الاعلامية كلود صوما في “ورد الكلام ” مع الكاتب د. جوزاف الجميّل
خاص ميزان الزمان – كتبت كلود صوما :
عرفناه رسول المحبة والانسانية والكلمة الطيبة ، العابق بنفحات الطيب ، ينثر عطر الياسمين بأروقة السطور وصفحات المنابر .
حضورٌ باذخٌ وهطولُ زاخرٌ من قلمٍ يستحق كل الاحترام والتقدير ، انه الأديب المتألق الدكتور جوزاف الجمّيل .
معه كان اللقاء مثمرًا غنيًا ، تشعر بعاطفته ،تلمس احساسه وتحّس بنبض قلبه وعصارة فكره .
قريبًا سنحتفل بباكورة كتبه المطبوعة ” اكتب باسم الحب ” الصادر عن منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء والذي سيتم توقيعه في معرض الكتاب في بيروت في آذار 2022 .
.. التقينا الكاتب د. جوزاف الجميّل واجرينا معه حديثا يسلط الضوء على شخصيته الأدبية والثقافية , كما قمنا بجولة على نتاجه الأدبي حيث سننشر بعض المقطوعات الأدبية والشعرية التي كتبها مؤخرا ..
بدأ مشوارنا معه , بسؤالنا التقليدي الذي نطرحه في مستهل كل لقاء نجريه في ” ورد الكلام:
هل لك أن تعرف القراء إلى شخصك الكريم؟
عزيزتي، كم هو صعب هذا السؤال ! أتخيل سقراط يسائل نفسه عن أناه فيجيب: أيها الإنسان اعرف نفسك. ومن أجل أن يكتشف عمق الأنا، تجرع السم، ففاضت روحه نحو الملأ الأعلى، حيث تفاصيل الحياة. وقدرة الإبداع تكمن في التفاصيل.
من أنا؟
علامة استفهام تبحث عن غير جواب.
والجواب يغوص في ماض غارق في إشعاعات.الأمس، وما قبل الأمس.
في إشعاع ترتج، جبل التاج، ولدت، تحيط بي أربعة جبال، يكللها الثلج نقاء حب، ولقاء حياة.
طفولتي عادية، في كنف مدارس وجامعات، بين ترتج وجبيل وبيروت، حيث نلت شهادة الدكتوراه اللبنانية، وبدأت التعليم في جامعة الوطن.
من أنا؟
أعجز عن الجواب، لا حزنا ولا فرحا.
هل أفرح لأني أنا، في زمن البحث عن الهوية والانتماء؟
هل أحزن لأن المشتهى بعيد المنال، وفي القلب غصات ودموع؟
لست أدري. قد يكون في كتاباتي بعض الجواب.
متى بدأت حياتك الفكرية؟
الفكر ليس له بداية، ولا نهاية. إنه استجابة واعية لأحلام الإنسان وهواماته.
بدأت الكتابة يوم تعرفت روحي إلى عمق أسرار المراهقة والعشق. كتبت قصيدة لمن أطلقت عليها تسمية قديستي المحتجبة. ولكن القصيدة ضلت طريقها، وسقطت على شرفة جارتها. فظنت الجارة أن القصيدة لها، وراحت تنتظر مجيء الفارس على جواده الأبيض، كي ينقلها إلى عالم النور. ولكن الفارس كبا به الجواد، وتعثرت خطاه، على شرفات النسيان. يومذاك لم يكن المراهق قد تعرف بعد إلى الصفحات الوردية. وكانت النتيجة , اللقاء والنصف الآخر، على مائدة الحب المقدسة.
ولكن المرحلة التي أثرت حياتي الأدبية، كانت تعرفي إلى كتاب الوجوه. وبدأت رحلة الألف ميل بخطوة واحدة، كأنني في رحلة فضائية إلى عالم القفزات السريعة.
نرى تنوّعا في كتاباتك، ولكن الأبرز فيها هو النقد الانطباعي الجمالي. كيف بدأت هذا النوع من الكتابة؟
صحيح ما تقولين. فقد بدأت كتاباتي من خلال القصة. كتبت مجموعة من القصص الواقعية، ذات البعد الاجتماعي، نشرتُ بعض أجزاء تلك القصص في إحدى المجلات، باسم مستعار. ولم أكمل النشر لأن القصة لاقت بعض المواقف السلبية، وتهجما من بعض الذين أزعجتهم صراحة الكاتبة المزعومة. فتابعت الكتابة، ولكن لم أكمل النشر.
