…غاب صباح اليوم الشاعر العراقي الكبير سعدي اليوسف الذي جعل من الإنسان آلامه محورا لجميع قصائده التي ارست مداميك الشعر الحديث في بلادنا العربية .
اليوسف أوصى أن يدفن في لندن دون مراسم تشييع , حتى الموت عبثي في اعتقاده ..اراد أن يرحل تاركا عكازته الخشبية على العشب الأخضر ..ان يرحل فقط دون ضوضاء عن حياة كانت مليئة بالضوضاء والترحال في بلاد الله الواسعه ..
موقع ” ميزان الزمان “يتقدم من الشعراء اللبنانيين والعرب بالتعازي القلبية وينشر بعض مع كتبه اصدقاء الموقع عن الشاعر الكبير :
الكاتب فواز طرابلسي :
الوداع سعدي يوسف، شاعري وصديقي.
ما عاش الا للشعر. كل شيء يتحول بين يديه الى شعر: اشياوات الحياة اليومية، الحب، المرأة، الشيوعية، وصولا الى ملاحم العراق ومآسي شعبه: «بلادا بين نهريَن /بلادا بين سيفيَن.»
عشنا معا في بيروت التي تقاوم الحصار الاسرائيلي بـ«قلبها الياقوت» ورافقته متنقلا في منافيه بين دمشق وقبرص وعدن وفرنسا الى ان استقرّ في انكلترا.
في آخر اتصال ارسل لي هذه القصيدة التي تقول الكثير عن سعدي الشاعر والانسان.
أن تكونَ على التلّ …
أرتقي في الصباحِ الـمُـبَكِّر، تلّةَ هَيْرْفِيلْد
معتمِداً عَـصَـوَيَّ اللتينِ تُعِينانِ ساقَيَّ
( قد وهَنَ العظْمُ مني كما تعْلَمُ ) …
العشبُ أخضرُ
والـمُرْتَقى ضيِّقٌ
( هو أصْلَحُ للماعزِ )
الشمسُ أوضَحُ في الـمرتقى آن أبْلغُ هضْبَتَهُ؛
من هنا سأرى كونَ هَيْرفِيلدَ أوضحَ:
تلكَ البيوتَ التي جئتُها منذُ ألفَينِ …
تلكَ البيوتَ المطابخَ
أو غُرَفَ النومِ،
حيثُ الخنازيرُ ترعى نهاراً
لكي تتسافدَ في الليلِ.
ألْمحُ طائرةً تُشْبِهُ الحوْمَ
(مدرسةُ الطيَرانِ القريبةُ سوف تؤهِّلُها للقنابلِ)
كان ضبابٌ شفيفٌ على القريةِ.
الشارعُ انطَمَسَ …
*
أنْ تكونَ على التلِّ
أفضلُ من أن تُخَوِّضَ في الوحْلِ …
*
ما هذه الحكمةُ المتأخرةُ ؟
*
الآنَ تهبطُ ،
لكنْ لتنتظرَ الصبحَ
والـمُرتقى!
الشاعر اللبناني شوقي بزيع :
” لم يصدّقْ أحدٌ ما زعم الشاعرُ ،
لم ينتبهِ الناس الى الموت
الذي ينهشُ في هيئة ذئبٍ جسمه الرثّ ،
لكي يستخرج المعنى الذي في قلبهِ ،
الناس نيامٌ
فإذا الشاعر مات انتبَهوا ” .
كلمة الكاتب والأديب الجزائري واسيني الأعرج :
رحيل الشاعر الكبير سعدي يوسف
لروحك الرحمة والسلام. الشعر العربي يتنفسك بيتم. لم يكن مرورك في هذه الدنيا حدثا عابرا. فقد خلفت وراءك جيلا واسعا فيه من روحك وقلبك وسحر لغتك.
في القلب دوما يا صديقي.
وداعا أيها الأخضر
يتقدم اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة بأحر التعازي والمواساة الى أدبائنا ومثقفينا برحيل الأخضر الشاعر سعدي يوسف أيقونة الشعر العراقي.
ويذكر ان الشاعر رحل في الساعة الرابعة وعشر دقائق من صباح امس السبت 12 / 6 / 2021، وقد تم تأجيل اعلان وفاته بناء على رغبة الشاعر، وسيتم دفنه في مقبرة (الهاي غيت) بلندن دون تشييع بحسب رغبته.
وداعا أيها الأخضر.
