التاريخ: 25/09/2021
المقال رقم: 41/2021
البــدو فــي فلسطيــن
بقلـم: رشـا بركــات– حكايــات رشـا (رايتـش)
-×-×-×-×-×
فلسطينتي كلما أكتب عنك وأغرف من عين ينابيعك تراني أذهب إلى أبعد من أي تصوّر…فأهديك كلماتي تلك:
فلسطين يا مين يحبها ويداريها
فلسطين كل الناس عشقت نهارها ولياليها…
أما حكايتي هذه، فهي عن البدو في فلسطين. للبيان، أنا أقدم عينات بحثية فلا أنا أطيل ولا أغوص بمقالاتي/حكاياتي في التفاصيل لأنني أفضّل أن أترك لكم – قراء حكاياتي الأحبة- مهمة البحث وتحفيزكم أكثر على المطالعة المستقلة لعناوين حكاياتي، لنبحث سويا ونزداد معرفة…
فقد سكن البدو في فلسطين منذ التاريخ حتى شكلوا جزءا من التراث والديمغرافيا الفلسطينيان. ففي فلسطين كما كل بلاد العالم هناك أهل مدن وفلاحين وبدو. البدو ما يتم تسميتهم في البلاد الأجنبية بالغجر Gitans، أما بدو فلسطين، فهم الآتين منذ التاريخ البعيد من شبه الجزيرة العربية وقسم آخر من مصر.
ينقسم البدو في فلسطين إلى ثلاث فئات.
بدو الشمال وهم يتوزعون في منطقة الجليل ويسكن أغلبهم في مدينة شفا عمرو، جاءوا من الجزيرة العربية ابتداء من الحجاز وصولا إلى العراق كقبيلة السواعد والتي تعتبر من أكبر القبائل البدوية التي تعيش في الشمال وهناك قبيلة النعيم الذين أتوا من العراق.
بدو الشاسو وهم البدو الذين يعيشون في الجنوب وهم القدماء أغلبهم من غزة وبئر السبع. كما تشير الأبحاث أنهم من فئة العمالقة. هم بدو صحراء فلسطين الذين تميزوا عن غيرهم من البدو بالشدة والتفوق بصناعة المنجنيق والخوذات الحديدية والعتاد الحربي عبر التاريخ وما اشتهروا به بصناعاتهم الحربية المتنوعة والتي انتشرت في عدة بلاد ومناطق فيما بعد، هو إدخال البرونز في تلك الصناعات (صناعاتهم). أما تسمية نسبهم بالعمالقة فذلك نسبة للجد الأكبر، عمليق بن لاود بن سام بن نوح عليهم السلام. إنهم من العرب العاربة الذين تكنوا بال”هيكسوس” من قبل اليونانيين القدماء، أي “ملوك الرعاة”. خاضوا معارك عدة وأبرزها ضد فراعنة مصر واستطاعوا أن يفرضوا نفوذهم على امتداد جنوب منطقة بلاد الشام بما فيها أقسام من لبنان وسوريا (كما نسميهم الآن) ولا ننسى أن الأردن هو في الأصل بادية فلسطين.
بدو الضفة الغربية وما يسمى بالمثلث أغلبهم يعيش في وسط فلسطين، وقد أتوا من بلاد الحجاز عبر التاريخ القديم كقبائل التعامرة في بيت لحم والسواحرة في شرق القدس وغيرهم الذين يتوزعون ما بين الخليل وشرق القدس وغيرهم…
اشتهر بدو فلسطين بشكل عام بعدة صناعات أضافت للتراث الفلسطيني غنى. فمما لا شك فيه، أن هذا التنوع الديمغرافي عبر التاريخ قد شكل ثقافة فيها الكثير من التميز فبرزت طاقات أكسبت لهذه الثقافة إبداع في الصناعات وتطوير مستدام عبر الأجيال التي توارثت هذه الصناعات عن أهلها ومن سلفها، كصناعة صواني القش والحبال وبعض الأشغال اليدوية المتنوعة والتي انصهرت مع النسيج الفلسطيني بل هي جزء منه. كذلك، لقد اندمجت صناعات البدو مع صناعات الفلاحين وازدهرت وتطورت لتدخل في عمق التراثيات.
وعندما نقول صناعات، لا يمكننا أن ننسى فترة إستراحة الإنسان العامل. فجاءت صناعة القهوة.
اشتهرت مؤخرا في عصرنا الحالي، إنسانة فلسطينية مسنة (85 سنة)، في منطقة أريحا شرق الضفة الغربية، أمينة دريعات، بصناعة القهوة من نواة التمور! نعم إن هذه الصناعة هي فخر الصناعة الفلسطينية بعد دراسة تجاربها في بلاد المغرب العربي….
الأجمل من هذا، أن المرأة الفلسطينية المسنة التي تصنع القهوة بالشكل المبدع هذا مع زميلاتها في الجمعية، جعلها تجود بإبداعها لتقرر وتسعى إلى بناء مصنع لهذا النوع من القهوة مع النساء الفلسطينيات الأخريات في المدينة وبإدارة رئيس الجمعية السيد هاشم.
فقد قالت السيدة أمينة دريعات لوكالة الأناضول الإعلامية أنها تعمل في “الجمعية التعاونية لمزارعي النباتات والمنتجات العضوية” مع عدد من النسوة الفلسطينيات على إنتاج قهوة نواة التمور التي هي جديدة وابتكار نوعي وفريد وصحي. وأضافت بأنها من البدو الفلسطينيين وقد اشتهر البدو عبر الزمن بصناعة القهوة من البن بشكل تقليدي لكن هذه القهوة الجديدة، هي خالية من الكافيين، صحية بامتياز وليست من المنبهات وكذلك، تتميز بنكهة فريدة.
أما الفلسطيني البدوي المشرف على النسوة، مؤسس الجمعية، السيد هاشم، فقد أضاف للأناضول أن طبيعة أريحا غنية بأشجار النخيل وأن المدينة تنتج كميات كبيرة من التمور ذات الجودة الممتازة وأنه يتم تلف 25 ألف طن من نواة التمور سنويا مما جعلهم، أي العاملين في الجمعية، اعتماد فكرة ومشروع صناعة القهوة من تلك التمور بالطريقة الصحية والفعالة. فقد علمت إدارة الجمعية عن التجارب المسبقة التي تمت في كل من بعض بلاد المغرب العربي التي تشتهر بالنخيل أيضا وبالتالي، تمت دراسة مشروع صناعة القهوة بهدف تأمين فرص عمل للسيدات التي تنتسب للجمعية وعدم هدر نواة التمور بل الإستفادة منها بصناعة تضمن الفعالية والإنتاجية.
أختم حكايتي بأن البدو في فلسطين هم قيمة مضافة للتراث الفلسطيني وصناعاته وازدهار ميزان فلسطين الثقافي والتجاري. عاشت فلسطين بتنوع شعبها، عاشت وحدة الشعب الفلسطيني على اختلافه وتحياتي أنا ابنة المدينة، مدينة يافا التاريخية العريقة، للبدو في فلسطين…