ثم عمدت إلى كتابة الشعر. وكان لي بعض القصائد التي راقت للبعض، في ذلك الزمان. ولكن الشعر لم يرضِ طموحي إلى التعبير عن الذات، خصوصا بعدما نصحني أحد الأصدقاء، وهو شاعر كبير مشهود له، في عالم الشعر، أن أصقل شعري بشكل أفضل. فتركت الشعر، إلى حين.
أما الحدث الأبرز فكان غوصي في مجال النقد الجمالي. وقد رأيته يكشف في كثير من جوانبه، عن ذاتي المحبة للجمال، وللشعر بشكل خاص. فبدأت رحلتي في الكتابة النثرية، نقدا، وكتابات وجدانية وانطباعية.
-من هم الشعراء، أو الأدباء الذين تكلمت عليهم في كتاباتك؟
-لا يمكنني تعداد الأسماء لأنها كثيرة ومتنوعة. ولكن من أبرزهم، على سبيل المثال، لا الحصر: الأديب الدكتور جميل ميلاد الدويهي، الشاعر الصحافي شربل زغيب، الأديب الدكتور غازي قيس، الشاعر ميشال سعاده.. ومن الشاعرات الصديقة نجوى حريق، الشاعرة ميراي عبد الله شحاده حداد، الشاعرة باسكال بلان النشار، الشاعرة ندى نعمة بجاني، الشاعرة الرسامة أوغيت خير الله، الشاعرة مريم رعيدي الدويهي، الأديبة كلود صوما، والأديبة كلود ناصيف حرب وآخرون ممن يضيق المجال عن تعدادهم.
شكرا لأنك كتبت عني. وكم كان سروري كبيرا وأنا أتصفح كتاباتك عن شعري. ويبقى السؤال: لماذا اعتمدت النقد الجمالي، على الرغم من أنك أستاذ جامعي. والأساتذة الجامعيون يميلون أكثر إلى النقد الأكاديمي؟
نقدي الجمالي كنت دائما أشبهه بنقدات الدوري. هذا العصفور البلدي الذي يزور سهول القمح، في قريتنا، ويختار من السنابل الشقراء أفضل الحبات. أنا ذلك العصفور الدوري، وسنابل حقولي مثقلة بالغلال التي لفحتها شمس الحب والجمال.
وقد اخترت عنوانا فرعيا لكتابي الذي أرسلته للطبع: نقدات دوري، بعد العنوان الأصلي: اكتب باسم الحب.
سبقتني إلى الحديث عن كتابك هذا. هل لك كتب منشورة غيره؟
الكتب المنشورة إلى الآن اثنان، في النقد الجمالي، بعنوان من الجميّل إلى جميل. وقد صدرا منذ أشهر بعناية الأديب المهاجر الدكتور جميل ميلاد الدويهي. له مني وافر الشكر والعرفان. وثمة مشاركات لي في كتب مشتركة، أبرزها كتاب عسل الأيام . للشاعر الصديق شربل زغيب الصحافي.وقد شرّفني صاحبه بأن أكتب له المقدمة.
كما أنني في طور التحضير لطبع مجموعة قصصية، ولجزء ثان من “اكتب باسم الحب” ، عسى أن ينتشر الحب، في العالم بأسره، وينتهي عصر الظلمات.
-قرأت في إحدى مقالاتك أنك شاركت في نشاطات ثقافية في الثمانينيات والتسعينيات. هل لك أن تخبرنا عن تلك المرحلة؟
-في مطلع الثمانينيات، كنت عضوا إداريا، في الملتقى الثقافي، في جبيل وتنورين. وكان يرأسه البروفسور جرجي أنطونيوس طربيه. وكان الملتقى يقوم بلقاءات ثقافية وفكرية شهرية، كنت أسهم في توثيقها أحيانا، إلى جانب الصديق الأديب سليمان يوسف ابراهيم، والشاعرة نجاة سنجب مطر. واستمرت الحال هكذا، إلى عام ٢٠٠٥، تاريخ نيلي شهادة الدكتوراه، فانقطعت عن لقاءات الملتقى، وانهمكت في التعليم في الجامعة اللبنانية، كلية الآداب.
