” نحن لا نغادر أسماءنا يا أبي ”
قصيدة الشاعرة التونسية أسماء الشرقي
-×-×-×-×-×-×-
نحن لا نغادر أسماءنا يا أبي
نحن فقط ندفنها تحت ظلّ صفصافة مثرثرة
ونتركها لحفيف الليل
كي يسافر بخواتمنا إلى جبهات القتال
نحن في حضرة الصّدى غبار يا أبي
وكلّ أبصارنا إلى المدى شاخصة
وأنت يا أبي…
ألم تعدني يومها أن تكون لي تميمةً
تتكدس في أعطافها أحلام الفراشات؟
ألم تهبْ لطائر الدّوري المرابط على شباك طفولتي
خصلة من سنابل ضحكاتي؟؟
وأوحيتَ إليهِ
أن أسرج خيلها بعقيق المسافات؟
وكُن لعطر مُحيّاها
قافلة لا تحيد عن دروب النجمات؟
***
لقد أكل الذئب طائر الدوري يا أبي
وأفلتت فراشاتي كلّ أسرار تمائمي
فما عاد منّي سوى أضغاث
من هذا وذاك…
نحن لم نغادر أحلامنا يا أبي
نحن فقط زرعناها في أديم الذات
وألهمناها سكينة المُريد
كي تورف من ظلالها أحلامُ أخرى
تليق بهذا الزمن متعدد الوجهات
أحلام تُقدُّ من طعم توت بريّ
من بحّة ناي حادي العيس
من دموع حبر خطّ أسرار المولهين
وحفيفٍ
لاحتراق قلوب العشاق في مواقد النهايات
لقد كذب ديكارت يا أبي
حين أخفى الفكرة بين حصون الذاكرة
لم تكن الفكرة سوى ألوان قوس قزح
يذوب سحرها …
لحظة سقوطها في مدارات الروح
لا أحد منا أدرك السرّ يا أبي ..
اللون والفكرة أهزوجة واحدة لرقصة الحاضر /الغائب
ونحن نار دميت بفعل الصّعود
بقايا سؤال تحطّم على بياض لوح محفوظ
***
أما أسماؤنا يا أبي
فهي وقفُ
على القادمِ منّا …الآيل إلينا
للعابرين داخلنا على ضوء الصّراط
العارفين بالخفايا
الماكثين صنوا لآهاتنا
من أورفت نواياهم في أحداقنا مجازا للفرح
ونما على دروبنا معهم معان جديدة لأسمائنا .
لذا نحن لن نغادر أسماءنا أبدا يا أبي