سعدي يوسف (1934 – 12 حزيران/ يونيو 2021). شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة، اكمل دراسته الثانوية في البصرة ، تخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954 ، “ليسانس أدب عربي” عمل في التدريس والصحافة الثقافية. غادر العراق في السبعينيات إلى الجزائر وبلدان عربية أخرى. أخر إقامة له كانت في لندن.
نال جوائز شعرية كثيرة: جائزة سلطان العويس، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي، وجائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا.
كلمة الشاعر العراقي عامر الطيب
لقد رحل الشاعر سعدي يوسف بعد حياة طويلة و مليئة بمغامرات مع الأحبة و الأعداء، تاركاً خلفه منجزاً هاماً و محترماً بقدر كافٍ من شعر و ترجمة و مقالات مضافاً لحياة مثيرة للجدل المفيد أحياناً و للزوبعة فقط أحيانا أخرى.
لكن ما أقرأه حالياً في الفيسبوك لا يخرج -إلا ما ندر – عن أن سعدي يوسف كان آخر الشعراء العرب أو إنه لا يوجد شاعر لم يتأثر بسعدي يوسف .
إنها مقولات معلبة لا تنم عن قراءة يقظة للأدب كتراث إنساني لا يشكل وجود شاعر فيه إلا بقدر ما تشكله ذرة في غبار الكون .
ثم إن تلك الإطلاقات تحط من قيمة أي عقل حر مثل سعدي يوسف فلو أخذ أي أحد منا مقولة- آخر الشعراء العرب- على محمل الجد لما صار شاعراً .
إن التأثر بتجربة شعرية ما هو أمر نسبي و له علاقة جادة بالزمن لا يمكن الاستهانة بها فمن غير المنطقي أن أتأثر أنا بشعر سعدي يوسف كما تأثرت به الأجيال التي عاصرته أو سبقها بفترة زمنية محدودة إذ أن تأثري سيكون غالباً بالشاعرات و الشعراء الذين أعاصرهم الآن ، التأثر بمعنى التحريض على الكتابة لا التقليد.
السلام على سعدي يوسف شاعراً عراقياً من ضمن شعراء كثر سيرحلون لن يكون أحدهم هو الشاعر الأخير لبلاده ولا لقريته ولا لعائلته و تلك قمة المجد.
كلمة الناقد العراقي د. عارف الساعدي :
حملتُ على رمال شمال أفريقيّة السعْفا
وأحرقتُ الخرائط في مرافىء
مصر بين الشرق والمنفى
وعبر دروب بنغازي ودرنة
كنتُ اُسألُ عن هويتيَ التي مزقتُها نصفين
أعطيتُ المفوض نصفها
وحبيبتي نصفا
هذا اول مقطع من نص عظيم حفظته لسعدي يوسف وقرأته في مهرجان شعري في الجامعة المستنصرية سنة ١٩٩٦ وانا لا أعرف أن سعدي ممنوع ذكره في المحافل الرسمية في العراق
وبسبب هذا المقطع استدعتني الفرقة الحزبية في كلية التربية لكني غادرت الجامعة ولم أعد لها إلا بعد سنة كاملة، فاحتسبت عليَّ غياباً ورسوباً في تلك السنة
اليوم رحل احد اهم أعمدة الحداثة الشعرية العربية، الشاعر المختلف عليه، والذي مزق هويته، ولكنه استعادها بشعريته العالية.
انا الان في دار الشؤون الثقافية اقلب في مجلة الأقلام وفي أعدادها الأولى، حيث اسم سعدي يوسف منقوشاً في كل عدد محرراً ومسؤولاً وشاعراً فيها، اخيراً هدأت روحه اللائبة والقلقة، وداعاً لروح الشعر وخلاصته
الناقدة والشاعرة اللبنانية هاله نهرا :
الشاعر العراقي سعدي يوسف: وداعاً..! برصانته وبزلاّته التي كانت تثير أكثر من جدل، ما كان قد كان وانطوى.. أما الآن، فاغفروا له جميعكم وترحّموا عليه.. إلى جنان الخلد أيها المبدع العربي الكبير الكبير الكبير الذي لا يتكرّر. سلامٌ لروحك..
الشاعرة والكاتبة التونسية ريم قمري
عندما يموت شاعر بحجم سعدي يوسف يدخل الشعر في حالة حداد كأن آلاف الدواوين و القصائد احترقت برحيله لروحه السلام الأبدي.