-ما الحدث البارز، في حياتك الأدبية؟
لعل الحدث الأبرز، في حياتي الأدبية، هو تعرفي إلى الفايسبوك، سنة ٢٠١٠. كانت تلك المرحلة بداية انطلاقتي في الكتابة الأدبية .أما الحدث الثاني فهو تعرفي إلى الصديق الأديب الدكتور جميل ميلاد الدويهي، الذي كتبت عنه، فأكرمني بطبع كتابين كتبتهما عنه، ومنحني جائزته الاغترابية. وهو اليوم يحضر للطبع كتابين آخرين لي فيهما مقالات فكرية وحوارات نقدية.
-حدثنا عن كتابك النقدي الجمالي اكتب باسم ألحب. كيف أبصر النور، في هذا الزمن العصيب؟
-هذا الكتاب ما كان ليبصر النور لولا عناية الصديقة الشاعرة ميراي شحاده الحداد، صاحبة منتدى عبد الله شحادة الثقافي، لها مني كل الشكر والعرفان، وأرقى آيات الاحترام.
إنه كتاب يتضمن حوالي مئة وستين مقالة ، في النقد الانطباعي الجمالي، لقصائد أو خواطر أو قصص منشورة في دواوين، أو على صفحات الفايسبوك.
-هل من سؤال أخير تريد الإجابة عنه، ولم أسأله؟
-لا أسئلة عندي. بقي لي فقط أن أتوجه بالتحية إلى برنامجك ورد الكلام، فهو كما يدل اسمه بستان ورود في حديقة الفكر النوراني المبدع. شكرا لاستضافتي فيه، وإلى لقاءات صوماوية رائعة مشرقة الصفحات.
مختارات من كتابات د. جوزاف الجميّل الأدبية والشعرية والقصصية والحوارات المسرحية :
سطور الدهشة
( قراءة في خاطرة “قلم” للأديب جوز ف أبي ضاهر)
قلم
أغمضت أصابعي على قلمٍ عاش عمرًا في جيبٍ صغيرة حدّ قلبي.
سمعه قلبي في الفرح. سمعه في الحزن، وما حفظ له سرًّا.
أخذه وصيّره شمسًا
جوز ف أبي ضاهر
قرأت خواطر الأديب جوز ف أبي ضاهر. قرأني سحرها، سيميائيتها، جراحها الأبية. والجرح شاعر يخط سطور الدهشة، في عرس الكلمة. آلمني فيها أنها تصور واقعا يخترق النفس إلى عمق الوجد الإنساني. والألم أديب ينثر كنانته، ويختار أشدها مثقفا، كي يسدده إلى صدر الخوف العنكبوتي، على وجوه عاثري الرسالة.
قرأت ..ولكن هل يقرأ حنين المطر إلى التراب؟
كانت السنابل ثملى بالقمح. امتلأت أهراءات الإعجاب.طحن اليراع شميلة، في طاحونة قلبي والأفكار. نثرت الطحين في أرض شوك الصفحات الوردية. هل تكفي مقالة واحدة للشكر؟
اخترت من بين السنابل شميلة “قلم”. قلم غدا نكرة في هذا العالم المسكون باللامساواة.
كيف يصبح القلم حرفا زائدا، وهو حجر الزاوية، في عمارة الخفقات؟
نكرة لا تشبه إلا ذاتا عتقها البوح، وأثملها الحنين.
هو قلم جار القلب. وقلب الأديب غابة واسعة شاسعة من الأحلام.
هل يشبه القلم حلما أغمض عيني حبره على وجد أزلي؟
ويغمض القلم أصابع الأديب قبل الكتابة. إنه يكتب بأصابع القلب، لا بالأنامل.
والقلب موسيقي بارع يتقن العزف على قيثارة الجنون.
هو القلم جار القلب. والجار قبل الدار، كما يقول المثل الشعبي.
بيته جيب بحجم قصة قصيرة جدا، ومضة تختصر قصيدة، ديوانا، عمرا.
ويختبئ العمر في غرفة قلم، حد القلب.
يختفي العمر ذوبانا بين قلم وألم.
هل سمع أحدكم نداء الألم، في القلم؟
القلم صديق رقيق، ولكنه لا يحفظ سر الصديق.
يكشف أسرار الفرح والحزن، بلا استئذان. بوحه مشنف للآذان. وفي صدره ابتهالات دموع وشموع.
