“خواطر الأزمة في لبنان”
حكايات رشا بركات – رايتش
-×-×-×-×
هاجري حيث تليق بك الهجرة. هيا، اتركي المكان. اتركي النذالة في حكم لبنان.
سأفكر. لكنني تسميت بزيتونة بلادي وبرتقالة جدي. سافرت وعدت وقررت البقاء. ذهبت وأتيت وتحملت كل أنواع الغبن والظلم.
أهاجر؟
نعم. هاجري.
كل الكفاءات معك. ستكملين ما بدأته من رحلتك المضنية في تحقيق الذات باستقلالية تامة. ستكملين دراساتك للدكتوراه التي توقفت عنها بسبب الكورونا والظروف السوداء الهوجاء. ستنالين كل أنواع الجواهر التي تستحقينها. ستصبحين مواطنة وتحملين أوراقًا تزكيك أينما كنت في مختلف أقطار العالم. ستستطيعين الذهاب الى روحك فلسطين لتكملي بقية حياتك في يافاكِ كما ترغبين وتريدين. ولربما تصبحين الناطقة الاساسية باسمها واسم غيرها والشعب لانك ستكونين في الغرب اكثر جدوى من بلادنا الفاشلة تلك.
هيا، اتركي. اذهبي حيث يليق بك الذهاب.
أنا التي لم ترد يومًا أن تفكر بالهجرة ولم ترسم لنفسها مصيرًا ذاتي دون مسؤوليات وطنية، فكرت بالهجرة. نعم. خطوت اول درجة لكنني توقفت. لم أستطع ترك بلادي. لا، لن أذهب. لن أترك الأزمة تتغلب علي. لن أهاجر. لن أرحل.
حتى لو لقبوني بملكة الغباء، أو الرعناء أو حتى بالتي لم تحسن تدبير أمورها وفق سيناريو الذكاء. لا. لن أهاجر.
لن أترك بيتي تحت تأثير خمر التميز البراق. لن أتخلى عن ترابي حتى لو بكيت منه صبحًا ومساء. لن أسمح للفاسد أن يعتبرني أجنبية كذلك أو لاجٸة لانها أرضي قبل أن تكون أرضه وفق أوراقه الثبوتية.
هذا الإمتداد الجغرافي الواحد الذي صنع دماٸي، فلسطينتي ولبناني، يحتاجان أهله وأشرافه وليس فقط جهال القوم وصغارهم.
ليتحد المثقف، ليقف موقفًا كريم في وجه سياسات التهجير وكسر النفوس وتحطيم المعنويات بدل أن يفكر بالهجرة وينسى دماء أجداده. أعلم أن اهالينا في كل البلاد هم فخر لنا في الوطنية كذلك، لكن…لننحت منحوتة الاقامة برغم كل انواع الشقاء. لنقاوم بالبقاء بدل ترك البلاد. لنتحدى كل شيطان أراد منا أن ننسى الوفاء بطرق الدهلزة…لنفطن لمكره، لنكن نحن الفداء.