معنى الفن
البحث عن معنى الفن، قديم، قدم الخلق، قدم الوجود. وهو يعيش في “ثنائية” حميمية مع الشكل. فكل شيء في الوجود، لا يخرج في حقيقة أمره، عن هذة المعادلة البسيطة والصعبة في آن، والتي تشكل ثنائية الشكل والمعنى لكل فن.
هذا الخلق،هذا الوجود، بما فيه من كل شيء، لا يشذ في تموضعه في الحياة، زمانا ومكانا، عن الحضور، في الثنائية البسيطة والصعبة هذة: “ثنائية الشكل والمعنى”.
الفن هو أساس في كل شيء في الحياة. بل لا نغامر إذا قلنا: إن الحياة ، بل الوجود أو الخلق الحياتي كله، إنما هو عمل فني متكامل، يبحث بصورة دائمة على معناه. فكيف لا يتجند الناس للبحث عن “معنى الفن”، وهو في صلب حضورهم التاريخي. كيف لا يقطعون الوقت، وهم يتحرون وجوه المعاني، لكل الأشكال التي تحتويها الفنون.
مسألة الشرح أوالتفسير، لكل شيء في الحياة، إن هو إلا مغامرة بكل ما في الكلمة من معنى. لأن الناس لا يلتقون على طريق واحد. ولا يتفقون على تفسير واحد. ولا شرح واحد. لأن أهواءهم، كما قلوبهم وعقولهم، شتى. فكيف يمكن أن نتفق على صوغ معنى واحد للفن، في ظل هذا الشتات العظيم، في دنيا العيش، والحياة.
وحدهم العلماء يذهبون إلى فن، على أساس توسعة معارفهم به، وعلى أساس توسعة باب المعرفة فيه. أما ملاك المعامل والمخابر والمصانع، كما ملاك الثروات، وملاك الدول وملاك الإمبراطوريات الصغرى والكبرى، فهم في سعي دائم للحيازة والتملك وتوسعة الثروة وتوسعة الملكية، وتأبيد الحيازة للفنون. ولهذا لا نجد معنى واحدا للفن، في غمرة ضياع معنى المعنى في الفن.
والسؤال المشروع، هو عن تجند العلماء لخدمة الدول، أو عن تجندهم للمعرفة. إذ البون شاسع، بين من يتجند لخدمة “مشروع دولتي”، أو لخدمة “مشروع معرفي”. أما السؤال الأصعب والأقسى:
هل هناك مشروع معرفي مستقل، لمعنى الفن؟.
فأين يعيش الفنان اليوم، حتى يكون مستقلا. ومن أين له توفير أسباب الحياة. ومن أين له توفير أسباب الصنعة والصناعة الفنية، وصياغتها على صورة معرفية بحتة، غير مطوعة لخدمةما، أو لحيازة ما، أو لملكية ما.
الملكية القهرية، هي التي تشرح وتفسر، ما هو مطلوب من الفن. والصراع على الفن، وعلى معنى الفن، إذا كان، قد نشأ منذ أول الخلق، بين قايين وهابيل، فهو أعظم بآلاف الدرجات، بعدما عظم “الطمع الدولتي” بالناس، من كل الجوانب. فصارت كل فنونهم، وكل أعمالهم، هي عرضة “للقوة القووية”. وصار العلماء إلى ضياع معنى المعنى للفن. لأن العمل الفني، صار عملا دعائيا. وإسناد الدعاية إلى العلماء الطهرانيين، لن يزيد الأمور إلا سوءا.