أيها الأديب اللبيب، أقسم عليك بحق جارك الوادع أن تهبني قربه، ولو للحظات.
دعه يجاور قلبي، يحاوره، بأهداب البوح الأسنى.
واسمح له أن ينزف حنينا، على وسادة دفاتري الباردة.
هو القلم الخيميائي يحول التراب ذهبا. عمره لك وهب، ولا يزال. أعرني إياه هنيهة عمر، يؤرقني في جفاف روحي العرزال، بكاء الأصابع، في لحنها السابع.
هو القلم الإله، في حضارات الشعوب. شمس هو يسرق النار للإنسان. يناجيه بلا لسان. والقلب بستانه المفقود.
ويثمل في الجيب الصغير طفل، عاشق، وعنقود.
وبعد، ماذا يقول القلم الجار؟
ومضة أنا، يقول، حديث خرافة. أنا العطر في بخور عرافة. ومثلي الأنبياء.
فكرة أنا، بالحب أجود. يقتلني الجود، والأغبياء.
جوزف أبي ضاهر، قلمك ألمك، جناس ناقص يبحث عن اكتمال. وليس في النقص محاور كالصمت في الجمال. فارْقٗ بنا، إلى نورك العرفاني، واهدٖنا الكلامٗ حبرا وتبرا و..السلام.
د. جوزاف ياغي الجميل
***—***
قصة قصيرة
جوهرة في مستنقع
راودته عن نفسها. قال: غداً، تذبلين، وردة في حديقة. كنت أطمح أن تكوني صديقة. فهل يصدق الزمان?
ابتسمت ولم تجب. لبست المرة الأولى التي تقف على جسر النسيان، ولا تفكّر في العودة.إلى أين تعود?
أحبّته. رفض الأهل اقترانها بشاب من طائفة أخرى. أصرّت على موقفها. حذفها أهلها من القاموس. أصبحت باء زائدة. سارت في طريقها، نحو نهاية النفق. وليكن من بعدها الطوفان.
والطوفان آت لا محالة.
كانت في السادسة عشرة من العمر، مراهقة تبحث عن صوتٍ هارب من ناي حزين. والناي منكسر الأنغام. كانت تقرأ روايات عبير. تغوص في رومنسيتها . لا تأبه لركاكة ألفاظها.وعندما هربت معه، لم تفكّر في الغد، ولم تنتظر رأي أهلها. فأقفل الوالدان باب القلب، ورميا مفتاحه، في بحر الجفاء.
هربت إليه من ذاتها. حلمها فارس على جواده الأبيض، يحملها إلى عالم أجمل من خيالاتها غير الطفوليّة. وأتى الحصان الأبيض،بلا فارس. أحبّته بجنون. فقط لأنّه يشبه رجلاً أحبّته، قبل أن تولد.
والرجل، في صورة منقّحة، أمامها الآن. يريدها صديقة حقيقيّة. ولكنّها لا تجرؤ على ارتكاب الجريمة ، مرّة ثانية. أصرّ على لقائها. لم تستسلم. فعلت ذلك مرّات كثيرة. قفزت غير مرّة، في مستنقع رغباتها. صادفت الضفدع. خشيت أن تقبّله، كي لا يعود أميرُها الغائب كانت تخشى، في حال فُكّ السحر، أ ن تتحوّل هي، إلى الجميلة والوحش. وتنضج مخيّلتها بأشباح الوقت والمسافة والظلال.
إكراماً لصديقها الجديد، رضيت أن تبقى افتراضيّة، جوهرة في مستنقع، بانتظار ولادتها الثالثة .
***
تشكيل
(درس أول في لغة العينين)
مهداة إليها
سحر عينيها من ضوء القمر
ضوء القمر من سحر عينيها
ضوء السحر من قمر عينيها
عيناها ضوء من سحر القمر
ضوء سحرها من عيني القمر
سحر القمر من ضوء عينيها
من قمر عينيها ضوء السحر
عيناها …ضوء وسحر
عيناها …
سحر
***
فاشل أنا!
(من فاشل في الحب إلى سيدة الأحلام)
أحلامك سيدتي قرأتها. عانقتها. ولم أدرٖ إلى أين تقودني.
وتساءلت: كيف تراودنا الأحلام عن الذات، في بيدر اللذات؟
كيف يبحر الحالم في مركب بلا شراع؟
أحلامك عارية إلا من الدهشة.
