” لا تعبريهِ دمي ”
( للشاعر نعيم علي ميّا / سوريا )
-×-×-×-×-
أغفو على تعبي
فقولي لي: أُحبُّكَ
واتركيني ..
عابراً دربَ اللّيالي
واسأليني ..
كيف هذا الدَّربُ
يُفْضي للحنينْ؟
إنّي سأَخرجُ من تجاعيدي
وأُسلِمُ مُهْجتي صَفْصافةً
لا ظلَّ فيها
كي أَمرَّ بفيئها
وأُنيخَ ترْحالَ الهجير
**
قولي: أُحبُّكَ
عانقيني
واتْركيني حاملاً قلبي
قميصاً أَرتديهِ
طال ظلُّ الأمسِ حتّى
ضاعتِ الخطواتُ
وانكسرَ الكلامْ
يا أيـُّها النَّدمُ اختصرْني دَمْعةً
إنّي ..
ليحزُنني الّلجوءُ إلى نزيفي
**
مُوجَعاً أَبكي عَرايَ
والخُطا ..
صَهَواتُ عشقٍ راحِلٍ
وأَنا ..
تعبتُ من النَّحيب على النَّحيبْ
فدعي هواكِ مُهاجِراً
في لوعتي وصبابتي
إنّي لَيُوجعُني فُراقُكِ
فاسْكبيني قَطْرةً سَكْرى
أَذوّبُ في حناياها اشتياقي
**
خانني عُمري ..
ضللّتْني نظرةٌ فجرتْ
كما الينبوعُ في زحْم الشّتاءْ
فدعي هواكِ يصوغُ أُغنيتي
وهاتي الحبَّ يصدحُ في قناديلي
مواويلَ السَّهرْ
**
إنّي ..
حلفتُ بمقلتيكِ
وإنّهُ لَقسمٌ عَظيمْ
أَنْ أُمْطِرَ الأيامَ ذِكرى
تُوقظُ النَّسيانَ – رغمَ نُعاسه –
وأُساهرُ الأَجفانَ – رغمَ يباسِها –
وأَعود مُلتحفاً بحبّي
رغْمَ ما أَلقاهُ من مَضّ الأنينْ
**
لا تعبريهِ دمي ..
هَبيني شَهْقةً تنسلُّ كالرّؤيا
تلصُّ من البحار مَحارَها
وتغيبُ في طاحونةِ الأَتعابِ
في زَحْم المسير إلى متاهاتٍ
يُمرمِرُها الحنينُ إلى الحنينْ
**
الماءُ ..
ضاق على لهاتي
فاسْكبي غيْمَ التَّرجّي
واغسلي بالضَّوء عَتْمي
أَوجَعتْني ظلمةٌ راغتْ لياليها
بألفِ حكايةٍ
نهضتْ من الأسحاقِ
تكتبُ سِفرَها مَطَراً
يُخوّضُ ضفَّةً
والرّيحُ تلهو والمدى
وغشاوةُ الميناء
ترحلُ في عُواءِ الموجِ في
قيْح المراكبِ
في صراخ المتعبين
وفي رماد الرّيحْ
في عُرْي المَطَرْ
إنّي ..
حبيسُ الوكْفِ مخضوبُ الجبينْ
**
فدعي صوتَكِ مُهاجِراً
في لوعتي وصبابتي
إنّي ..
تعبتُ من الرّحيلِ إلى الرّحيلْ ***