الشاعر السوري هاني نديم كتب :
مما قاله الأخضر، سعدي يوسف:
بلاد الله واسعةٌ؛ ولكنْ
يضيق العيش حين تقولُ: كلاّ
كأنّ نعومة الكلمات دربٌ
إلى النُّعْمى، وإنْ أمسيتَ صِلاّ
تعالى الحقُّ يا ولدي فدعنا
ندقُّ صنوجَنا
أعلى فأعلى
****
أنت تسكنُ مُسْبَقةَ الصُّنْعِ
بين مساكنِ برزة
وابن النفيس..
وقد تتمشّى من البيت صبحاً لكي تبلغ المرجة
الصبحُ يعبق بالياسمين..
المدينةُ تستيقظ
لم تكن في دمشق الغريب
لقد كنتَ فيها، كما كنتَ في يومِ مولدِكَ؛
اخترتَها آنَ نادتْكَ أمّك باسمك. أنتَ المسَمّى بها
وهي “أعني دمشقَ” عروقك
تَخْفَى، وتحفر تحتَ الأديم،
وتمتدُّ بين الجبالِ وجَبْلةَ،
بين الخليجِ الملوّث والمتوسّط :
تمتدُّ بين الحياةِ وبين الممات
((جار الزمانُ وأهداني الأذى جاري
ولم يَعُدْ بـَرَدى تنويمةَ السـاري
والوحلُ صار بديل السَّلسل الجاري
ما كان وجهُ دمشق العابس الضاري
هل من سبيلٍ إلى كأسٍ وأوتار؟))
****
نأتْ سمرقندُ في خيطِ الحريرِ
كما نأتْ بُخارى كما تنأى دمشقُ
وتنأى قبلَها النجفُ
أليس دجلة بالراحاتِ يُغْترَفُ؟
وأنّ ما قيل عن ماءِ الفراتِ
هو الخرافةُ، تعلو حينَ نختلفُ !
أقولُ: أحببْتُكِ .
الصوتَ الأجشَّ وما دغدغتُ من زغَبِ الدلتا
بمُنعقد الساقين حاضرةٌ أنتِ العشيّةَ
لكنّ الرسومَ مضتْ …
لا من سمرقندَ عندي
لا قِبابَ على بُخارى
ولا خمّارة في الضواحي من دمشق
لقد بلغنا خراسان الـمُحالِ
أهكذا؟
إننا الدكّانُ…
والتُّحَفُ
****
لماذا تنهضُ الأشجارُ حتى إذا رقدَ السناجبُ والجميعُ؟
كأنّ ذوائبَ الأغصانِ تُهدي أماناً للحياةِ، فلا تضِيـعُ
أقولُ اليوم لامرأتي: سلاماً..
ألسنا الوردَ إنْ رحلَ الربيعُ؟
****
شـرَعَ السنجابُ يخبّئ تحت الأرضِ مؤونته
مقترباً حتى من بابي
ما أجملَ هذي الدنيا قبل المطرِ
السنجابُ يمُرُّ على السنجابِ
****
ظلَّ كما كان شــيوعـيّـاً
يعملُ في قبوِ المبنى ســرّاً
ويُـسَـمّـى “أي يتسـمّـى”: سـينْ
يقرأُ ما في الصحفِ الأولى
يستقرئ تاريخ العالم والعمّالِ
ويطلبُ ما يـتـقـرّاهُ ولو في الصينْ
أحياناً يتذكّـرُ من ظلّوا معه في الدرب
فيفرحُ حين يُعدّدهم :
أفذاذاً وملائكةً من أعلى عِلِّيّـينْ
وأحياناً يتذكرُ من خذلوه بمنعطفات الدربِ
فيأسـى حين يُـصنّفه موتى ومُـرابينَ
وأعواناً للمحتلّـينْ
ويقول: الدربُ طويلٌ
والليلُ رتيبٌ تسكنه الوحشةُ في قبو الـمبنى
رطبٌ وطويلٌ
لكني صرتُ أخيراً أعرفُ
كيفَ أعلّـقُ في الساعاتِ، لئلاّ يخنقَني خيطُ الساعاتِ؛
نجوماً من ورقٍ ورياحين
****
يا ربّ النخل لك الحمدُ
امنحني يا ربَّ النخل رضاكَ وعفوكَ
إني أُبصرُ حولي قاماتٍ تتقاصر
أُبصرُ حولي أمطاءً تَحدودِبُ
أُبصرُ من كانوا يمشونَ على قدمينِ انقلبوا حـيّـاتٍ تســعى …
يا ربَّ النخلِ ، رضاكَ وعفوَكَ
لا تتركني في هذي المحنة
أرجوك
امنحني، يا ربَّ النخلةِ
قامةَ نخلةْ
****
في صمتِ مساءٍ ما،
آنَ الغابةُ – أيضاً- غائبةٌ في العتمة
سـوف تفارِقُ هذي اللعبة حتى الأبد!