أوراق خريف هي، تنادمها رياح الهنيهات.
وينتظر الصمت ربيعا آخر على أمل ولادة غودو.
وغودو يلاحق طيف بينلوبي، وتثمله الحوريات.
أحلامك، سيدتي، سفر إلى عمق الأنا، في محيط بلا قرار. فمتى أستعيد حرية القرار، وأعود إلى لجة غرقي اللامتناهية؟
فاشل في الحب قلتٖ. ظلمتٖ. وساد في عمق آهاتي ظلام.
حكمتٖ علي بالنفي من ملكوتك. وأنت الخصم والحكم؛ فهل يحقّ لي أن أدافع عن نفسي؟
أنكرتٖني، قبل صياح الفجر، سبع مرات. وكنتُ أدافع عنك، كل مرة، أمام محكمة الأرق.
فاشل أنا؟ ما اعترفتُ، ولا اقترفتُ إلا الشهادة أنك الوحيدة، على عرش حواء. فكان لي صليب الفداء، وقبلة العداء.
عابث أنا؟ لا أنكر تهمتي، فكم عبثتُ بأنغام القدر!
فاشل أنا ؛ رسالتي افتراضية… فهل توصلها إليك الأحلامُ، أم عليها أُلامُ، وتعمق في قلبي الآلام؟
***
شعر عامي
لبنان
لبنان يا غالي
لو عيدك استقلال
بيكفي بقى نغالي
هالعيد إستغلال
كبرت بنا الدمعة
صار العمر شمعة
من وقت صرنا قلال
يا ريت عنا غلال
ت نرجّع الجٗمعة
ونكسر الأغلال
لبنان يا ربي
هوّي الأمل، حبي
بالحب الله قال
***
بيدر الشفّاف
قناديل بوح الحبّ إلها شْفاف
بتسهر ع كتف الليل شهريّة
وان كان قلبي عطرها ما شاف
بتموج حد القلب دهريّة
شعر ودفا ع بيدر الشفّاف
بيغفى القمر ع سهرة الكشّاف
سهرة عشق ع شفاف زهرية
***
أحلى عيد
أحلى عيديّة بعيدك
تضوي قلبك بإيدك
بدك منا عيديّة
رح غلفها بإيديي
كلمة زغيري بتفيدك
انت العيد وشيخ العيد
بدّي قولا وقلبي بعيد
عيدك مش آخر تشرين
عيدك بعدو بالعشرين
زرعتو فينا وعم بتعيد
زهّر وردو ع جيدك
***—***
وعد ورجاء
التقيا على هامش الذكرى.
ّوعد ورجاء
قال لها كوني فكانت كالوفاء
في خافق الشمس ،كما النقاء
غريبين
قريبين
كانا ونعم الأصدقاء.
عانق الوعد المزايا
والرزايا
والفضائل
من يشتري وعدي
وأقنوم الشمائل
من يشتري قلبي
فإني غير مائل
وذابت رجاء
في منتهى البعد
تميل تتمايل
والمنى بوح ثقيل
عانق الوجد الثريا
والمرايا تقيل
كيف يغدو في شقاء مستحيل
من يستوي فيه بقاء ورحيل
غرّد العشق بقلب فتسامى
وتسامق
انما الحسن شعاع كالهلامى
يتعانق
قال وعد بلا كلام عقوق
ايها الموت تهيَّ للصدوق
مجرم قلبي كأحلام الصباح
يطيح به الغدر كما الرياح.
بان عريي كالجنين
يا سليل الصالحين
لن أكون لكِ
يا رجاء
-لمَ البعدٗ تشاء
-أدعوكِ للعشاء
لولا انشغال القدر
في مقلة الدعاء
تسعى للفراق بدل العناق
-فليكن بيننا اتفاق
-هذا أوان السفر
-بعد نداء الخفر
-وعد تعالي إليّ كما الحنين
-لست أقوى يا رجاء
فاضت بقلبي الدماء
ولحن حزين
-تسمحين لي أن اعترف
-بمَ?بالحب في الدما?
-كذبت عليك. فلتسامحني السما.
-إنما أنا الكاذبه.
-قولي الصواب; لا تكوني مواربه
إنما الصدق لحظة هاربه.
ماذا جرى يا حبيبتي?
-لست الحبيبة. ولن أكون.
ماذا تقولين يا وعد?
لستُ كما تهوى يا رجاء.
