” رسلله إلى يومي الأول “
للكاتب والشاعر اسماعيل حيدر
-×-×-×-×-
* أعبرُ يوماً جديداً، في طريق الحياة..
أمشي مثقلاً بالأحلام.
عائداً إلى طفولة
التهمتها السنون..
** أحسني وأنا أمشي،
في سباق مع القمر لاصطياد النجوم.
تذكرتُ نفسي طفلاً، راح يعدو خلف القمر،
كلما توارى في حضن سحابة.
*** مِنْ هُنا، أشمُّ نسيمَ البرْدِ البعيدِ..
المُمْتزجِ بارتجافِ الرفاقِ
ودخانِ الحطَبِ المحترقِ عندَ مدخلِ الكهفِ.
****الهواءُ البارد الذي داعب وجهي.
يريدني أن أحلمَ مثله بالمطر
ثم يمضي باحثاً عن غيمةٍ في السماء.
* لم يعذّبْني الحبُّ يوماً
لذا لا أزالُ على قيدِ الحياة!
لم أقلْ لفتاةٍ يوماً: أحبّكِ..
كنا نقولها سويةً بالعيون..
حبيبتي في المرحلة الثانوية،
وضعت سلسلتها الذهبية حول عنقي..
لتلمسَ قلبي كلَّ مساء.
تذكّرني بالقبلة الأولى..
تلك السنابل الخضراء
المبللة بماء الشتاء.
حدث مرةً، أن صفعتني امرأةٌ
لكنّني لم أحقدْ على النساءِ
طريقُ العينِ، سالكٌ على خطّي القلبِ والروحِ..
حتى مصب النهرِ..
أجمل الحب..
تحت شجرة وارفة الظلال.
كان الحبُّ في ما مضى، عتابا ومواويلَ ريفية..
قلوبُ هذا الزمان لا تُحسنُ العزفَ على القصب.
أحسُّني دائماً وفياً للأشجار ، التي خبأت قبلات الطفولة؛ وظللتني من عواصف الشمس..
أن أرخي عليها ظلالي وأحميها من الفؤوس والنيران ..
ولسع البرد، والحرّ ، وهبوب الرياح.
* لم يكن يدور في بال أبي حين فكّر بي، أنني سأخرج يوماً عن طاعة الأرض والزيتون، وأهرب إلى المدينة. كان يريدني أن أزرع حقلاً كالذي حرثه وسقاه، ثم نال نصف مساحته ثمناً لعرق الجبين.
شجرةُ الزيتونِ التي أسندتُ تعبي إلى جذعها العتيق، حفرت اسمها عميقاً في جسدي..
كلّما رأيتُ شجرةً باسقةً وطاعنةً في الأرضِ،
أغارُ من عمرِها..
كلّما مررتُ بصخرةٍ قديمةٍ على شاطئٍ بعيدٍ،
أخافُ من زمنِ الماءِ الطويل.
* ظلّ قلبي هناك يتأرجح بين الشجر، بينما كانت العينان تحدقان في الجبال والمنحدرات، أشارك التين والزيتون والليمون في كتابة السطور، وفي كل عبارة أدونها يرشح ماء وعطر وزيت وهواء.
** كم مرّةً كُنْتَ هناكَ
كم مرّةً يُمكن أن يكونَ العمرُ صدفةً
ماذا لو أنّ الحياةَ كلّها
تمضي إلى الختامِ
بالصبا والحُبّ و المطَر ؟!