” جريمة“
للكاتبة د. نادين طربيه
-×-×-×-×-
حياتي معارك لا تذبل كالرّبيع وأنا حلزونة تختبئ في صراعاتها كدبّ قطبيّ في رحلة الشّتاء الطويل، ما زالت تلك الأنا الهاربة التي تضطهدني من سماء إلى جحيم فمطهر من أرضٍ إلى رمادٍ إلى نورٍ…مازلتُ تلك الأنا التي لم أكنها يومًا…
مرهقٌ جسدي في بقعة المستحيل هذه لطالما اخترتُ معاركي وانتصاراتي والآن جرائمي ترتكبني وتختارني كمعصيةٍ مشتهاة. من قال إنّ الأرصفة لا تبكي؟ من قال إنّ القمر يوم يحزن لا يتلوّن كقلبِ عاشقٍ كئيبٍ من لوثة شغفٍ مميتةٍ؟
أنا لستُ سوى الماء قد أكون سمًّا أو إكسير خلود أو نبيذًا ضائعًا في خابيةٍ عجوز
أنا لستُ سوى النار أو بقايا صاعقة تهوي بثقلها في عينيّ امرأةٍ خبّأت العصافير في عبّها وبقايا رحيقٍ على طرف شفتها السفلى…
أنا الرّيح يوم جرت في حلم سفينةٍ تكره الموانئ والمغامرين…
انا حفنة التراب التي ألقتها يد ذاك الطفل فوق ضريح من أعطته الحياة…
انا كلّ التناقضات لا وفاق بين عينيّ الثائرتين وشفتيّ المرتاحتين للصقيع، لا وفاق بين عقلي البارد ودمي الفائر لا وفاق بين جسمي البرّيّ وروحي الماطرة. كيف لشجرة أن تنمو نحو البركان بكلّ هذا التهوّر اللعين بكلّ هذه البراءة الشقيّة؟
أنا من سيختار جرائمي …وسأبكي بعدها كعادتي يوم أدفن مع ضحاياي جزءًا من ذاتي أنا من سيختار انتحاراتي وسأرقص قبلها مع ظلي وأهمس له بكلّ كيد الإناث في دمي : ” أنت آخر عشق سيطرق قلبي…” وأبتسم بحزن لئيم وتهرب تلك الدمعة بي نحو الشمس.
انا من سيحرق المدينة ليرقص كالأنبياء بالدفوف والأنين على كلّ الذكريات التي كبّلتني وستفاجئني أناي كما لم أتوقّع وترشقني بقصائد لم أسمعها يومًا فأسقط نحو
المجرّة.
إلهي هبني لعنة الأنبياء الذين سُلخوا وهم يهللون لمجد الخلود، هبني صبر السحب على مطر لا يهطل، هبني نعمة ألا اسأل بعد جدار العشق ما الذي يذوي …هناك في آخر ال كان حيث الغد احتمال قد يولد منه كلّ مستحيل.
د.نادين طربيه