الخوف هو السجن …
آنا ماريا أنطون
“الخوف هو العدوّ الأول، هو السجن الأوحد، هو الداءُ الأبشع..
كم من أنواع الخيانة تُرتكب بسبب الخوف؟!
يتزوّج الإنسانُ خوفًا من الوحدة؛ وخوفًا من التقصير في الواجبات، يُقيمُ العريسان طنّةً ورنّةً ويدعيان مَن هبَّ ودبّ إلى العرس المسرحي؛ وعلى الفراش الشرعي، يُمارسان الحبّ بصمتٍ خوفًا من فضول الجيران؛ وخوفًا من الملل الزوجي، يُنجبان أولياء العهد؛ ويُحسِنُ الأطفالُ التصرّف خوفًا من تأنيب الوالديْن؛ وخوفًا من القصاص، يجتهدُ التلامذة؛ وتلتزمُ الفتاةُ المنزلَ ليلًا خوفًا على عذريّتها؛ وخوفًا من عدم اكتمال رجولته، يُجرِّبُ الشابُ كلَّ شيء؛ ويدرسُ الإثنان الطبَّ خوفًا على رضى الوالديْن، وخوفًا على رضى الله، تنكبُّ العائلة السعيدة على العبادة؛ وتعتني الزوجة بمظهرها خوفًا من الخيانة؛ وخوفًا على فحولته، يعبثُ الزوج بأجساد الأُخريات؛ ويبقى الإثنان معًا خوفًا من الفضيحة؛ ويُدمنُ الموظّف على العمل خوفًا على الوظيفة؛ وخوفًا من غدر الزمن، يدّخرون القروش البيضاء في المصارف ويشترون بوالص التأمين؛ ويمارسون الرياضة خوفًا من التّرهّل؛ وخوفًا من المرض، يتناولون الدواء؛ ويشغلون الوقت خوفًا من الفراغ؛ وخوفًا على المنطق، يرفضون الخيال؛ ويستسلمون خوفًا من الفشل؛ وخوفًا على الواقع، يتناسون الأحلام؛ وخوفًا من الرّفض، يتشابهون؛ ويتحاربون خوفًا من الآخر؛ وخوفًا على الثروات، يتنازعون؛ ويحملون الهوية خوفًا من الضياع؛ وخوفًا من الحدود، يتسابقون على جوازات السفر؛ ويورّثون الكنية خوفًا على التاريخ الأصيل؛ وخوفًا من الزوال، يُنجبون أنفسهم مرارًا وتكرارًا؛ ويدفنون أجسادهم خوفًا من النسيان؛ وخوفًا من الأرواح، يُحكِمون إقفال المقابر؛ ويترحّمون على الميت خوفًا من الآخرة؛ وخوفًا من الدّعوات، يدعون؛ يُضيّعون العمر خوفًا من الحياة؛ وخوفًا من الموت، يموتون كلّ يوم!”