ينشر موقع ” ميزان الزمان ” الأدبي والفني في بيروت مقابلة أجرتها الكاتبة جمانه السبلاني مع الرئيسة السابقة لجمعية الفنانين التشكيليين في لبنان الفنانة التشكيلية ديما رعد التي تستمر في عرض لوحاتها في معرض ( Faces in a row ) حتى 8 نيسان المقبل في صالة ( Caf Art Gallery ) في الأشرفية في بيروت .
كتبت الزميلة جمانة السبلاني :
الفن هو الإبداع في التّعبير والرّسم هو أحد وجوهه. هو ذلك الخيط المرئي الذي يستلزم خلق علاقة وطيدة ما بين الأصل والصورة أكانت حقيقة أم خيال . هو التّعبير عن الأشياء بواسطة الخُطوط والبُقَع والألوان، يتِمُّ التّعبير فيه عن أحاسيس وأفكار وأشياء ومواضيع تتخطّى اللّوحة وتخرج إلى العلن كعملٍ فنّيٍّ قائمٍ بِذاتِه …
ضيفتنا اليوم هي الفنّانة التّشكيليّة الدكتورة ديما زكريا رعد تحاول من خلال معرضها أن تحاكي الوجوه وتجعلها تطرح الأسئلة عن الوجود وعن الواقع الإنساتي بين الفرح والحزن والحياة والموت دون ان تنتظر الأجوبة.. وجوه الفنانة ديما رعد تتوالى بأشكال متعددة وبألوان متعددة بين الزهو والعتمة كسريالية الحياة ..
التقينا الفنانة ديما رعد على هامش معرضها وبادرناها الى القول :
-أهلاً بكِ دكتورة ديما ، في البدء ماذا تقولين عن مسيرتك والفن التشكيلي ؟
.. إن أي فنان لا يعي بالضرورة موهبته في الصغر بل هناك من يشير اليه بالموهبة وهذا ما حصل مع أهلي عندما نصحهم الفنان القدير رفيق شرف لما تجمعهم به من صداقة قديمة بأن ألتحق بالفنون الجميلة لتنمية هذه الموهبة. وهذا ما حصل الى أن اكتشفت بعد التخرج الاكاديمي أنه من الضروري جمع ما تعلمناه من تقنيات وأدوات والبدء في إعادة التفكير بتحقيق الهواجس التي تسكنني بالأسلوب الأقرب إليّ واستخدام الاكاديميات لتحقيق الهدف المنشود في تغيير نمطية الرؤية البصرية المعتادة لأن الفن هو عبارة عن عملية تركيبية وتفكيكية ورياضية من خلال خلق التوازن اللوني والتأليفي من خلال الاعتماد على ثقافة بصرية متطورة عبر الزمن. وفي عالمنا الحالي الاحداث المتسارعة والانفعالات واللااستقرار في الذات البشرية تدعو الفنان الى تغيير جذري لسطح اللوحة وإيصال التموّجات الحاصلة في العقل الباطني و الوعي المستتر. من هنا تأتي وجوه معرضي مزيجاً من ملامح مرت عليَّ في حالات متقلبة متسائلة عن وجوديّات الانسان والخلق وما تعتمره هذه المشاعر.
أما لماذا الوجه كموضوع؟
أرى في الوجه المركز الأساسي في التعبير الإنساني فمنه تنطلق الأوامر لتحركاتنا الفكرية والجسدية ومنه ينبع التعبير.
وأود ان أشير أنني لا أرسم الوجه كبورتريه، بل أجعله ينطق بكل ألوان الطيف اللوني وبقايا الإشارات التي تنبع منه دون الولوج الى تفاصيله لأجعل منه لوحة تحاكي الداخل وابتكار ملامح للأشكال الانسانية وليست تفاصيلها التي بإمكاننا التقاطها عبر الصورة الفوتوغرافية لتي هي بذاتها دخلت أيضا الحداثة وتبدلت بتبدل التقنيات العصرية والالكترونية.
من هنا يأتي الفن ليشير الى مرحلة العصر الذي نعيشه وتطور الابتكار يعتمد على التحولات الفكرية والفلسفية والرؤيوية كشاهد على المرحلة الاجتماعية التي نعيشها.
اما المرحلة التي نعيشها في لبنان أقرب الى السريالية منها الى المنطقية فيكون التعبير عنها بالمواضيع الأكثر حساسية منها: الحرب وتأثيراتها، الوضع الاقتصادي الخانق حد الذل، التشرذم في المفاهيم الوطنية والانقسامات الحاصلة بين الأطراف، الفساد اللامحدود….كلها مواضيع نراها في وجوه اللبناني التائه في هذا الكم الهائل من الأسئلة دون إجابات.
لقد كان الفنان منذ الأزل الشاهد والمؤرخ لعصره، فالتحولات التي حصلت في لبنان كبيرة ومتسارعة مما يجعل الفن صورة عن ما نمر به إنْ من خلال الخط او اللون او التأليف.
