لقاء وكلمة مع د. عماد يونس فغالي :
على أوزان العُلى
أن تتعرّفَ بشاعرٍ تُعجبُ به، ليس الأمرُ غريبًا متى كنتَ رائدًا في الدوحة الأدبيّة.
قيلَ لي وأنا ألتقي أسامة شحرور: هذا شاعرٌ عالٍ، يهمّني رأيكَ فيه، وقيلَ له عنّي: هذا ناقدٌ لا يساوم!
عندما اعتلى المنبر، وانبرى يدفقُ شعرًا، لغريبٍ فيّ، حسبتُني في معبدٍ وهو يؤمّ المصلّين.
في اعتقادي، الشاعرُ متى يرتفعْ، يطلْ مرتبةَ النبيّين. أسامة شحرور، كأنْ نظمَ شعره، على أوزان السماء، قافيتُه هُدىً وقفلتُه وحيُ صلاة! أُغالي؟ هاكمُ من قصائده:
…حسّيت لازم عالسما علّي
شفتو بِتوب النور وِالاخلاق
خلف النبي
واقف عمِ يصلّي.
وفي قفلةٍ:
… و دمع السما
طرطش تيابن ميّ ..
وقصيدتُه “ركعتين”، حبكةٌ من فوق. نعم وإن كان الشيطان هنا مَن يصلّي… تلكَ مُلهَمةُ الشعرِ مرسلةٌ، عرف شاعرُنا توجيه بوصلتها إلى مراميه السميا.
وفي قراءةٍ عبر التصاعُدات، مهلاً، المتصاعدُ إنسانٌ في ملء. تَراه في رؤيته الأفقيّة، ينظرُ أخاه الإنسانَ من داخل، يغوصُ في عمق إنسانيّته، يتّحدُ معه، مشاعريًّا ثمّ شركةً تامّة في الحالة، خصوصًا تلك المتألّمة، “ديب الشتي” و”جرح الفقر” نموذجًا.
على المنبر، لا يلقي أسامة شحرور قصيدتَه، هو يحياها موضوعاتيًّا، كمن يدعوكَ إلى تلمّسِ حالته تضامنًا، بل إلى تشاركِ نفسِه الشاعرة في ولادةِ أبياته، فتتمخّضها معه لتلد فيك!
مواهبيّتُه صانعةُ الفرقِ الشاعريّ، لولاها حسبَ السامعُ نفسَه شريكَ الوحي… في تلكَ، صقلٌ مستدامٌ يحفظُ لكَ شاعري لا ما أنتَ عليه اليوم، لكنْ استزادةَ ألقٍ ودهشة…
يعتمد الشاعر في قصيدته السرد، غالبٌ الفعلُ الماضي على السياق وإن وردَ المضارع، فهو في خدمة الماضي. في نصّه السرديّ، أنتَ في عاديّاتِ يومٍ لأيّ امرئٍ، كأنِ الموحى من صُلبِ الحياةِ في طبيعتها، يريد الشاعر أن ينقلَ لنا.
الشاعرُ الحبيب، بين قصائدكَ البين يديّ، ومتابعتي تلاواتكَها، أقول عرفتُ مبدعًا، باكورةُ معرفتي بكَ تعِدُ. حسبي أرتقي معكَ دومًا!!
تحياتي واحترامي لحضراتكم