-هلمي اليّ يا صديقة
-ستجرحك الحقيقة
الا تحبينني?
-لا. بلى
-سأشبعك قبلا
لا. لا.
-يعجبني فيك الحياء.
-قادني صوت السماء
-أريدك حبيبتي
طبيبتي
-لستُ…لا اريد قولي أن يُساء
لست ماذا? أجيبي
-ليس بالأمر العجيب
-ذاب قلبي كالنهار
-قولي الصواب:
اراك تنهار
انهياري له سبب
-وأين العجب?
-العجيب أني لست…كما تشاء.
-ههههههههه
-ظاهر أن كلامي…كالضباب
— أنت تمزحين
لم أعد أخاف من الحساب.
-لست أنثى?أنا فرحٌ جدا.
-ستضع لعلاقتنا حدّا?
أنت غريب المزاج
-بل سأطلبك للزواج
غريب أنت يا رجاء
غريبة أنت يا وعدٌ
أوضح لي رجاء
أأنت مثليّ الهوى
وتعشق الرجلََ
لطالما كنتُ خجلا
-وتقول ما لا يليق
قلت لك أنا شاب حليق.
فتطلب يدي.أين الحياء?
-إن كان وعد فتى حليقاً
فرجاء من جنس النساء
***—***
شعر عمودي
( سعيد عقل جوادك الضباب وعرشك الجنان)
سعيد؟ وفي الخافقين وعيد ُ
تذوب القوافي ويحنو بعيدُ
على موج صبري صبار
وشوك البعاد لأمر فريد
يراعي يُراعي وحبري بذارٌ
كأنّ الجمار بجامي جليد
دعاء يهيم وهامي بوار
فيكلم جودٌ ويجفو وجود
عليّ سلام الإله قتارٌ
عليّ حروب الجنون تجيد
قديم بكائي ودمعي انهمار
كأنّي يتيم وحوليَ عيدُ
لبستُ الهمومَ وصبحي دمارٌ
وعطر ظنوني غلام شريد
ذهلتُ ويارا بقلبي أوارٌ
وقدموسُ يحيا ويفتاحُ عيدُ
كتبتُ لدلزى وزادي مُعارٌ
وفجرُ المودّة جارٌ شهيدُ
رويت امتلائي ولائي جدارٌ
وغابُ وريدي مغيبٌ صديدُ
أمينٌ حصيدي وقصدي شعارٌ
أميرٌ قصيدي وعطري مُريدُ
كريمُ الديارٖ ولبنانُ دارٌ
لدرِّ الدعاءِ إباءٌ عنيدُ
خليلا ننادي فيشدو كنارٌ
كأنّ الخليلَ ثراه ثريدُ:
أتبكون كأساً وصدري جرارٌ؟
أتشكون يأساً وقصري القصيدُ؟
لبستُ الحضورَ ضريحي انتصارٌ
جوادي الضبابُ وموجٌ تليدُ
دعاني إلهي ففُكّ حصارٌ
وحورُ الجنان بهنّ جمارٌ
تقمّصن روحي وجادَ السعيدُ
***—***
قصص قصيرة جدا
خيانة سردية
قصة قصيرة جدا
اتصل بها يدعوها إلى حفلة سرد.
فكّرت في الموقف الأخير. ارتدت ومضة. تزيّنت بالرواية.
امتطت جواد الشعر…
كانت تنتظرها العقدة.
نظرت في عينيه مباشرة. حلّ ضباب كثيف على ردات الفعل والتفاعل . طغى الوصف على الحوار. لن تنسى خيانته لها ، لأول مرة، مع العنصر الدافع إلى التأزيم
عنفوان
عاد إلى عرينه بعد ليلة صاخبة. كانت رائحة الحرية تفوح من ثيابه. لن يتذكّر ما حصل. لن يتنازل عن حقه، هذه المرة. سيلقنها درساً لن تنساه. تناول المسدس من الدُرج، وأفرغ رصاصاته في عنفوانه، قبل أن يأوي إلى الفراش.
قصة قصيرة جدا
اعجبتها قصته القصيرة جدا. هرولت الى اقرب حلاق.
فنّ
نحت احلامه على جدار قلبها. باعت لوحته بحفنة من ثرثرة الواقع المسكون بالفراغ
***—***
حكاية الضجر
(فصل من سيرة ذاتية)
حكايتي..
