عربة الشعر
لا توجد في العالم القديم، ولا في العالم الحديث، عربة موحدة، عربة مزينة. تجرها خيول مطهمة، في جميع الأزمنة، في أجواء إحتفالية شبه قداسوية، شبه ملوكية، إلا عربة الشعر.
عربة الشعر، أول مركبة فضائية حطت على سطح الأرض. أعلنت، أن الأرض صارت مأهولة. وأنه صار بالإمكان إستصلاحها وتأهيلها، والإنتشار فيها، وبناء ممالك للشعر في جميع أقانيمها.
أول إستيطان عرفته الأرض، إنما هو إستيطان الشعر والشعراء. نزل الشعر من الفضاء الخارجي. إخترق غلاف الأرض، وحط عربته. عربة الشعر عليها. أرسى بذلك قواعد السفر عبر الفضاوات المحيطة بالأرض. وأرسى كذلك قواعد الإستيطان، في أماكن مجهولة من الأرض. ومن سائر الكواكب السابحة في فضاواتها مع الأرض.
كانت عربة الشعر تتقدم الأمم، التي تفتش لها على موطئ قدم لها، وهي تستطلع الأرض. وهي تستكشف الأرض. وهي تبحث عن وطن لها من الأرض.
أولى الممالك التي عرفتها الأرض، كانت للشعراء. كانت الأمم والشعوب، تدفع بعربة الشعر أمامها، تتخذها بوصلة لها. لتخيراتها. لإختياراتها. تتوطن المكان الذي تنتهي إليه، وتحط فيه عربة الشعر. فيشرع الناس في البناء حولها. لا يسألونها، لأنها مأمورة.
كانت أبنية الناس تحف بعربة الشعر، حتى تشعر بالأمن وبالأمان. حتى تكون بمأمن من غضب. من خوف. من عارض فزع مفزع، مداهم. يداهمها ويفزعها. كانت عربة الشعر المزينة والمطهمة، تبعث في النفوس الأمان، وتنتصر بالشعر وبالشعراء على الزمان. فعاش الناس في كنف الشعراء أحلى أيامهم. وتذوقوا طعم الزمن الآمن، لأول مرة، بعربة الشعر التي إخترقت الفضاوات وحطت بينهم على الأرض.