وجوهي تشبه الى حد كبير ما تختزنه ذاكرتنا من أحداث فيها الألم، الغضب، الحب، الفرح الضائع، الموت، الحياة، السؤال،… مزيج من الاختلاجات والخوالج.
إن الرسم هوعملية بحثية يومية ان من خلال المشاهدة والترقب وان من خلال ممارستها عبر التنفيذ لاكتشاف المحتوى الذي سيبرز بعد هذه المشاهدات وأركز على ان الثقافة التي نختزنها تفضي الى مخزون عميق وتضيف للتجربة الفنية غنى في الابتكار والتجدد. ليس كل رسام فنان. انها عملية معقدة وصعبة لخلق الاشكال وابتكارها ومحاكاتها لتبرز ملكتها عند الفنان.
_ ما هي التأثيرات التي كوّنت شخصية ديما رعد حتى جاء أسلوبها ينهج طريقاً مختلفاً عن فناني جيلها؟
– بادئا لم أقرر النهج أو الأسلوب الذي أريد بتكوينه في لوحتي بل أخذت وما زلت أبحث عنه لكن في طور اكتشافه لاحظت ان الموضوع يتكرر لديّ دون اللجوء الى إقحامه في عقلي بل هو نتيجة تجارب وبحث دائم عن هويتنا الثقافية والفكرية والفنية مما حدا بي الى تكوين وتثبيت الفكرة – الهاجس في واقعي ومخيلتي.
هو نوع من التمازج بين توطين هذا الوجه الهارب والفالت وبين إعطائه مساحنه وتثبيت مكانه مهما كانت دلالاته او اتجاهاته. لم أشأ ان يبقى عالقا في الأثير لمدة طويلة لأني أدركت قيمة الزمن وخطورته على محوه فالأفضل اطلاقه عوضا عن السؤال كيف سيكون شكله اذا لم يتم تكوينه واكتشافه.
من هنا بدأت رحلة التخاطب مع اللوحة لتوصلني الى إمكانية ابرازه وبدأتُ معها أتلذذُ بالمسارات اللونية والتكوينية للوحة لدرجة أني لم أعد أفكر بالمنتج الفني كحالة جاهزة مسبقة للظهور.
هذا لا يعني انني لا أفكر بكيفية تعايش الألوان في مناخاتها ودراسة توزيعها بل العكس من ذلك، هذه المرحلة هي من أشدّ المخاضات التي تؤرق الفنان.
أما التأثيرات التي كونت شخصيتي فهي عديدة، إنَّ أيّ شخصية تتكون من خلال مسيرة الانسان منذ الولادة حتى آخر لحظة في حياته. تبدأ من البيت، المدرسة، الجامعة، العمل، المحيط، العلاقات الإنسانية، التجارب… ولا ننسى الشخصية الأساسية لكل فرد بتلقي هذه المسيرة الحياتية.
بالنسبة لي وباختصار، كانت مسيرتي في تحدٍ دائم لطالما اعتمدتْ على الأسئلة والفضولية للمعرفة.
– ما هو تأثير الكلمة في لوحة ديما رعد ، ومدى انحيازها إلى النص ؟ – هل للفكرة أداء هندسي في ذهنك أم انك تؤمنين بالتداعي اللحظوي خارج الفكرة المصممة …بناء اللوحة لديك…
-أ- في البدء كانت الكلمة… الكلمة في أيامنا الحالية تختلف عن بدء نشوء الانسان، لأنها تطورت كمعنى ومضمون واخذت حيّز الزمان والمكان. فأصبح من السهولة التعبير بأدواتها لتلم بالقصة والتاريخ والتفكير والتدوين… الى الولوج لدواخل الانسان .قأصبحت ملتصقة بالتفكير الإنساني بسباق دائم في تطويرها من هنا إنَّ أيّ عملية تطويرية للذات لا بد ان تعتمد على القراءة والتبحر في الفكر الإنساني الذي ابتكر هذه اللغة لتعطينا خلاصة ما جاء فيه المفكرون والمبدعون والعلماء والمؤلفون والمؤرخون… فهي غذاء سحري للتعمق بالمعنى.
-ب- إن الأداء الهندسي هو نوع من أنواع الفكر. كما سبق وأشرت إلى أنّ الثقافة تحتوي كل الأداءات. فليس بالضرورة أن نهندس اللوحة مسبفا بل إنّ الثقافة الفعلية هي المحيط الكامل لعملية التكوين.
بالنهاية عملية التكوين تنطلق من المعطيات الثقافية التي انتجها فكرك وخبرتك وتجاربك وتطورك مع المتبدلات الحياتية لتصبح مسكناٌ للهواجس والانفعالات.
