سلسلة امرأة الأرض والماء
“الجزء الثاني”
سليمى السرايري عالم من الألوان والأشجان :
-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=-
حرفا… فنا…… حبا…. براءة…. صمتا …حزنا…..معاناة.. صدقا .. غضبا..
للزجاج مكان في قلبي الرقيق وفي روحي التي تحب الشفافية ،
روحي الشديدة الإحساس، المرهفة لدرجة تخوّفني…
أنا لا أتقن الشجار ولا الجدال لأنّي أخاف…
خوفي ليس من الناس، فأنا صادقة جدا حتى مع نفسي، بل أخشى أن أغضب وحين أغضب أبكي لأيام وأمرض، لأني دوما أعتقد أن الناس مثلي لا يجرحون غيرهم ولا يسخرون لذلك تأتي تلك الحساسية الخطيرة التي تضرّ بي قبل أن تضر الذين من حولي…
لا يوجد انسان في الدنيا يتعمّد الحساسية إلا لأنه صادق ويحترم الآخر ويحب أن يُعامل بالمثل، لهذا تولد الحساسية المفرطة ربما لأن البعض يجرحون ويمضون غير منتبهين لقطرات الألم النازفة..
علّمتني الحياة الصبر والبكاء في صمت حين أتعرض لموقف جارح، وأمضي بدوري في حيرة أتساءل لماذا يصرّ البعض أن يخدش الزجاج ويذرو عليه الغبار؟؟؟
مشكلتي أنّي أفكّر بصوت مرتفع ولا أخبئ شيئا في قلبي…
أثور كما الموج…..
أضحك مثل الأطفال..
أبكي وأبتسم في آنٍ…
وكل يوم أكبر في الحزن…..
لي وجه بشوش وابتسامة على ثغري حتى وأنا في قمّة الشجن..
أذكر حين كنت في المشفى ذات وعكة خطيرة ألزمتني غرفة الإنعاش، مرّ الطبيب من سريري وقال لي هل تبتسمين يا سليمى؟؟
أجبته :
لا دكتور…أنا أتالّم……..!
أعترف، أن الإصرار على إشراقة الوجدان في هذا العصر الرافض للحبّ والرافض للقيم أيضا، هو رهان على تحدّي كلّ ما من شأنه أن يشوّه الجمال ويحرق ما أضاء هذا الوجدان من روعة المشاعر الإنسانيّة النبيلة…
لذلك لابدّ من طريقة لتجاوز كل العراقيل ووجدتُ أن القلم والقرطاس هما المنفذ الوحيد نحو الأفق…
فأجمل الأوقات عندي هي أوقات السكينة في خضمّ بحور الكتابة وخوض أمواجها….
أكتب كثيرا وأذكر وأنا في سنوات التعليم الابتدائي أني لا أخرج إلى ساحة المدرسة في الراحة،، بل أظلّ في الفصل أخربش أو أطالع قصّة من المكتبة الموجودة هناك وكنت دوما الأولى في التعبير الكتابي… وسأعود على تلك الفترة من حياتي في قريتنا من حين لآخر في هذه السلسلة لأنتقل الآن إلى الفن وما يفعله الفن في الفنان الذي يتميّز على الأشخاص العاديين بفنّه وعمقه وموهبته..
فأنا كفنانة تشكيلية أغرق في لوحاتي، أتخلّص تماما من زنزانة خفيّة بلا قضبان ،، وأكمن في بانورامية مذهلة بلا جدران ولا سلاسل…أريد دوما الانفلات – وليس الهروب ،وكأنّ فزّاعة في ذلك الضباب الذي يزداد قتامة كلما فتحتُ عاصمة لألوان جديدة…
هناك من يخنقني …
نعم انه “الإختناق”
الإختناق الذي يسقط علي فجأة حين تضيق الاتجاهات,,, وتموء في الزوايا آهة متأرجحة أيضا..اختناق حدّ الغرق…الاختناق حدّ البوح بما اكتظ به قلبي وفاضت به الريشة…
هكذا أتقنُ “بانوراميّة” السفر في الآتي ، أوظف النهر والبحر للغرق، وتجاعيد الوقت لوجوه عابرة، فهي اشارة للحياة كغمامة حالمة ترحل نحو السماء….
و قصيدة أنهكتها الذات العابثة…
وهكذا أمضي تسبقني خطواتي في طريق لا أعرف هل هي طريقا وعرة أم سهلة ،، لا يمكنني التوقّف ولا حتى العودة رغم ما ينتابني من رعشة خفيّة من المجهول..
تعلّمت الإقدام والثبات والتحدّي وأفكّر كيف أخلق لنفسي عالما خاصا جميلا وأرسم دوما في آخر كل طريق نقطة الوصول إلى الطرف الآخر قبل أن أنعرج إلى طريق جديدة…
طريق متفرّعة دون لافتات وليس عليّ سوى أن أفكّر طويلا أيّ طريق سأختار….
…/…
يتبع
أجدد شكري الكبير لشخصكم الراقي صديقي الكاتب الاعلامي والمسرحي يوسف رقة- ممتنة جداااا