حكاية عمر بلا ربيع
متى ولدت؟
من تكون أمي؟ ومن أبي؟
ماضيّ خيالات وخيالات.
لعلني ولدت من شجرة. جذوري عميقة في الصحراء.
شجرة صبار قد أكون، بلا ذكريات.
صحرائي شاسعة، ليس لها أبواب.
وحيدا عشت. لم يكن لي أصدقاء، ولا أتراب.
مربيتاي الشمس حينا، والرياح.
علمتني الشمس أن أفجر نار شوقي للعدم، فلا أرتاح. وعلمتني الرياح الكفاح.
حكايتي
رواية شرقية
من ألف خيانة وخيانة
فهل يكون أبي شهريار؟
وحين أنضجتني نار العار، رأيت نفسي أقلع من جذوري، وأرمى في أرض غريبة. كل من حولي غرباء.
لم أعد أرى وجهي. نسيت تفاصيله، يوم انكسرت، في غربتي مرآة الإباء.
ولم أعد أسأل من أكون. أصبحت ظلا خلف جدار.
وعمرا بعد عمر، تسامقت حولي جدران الحياة. أشباح ليل لا تعي ذاتها واللذات.
وقيل: تزوجت. لم أعرف لي امرأة، ولا حديثها المباح.
لم أعرف امرأتي. هجرتها، في الليلة الأولى، عندما أغرت جسدي، بعد الطوفان، بالتفاح.
وعندما مت، ذات فجر، لم أجد في جنازتي إلا اثنين: الله وصخرة الغجر .
حكايتي..مخطوطة بوح جريح، على الصلصال، في بابل السبي، عنوانها: حكاية الضجر.
د.جوزاف ياغي الجميل
وسقط القناع (مسرحية )
بقلم: د.جوزاف ياغي الجميل
س1- عرفتك. ألست المدى غير المنظور؟ألستِ الشعاع الذي أضاءه الله في داخلي، منذ أن ولدتُ؟
س2- بل أنا رماد من الأمس العاري، في أحضان النسيان.
س1- ما بك أيتها الصديقة ؟ وما لك تتحوّلين من الرجاء إلى اليأس والقنوط؟ لقد ساعدتني في خضمّ ضياعي. وأنا الآن ما زلت أحيا بفضل قلبك الكبير.
س2- لم تكن أحزانك إلاّ قناعاً ترتدينه ليخفي العاصفة التي دمّرتِ بها حياتي وقلبي.
س1- وكلماتك المشجّعة التي فجّرت الطاقات في أحاسيسي ، أين غارت وغابت ؟
س2- كانت ستاراً يقيني أسئلتك المحرجة عن نفسي. لم أستطع اختراق حاجز الحذر الذي سيطر عليّ ، منذ الولادة.
س1- ما كان أعذب كلماتك، وأشدّ تأثيرها في حياتي! لقد حوّلتني بين ليلة وضحاها إلى عالم الشعر المفتوح على كلّ الاحتمالات المفرحة…
س2- إلاّ على احتمال وحيد ، لم أفكر فيه أبداً، قلب حياتي رأساً على عقب.
س1- لقد أخفتني . بالله عليك أوضحي كلامك قبل أن أصاب بانهيار عصبيّ. إنّ حبوبي المهدّئة ليست معي الآن. أو بالأحرى لم أعد أحملها، منذ أن تعرّفت إليك. أخبريني ما بك.
س2- وكأنك لا تعرفين ماذا جرى.
س1- عدت إلى الحديث بالألغاز. لم ..لم..لم أعد أحتمل…ماذا أصابك؟
س2- اهتممت بك حاولت أن أنقذك من ذاتك ومن الضياع. فما كانت النتيجة؟
س1- لقد أنقذتِ حياتي. أعدت إليّ حبّ الحياة.
س2- وقتلتني! قتلت ثقتي بنفسي وبالناس.قتلت روح العطاء وحبّ المساعدة اللذين زرعهما الله في قلبي.
س1- ماذاتقولين؟ لا بد ّ أنك تمزحين.
س2- ليس في الأمر مزاح، أو تهريج. ليت الأمر كان كذلك!
تقولين أحييتك وأنت طعنتني في الصميم.غرزت خنجراً مسموماً في ظهري. ورحلتِ غير أسفة. لم أكن يوماً أتخيلك تفعلين ذلك.