– مدى رؤيتك الفلسفية في الحياة والوجود والمصير…كيف يتداعى ذلك في لوحاتك؟ ..هل يقوم ذلك على مبدأ السؤال أو على الكيف ، أي الجمالية الفنية للّوحة…ما المغزى من الفن برأيك؟
– بما انني فضولية فمن الضروري ان يكون السؤال والكيف معا أساسا لاطلاق أي عملية تكوينية لدي.
هذا الفضول أحمله من صغري ولا اتوانى أن استمر بطرح الأسئلة لأنها عملية انطلاقية لتاسيس ما بعد الفكرة.
لذا يأتي اللون بتجرده ليعبر عن ما بعد الفكرة. متخطية الخوف الكامن من السؤال والكيفية. ويتضح في طريقة معالجتي للوحة. فهي الحامل لكل أسئلتي المتاحة وغير المتاحة. وهي المساحة الحرة بامتياز بما احمله من ما تبقى من المخزون المحمل دون استئذان.
ســـيرة ذاتيـــــــة مختصرة
الإسم والشهرة: ديما زكريا رعد
الاختصاص:
• دكتوراه في تاريخ الفنون – الجامعة اللبنانية .
• ماجستير رسم وتصوير- معهد الفنون الجميلة- الجامعة اللبنانية.
• ماجستيرفي علم الآثار- كلية الآداب والعلوم الانسانية – الجامعة اللبنانية.
المناصب التي شغلتها:
_ رئيسة قسم الفنون التشكيلية الفرع 4- كلية الفنون الجميلة والعمارة- الجامعة اللبنانية
• رئيسة جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت سابقا
• مديرة شؤون السينما والمسرح والمعارض في وزارة الثقافة منذ العام 2011حتى العام 2014
• رئيسة دائرة المعارض في وزارة الثقافة منذ العام 1993 حتى العام 2014.
• أستاذة في معهد الفنون الجميلة – الجامعة اللبنانية منذ العام 2005 حتى حينه.
• أستاذة في دار المعلمين – بئر حسن سابقا
• عضو المجلس الاعلى للطفولة – وزارة الشؤون الاجتماعية منذ العام 2005 حتى العام 2014.
• عضو الهيئة التنفيذية وامين صندوق سابق للجنة الوطنية اللبنانية للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO)
• عضو سابق في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة برتبة ظابط جندر.
• مشاركة في إعداد المناهج التربوية الفنية التابعة للمركز التربوي للبحوث والإنماء.
• مشاركة في إعداد مقرر ثقافية لدور المعلمين والمعلمات – المركز التربوي للبحوث والإنماء.
• أمينة العلاقات العامة لنقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين سابقا.
• منسقة ومشرفة على الاسابيع الثقافية التي أقامتها وزارة الثقافة في الخارج ابرزها في الدول التالية: فرنسا، بريطانيا، المانيا، الولايات المتحدة، قطر، الاردن، سوريا، الصين، الهند، البرتغال، اليمن، السودان،ابوظبي، السعودية،سويسرا، الجزائر، بنغلادش، اليونان، كولمبيا، سويسرا…
• مشاركة وممثلة للبنان في مؤتمرات محلية ودولية عديدة.
• عضو في العديد من لجان التحكيم محليا ودوليا.
*مؤسس سمبوزيوم بعلبك الدولي للرسم والنحت 2018
الدورات:
• دورة تدريبية عن العلاقات الاقتصادية الثقافية بين دول العالم- الصين.
• دورة تدريبية بتنظيم من السفارة الالمانية في لبنان عن تبادل العلاقات الثقافية بين الدول-المانيا.
• دورة تدريبية للحفاظ على الأعمال الفنية وأرشفتها وتوضيبها وكيفية ترميمها- سنتر جورج بومبيدو – باريس.
دورة تدريبية في كيفية ترميم الجداريات – دير قنوبين – لبنان، الأونسكو، مديرية الآثار ICCROM
المعارض:
• أقامت العديد من المعارض المشتركة ونظمت للمشاركة في البينالات في البلدان التالية: هولنده، البرتغال،الكويت، بنغلادش، اليونان، الجزائر، السودان، سوريا، السعودية، قطر، مصر، الأردن ، أبو ظبي، الشارقة، اليابان، الصين.
• معارض خاصة : لبنان، المانيا، فرنسا، سويسرا، كولومبيا، دبي
• قوميسور ومشاركة في عدة معارض محلية وخارجية ابرزها: الولايات المتحدة ، بريطانيا، فرنسا، المانيا، الجزائر، الصين، مصر، سوريا، البرتغال، قطر، الأردن، اليمن، لبنان،الهند، ابو ظبي، السودان
• قوميسور عام بينالي بيروت الدولي لرسوم الأطفال –بيروت- لبنان.
• حائزة على العديد من شهادات التقدير واخرها جائزة الابداع الفني لعام 2014 من جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت
_