توقّع الكاتبة والشاعرة مارلين سعادة ديوانها ” أبعد من حدود الوجود ” بين الرابعة والسابعة مساءً / يوم الأحد 6 آذار المقبل / في جناح منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحادة في معرض بيروت العربي والدولي للكتاب .
موقع ” ميزان الزمان ” يتقدم من الكاتبة مارلين سعادة بأطيب التهاني في ديوانها الذي صدر مؤخرا عن ” مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية “ويقطف من الديوان المقدمة التي كتبها له الدكتور ربيعة أبي فاضل ..وهنا النص :
(كلمة الدكتور ربيعة أبي فاضل في مجموعة “أبعد من حدود الوجود” لمارلين سعاده)
الكلمةُ الشِّعريَّةُ الملجأُ.. !
قال أبو تمام، حول مصير الشِّعر: “وأُطفئَ في الدُّنيا سراجُ القصائدِ”، “ألا إنَّ نَفْسَ الشّعر ماتت…” وقال أَبو العتاهية، حول مصير الدّنيا: “لأنّ محاسنَ الدّنيا سرابٌ/ وأيُّ يدٍ تناولتِ السَّرابا!” وشبَّهَ أَبو تمّام دهرَنا هذا بـ “الحمار”، ورأى أبو العتاهية أنَّ الزمانَ “ذو انقلاب”، وأنّ دارنا، هنا، “دارُ ذلّ”! وأضاف أبو تمّام أنّ الودَّ قد كَدُرَ في زمانه، وزماننا، حتمًا، وأنَّ النّفاق تَسَيّدَ وتمدّدَ! كلّ هذا يُذكّرني بكلمة لوليام تبلر ييتس (W.B.Yeats): “إنّها الفوضى غَيَّمتْ على العالم، إنّها اليُمومُ ابتلعتِ البراءة!”
ولا تزال بعضُ القلوب تَنبضُ، وتكتبُ، وتستمرُّ بعضُ الأرواح في تَحدّي السَّرابِ بالودِّ، والغيابِ بالحضور، والعتمة بالنّور، والنّفاقِ بالبراءَة، والفوضى بالشَّغف الفنّي، والروحيّ، وبالشّعر الذي كأَنّه، وسط المناخ المأسويّ، يتحلَّى بـ”الإفريس” أو التخطّي، فيتجاوز الدَّهرَ الحمارَ إِلى دهر آخرَ، يَنسجُ هويّته الإنسانُ، مُسْتعينًا بآلهةِ الداخل، بالطّفولة الخلّاقة، متحرّرًا من العبوديَّات المُتراكمة، ومن وحوش الخارج… فالأرواحُ النقيّةُ تتفتّحُ دائمًا، كالزَّهر، وتَعرفُ الطريقَ إِلى النّفحات الطيّبة، في جنّة الذّات، والحياة، بعيدًا عن سلطة اليأس.
هذا ما نلمحه في تجربة مارلين سعاده الشعريّة، فالزّمان غاص بها الى أعماق البحار، وحلّق فوق الغيوم، لكنَّ ثوبها الأبيض بقي ناصع البراءَة، لم تشوّهه اليُموم أو السُّموم، أو اللّطمات (حُبّي المجنون)، برغم المجون في دار الذلّ، وفي الدّنيا السَّراب! إنّ حبَّ هذه المرأة حلم حارّ، ودنياها جنّة وثمار (أُهديكَ قصيدة) تحميها من جنّ الحضارة، ونار ضجيج التكنولوجيا! هنا، تُمثّل الكلمة الشعريّة لحظة الولادة الجديدة، لحظة طفلة لا تشيخ، ولا تتخبّطُ في أهوالٍ، حولها، فتسدل ستائرها، وتدعو الآخر إلى عالمها (أبعد من حدود الوجود)، إِلى العشق الطّفولي، والفرح الأبديّ.
إنّ الشعر لم يمت إذًا، ونفسه حيَّة، ولم يُطفأُ سراجه، لأنَّ زيت الذات الشّاعرة يُجدّدُ نوره، ويُعلن الاتّحاد الفريد، وسط نظام كونيّ، يشهدُ التّبعثر، والتفكّك، والأحزان، والعواصف، والرّياح… لكنّه مُتماسك، مُتناسقٌ، متكامل، نسمعُ موسيقاه، وائتلافَ عناصره، لأنَّ يدًا تَحرسه، وتُباركُه، وَتَرعى شؤونه. والشّعر لا تكفيه المشاعر الصادقة الحارَّة، ولا الأَسجاع، ولا التّوازيات والتّوازنات، ولا الموضوعات الجاهزة، المكرَّرة، ولا الرومنطيقيّة الباردة، ولا السّورياليات البائدة، فهو إمّا أن يكون ميتافيزيقيًّا، كونيًّا، خلاصيًّا، فضاءً للغبطة، والإلهامات، والتّألّه، أو يبقى أسير الحدود، والوجود، ولا يرحل إِلى أَبعد. ورحلة الشّعر في حقيقتها، لا تنتهي!
أَوليستِ الكلمةُ الشِّعريّةُ هي الملجأ؟!
ربيعة أبي فاضل