س1- لا أصدّق ماذا تقولين. لم أعد في حالة تسمح لي بسماع المزيد, لقد كانت صداقتنا من أفضل ما حصل لي ، منذ ولادتي . كانت ولادتي الثانية.
س2-ونهايتي أنا. على يدَي من كانت أفضل صديقة لي. بل صديقتي الوحيدة بعد أن غزوت فكري والضمير بكلماتك المعسولة.
س1- إنما كانت كلماتي تلك بفضل إلهاماتك الموحية والمشجّعة.
س2- كانت كلماتك السمّ في الدسم. لم أعرف ذلك إلا بعد خراب الهيكل. “حتى أنت يا بروتوس”
س1- بل كنتِ أنت الهيكل الذي أسجد فيه لأرفع صلاة الشكر إلى الله الذي وضعك في طريقي، لترفعي عن صدري صليب العذاب…
س2-وتصلبيني عليه، بعد جلدي حتى الموت.
س1- لم أعد واثقة من أيّ شيء.. إنّه بالطبع كابوس وسينتهي لا محالة.
س2- بل أنت هو الكابوس الذي حلّ عليّ وفجرني ولما أستيقظ منه.
س1-.أنت الحلم المتجسّد في أفكاري/أشعاري/قلبي العاري من عاري. أقسم عليك أن تخبريني الحقيقة فأنا لم أعد قادرة على الاحتمال. قولي إنه مجرّد مزاح .
س2- بل إنّه واقع أليم- ويا أسفاه- بسبب الثقة التي منحتك إياها، بلا حساب…كم كنت غبيّة. لا أصدّق كم كنت عمياء. وقد أطلعتني بنفسك، غير مرّة، على الحقيقة فلم أدرك كنهها، إلا بعد فوات الأوان.
س1- كنت صادقة معك إلى أقصى حدود.أو على الأقلّ كنت صادقة مع نفسي.
س2- ألم تقولي لي: إن منحنا الثقة لشخص بشكل مفرط فهو سيستغل الثقة ويخون؟ ألم تتحدّثي عن الأقنعة التي يرتديها الناس وكيف يتلوّن الإنسان المخادع بألف قناع ليحقق غايته المنحطة؟
س1-كنت أقدم لك قلبي/صداقتي/ ضمن مبدأ القلب المكشوف، إلى أقصى حدود. كان قلبي على شفتيّ. وشفتاي-يشهد الله- لم تنطقا إلاّ بالحقيقة المطلقة.
س2- وكم تغنّيتِ بنشوة التحوّل إلى الإبداع النثريّ والشعريّ . فصدّقت كتاباتك الجميلة وأنني ميثتك الملهمة. جعلتني أعيش في عالم الخيال والأساطير الرائعة.ورفعت لك القبعة غير مرّة..
س1- وهذه هي الحقيقة. كنت شيطاني، بل ملاكي الذي علّمني الشعر وأضاء قلبي للنور والحق والحياة..كانت كتاباتي هي الحقائق الكبرى والجميلة في حياتي.وكانت تتجدد باستمرار كما تتجدد مياه الأنهار؛ “لا يشرب الإنسان من مياه النهر نفسها مرّتين”.
س2- لا تتحدّثي عن الحقائق، يا رمز الضلال والكذب والبهتان.أنت منها براء.فما كلماتك في الحقيقة إلا مستنقع من التدجيل والكذب والرياء.اغربي عن وجهي. لست-ولن تكوني – صديقتي، إلى الأبد.
س1-أخبريني. ماذا فعلت لأواجه هذا الافتراء عليّ؟ (تتراجع س1 إلى الوراء، تلقي بنفسها على الحاجز الحديديّ المحيط بالشرفة، وهي تتمتم بصوت خافت): لم أعد قادرة على الحياة .. لم أعد أستحق الحياة. سامحك الله.سا…( وقبل أن تعي س2 ماذا يجري ،تطعن س1 نفسها بالسكين على غرار الساموراي، وتتهاوى في سكون)…
س –(تصيح بصوت عالٍ في حركة مسرحيّة لافتة): بل سامح الله المخرج الذي فرض علينا حفظ دورين لا يناسباننا في هذه المسرحيّة.(تأخذ السكين من الجثة الهامدة ، تقبّل نصله الملطخ بالدماء، وترفعه في الفضاء، وكأنها تعرف ماذا تريد).