السنواتُ تمرُّ على ألواحِ زجاجِ الشبّاكِ
عقوداً
وعقائدَ
واستحضارَ مَـشاهدَ
سوف تكونُ سعيداً لحظاتٍ..
سوف تكونُ خفيفاً، محمولاً فوقَ بساطٍ من ريشِ البجعِ الأولِ
سوف تكونُ الطفلَ الأوّلَ
ملتحفاً بالغيمةِ
ملتحقاً بالكونِ
يفارِقُ هذي اللعبةَ
حتى
الأبد
الكاتب سليمان جمعة :
مدرسة شعرية تغمض جفونها …
وترحل
سعدي يوسف
في ذمة الغياب
الكاتبة الجزائرية ريم نجمي :
وداعا سعدي يوسف، أعطيتَ ووفيت
لروحك السلام
الفنان المسرحي التونسي فاروق صبري :
………(من لي سواك
اذا اغلقت حانة في الرباط
ومن لي سواك
اذا اغلقت في العراق النوافذ)…….
ومن سواك يمنحنا الجمال
اذ صمتت قصيدتك في بغداد
يا سعدي يوسف
سلاما لا وداعا أيها الشاعر الصاخب العذب
دموعا لا رثاء وانت تترجل عن عبارة شط العرب
يا ابن يوسف الأخضر كاخضرار سعفات نخلاتك البصرية
الشاعر جعفر ابراهيم
غمضة شعر
إلى سعدي يوسف
————إلى ذِمّةِ التّراب
عادَ إلى الرّحم..
على ظهره عاد..
مُغْمَضُ الدّمعةِ..
مُكفّناً بجَريد الغربةِ وحزن العراق
يا السَّعْدِيُّ..
كيفَ يُمْكِنكَ الرّحيلُ..
والشّؤمُ يلِفُّ أغصان البلاد؟!
كيفَ يرثيكَ الشّعرُ ..
وأخذتَ معكَ حُلْكَةَ المِداد..
يا مَهيضَ اليراعِ..
كيفَ يبيتُ الجِنُّ في أعشاشِ الثّرى..
وكيفَ تُخْتَصرُ المسافاتُ إليك..
وأنتَ اقنَصْتَ سيف الوقتِ..
وجَرّمتَ السّحاب…؟
ألعراق جريحٌ أيا سّيّدي..
وما عاد في كِنانَتِكَ إلّا حُسْنُ المآب…!
الناشطة المسرحية المصرية صفاء البيلي
ويلحق سعدي يوسف بطوابير الأحباء الراحلين.. فهل اكتمل نصاب الشعراء؟
رحمه الله وعفا عنه واسكنه فسيح جناته
الشاعرة والاعلامية اللبنانية عبير شرارة
سعدي يوسف
اغلق خلفه باب الشعر وغاب …
اخر الشعراء … اشدد اخرهم
الوداع
الشاعرة التونسية العامرية سعد الله الجباهي :
ورقة أخرى تسقط
في صمت…
رحيل الشاعر الكبير سعدي يوسف، أحد أهم المجددين من شعراء الحداثة، العراقي الذي عاش في المنفى وكتب أجمل القصائد في الشعر الحديث
الكاتب والناشر فرحان صالح :
#سعدي_يوسف (1934 – 2021) وداعا
بمزيد من الحزن تنعى مجلة الحداثة علما من أعلام الثقافة العربية الشاعر والأديب العراقي سعدي يوسف. هذا الشاعر الذي ترك بصماته في الحياة الثقافية العربية، بخاصة على الصعيدين الأدبي والفكري، فأغنى المكتبة العربية، وساهم من خلال شعره، في رسم صورة لمدرسة منحازة للكادحين، والعدالة والحرية والفقراء، مدافعا عن المهمشين، وراسما صورة لجهودهم ومعاناتهم… هكذا عاش الشاعر الكبير ومات.
بصمات سعدي الفكرية نتابعها في عيون وعقول من رهن أدبه للتعبير عن معاناتهم. لذا سيبقى سعدي مرجعا للقضية التي حملها.
تعازينا لاتحاد الكتاب العرب ولحلقة الحوار الثقافي ولجمعية الفلكلوريين العرب وإلى كل رفاقه الأدباء والمثقفين والشعراء في العراق والعالم العربي. لروحه السلام
رئيس تحرير مجلة الحداثة
فرحان صالح