ
يشبهنا.
سقطتِ السماءْ
والأرضُ حبلى
بكلِّ هذا الهراءْ
والقاماتُ
تنحني على نفسها
أمام الهباء.
لم نجد على الرصيف
ما تناثر من لحمنا الأزرق
ولم نجد تفسيرًا لنواياهم القاتلة،
انفجرنا
قبل أن ينفجر المرفأ
وفي الوقت المستعار
كان الصباح يطلّ من دون رأسٍ
وكنّا نصدّق
أنّ يدَا ربّانيّة
تصنع من أحزاننا ذكريات
توزّعها على السيّاح
في الجزر البعيدة.
السجنُ… بلادٌ
نسيتْ اسمَها
وما كانتْ
وما قد تكون،
والبحرُ وحشٌ
أسودْ
يحمل خواءنا في مركبْ
ويرمينا
في عمق منافينا،
الصمتُ يطنُّ
كذبابة
فلنكتبْ وصيّتنا الأخيرة!
2022 أيار (مايو)
( بقلم الشاعرة : لورا مقدسي)
( * آب : أغسطس / تاريخ حصول انفجار مرفأ بيروت )