يوم البيئة
-×-×-
الخامس من حزيران، هو يوم البيئة العالمي. ففي مثل هذا اليوم من العام1972، كان الإجتماع الشهير لبعض دول العالم، تحت راية الأمم المتحدة، للإحتفال بالبيئة والسهر على سلامتها، وحمايتها من كل إعتداء عليها.
دام هذا الإحتفال في إستكهولم، عاصمة السويد، لمدة إسبوعين. ثم لم يلبث أن أقر هذا اليوم البيئي العالمي، في الخامس عشر من كانون الأول، من العام نفسه، 1972.
وفي العام1974، جرى الإحتفال بهذا اليوم العالمي للبيئة بصورة رسمية، وأخذت دول العالم، تحتفي بهذا اليوم، بصورة متعاقبة، عاما إثر عام.
وبمناسبة الإحتفال السنوي بيوم البيئة العالمي، الذي يصادف اليوم/ 5/6/2021، أطلقت دعوة إلى توفير الدعم السياسي لهذا اليوم، وإلى توفير الجهود العالمية للبحث العلمي في هذا الشأن، وإلى التغطية المالية، لتوسيع نطاق إستعادة النظم البيئية، لإنقاذ الأرض والإنسان.
البارحة، تم إجتماع وزراء المال، في مجموعة الدول السبع في لندن، والمكونة من فرنسا والمانيا وإيطاليا وإنكلترا واليابان والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الإتحاد الأوروبي، والتي إنضمت إليها كندا، فيما بعد. وكانت البيئة ومكافحة التغيير المناخي، في صلب هذا الإجتماع.
والواقع، أن جميع النظم البيئية، إنما تواجه التهديدات في كل مكان. ويرجح العلماء، أن يؤدي، تدهور سلامة الأرض، إلى إنخفاض مروع، في إنتاج الغذاء العالمي، بحيث تصل النسبة إلى12%. كذلك من المتوقع، أن يهاجر ما يصل إلى700 مليون شخص، بسبب التدهور اللاحق بالأراضي الزراعية، وكذلك بسبب التغير الذي يطال المناخ، منذ أول القرن الحالي، وحتى المنتصف منه.
يتنبأ العلماء بأن يؤدي تدهور النظام البيئي الحاصل يوميا، إلى زيادة الإتصال بين البشر والأنواع البرية. وهم يرون أن حدوث مثل ذلك، لمما يعزز فرص ظهور وإنتشار الأوبئة والأمراض، وخصوصا المعدية منها.
إن تقرير” حالة التمويل من أجل الطبيعة”، الذي صدر عن “يونيب”، ومنظمات أخرى في الشهر الماضي، إنما يشير إلى أننا بحاجة إلى 8,1 تريليون دولار للإستثمار في الطبيعة، حتى منتصف القرن. ولهذا أعلنت الأمم المتتحدة عقدا من السنوات لها إبتداء من اليوم.
ولا شك أن النظم البيئية، والتي هي شبكة الحياة على الأرض، إنما تجمع الكائنات الحية وكذلك التفاعلات بينها وبين الأشياء المحيطة في مكان محدد. إبتداء من حبيبات التربة، إلى الكوكب بكماله، بما فيه من ألوان الحياة.
فالغابات والأنهار والأراضي الرطبة والمراعي ومصبات الأنهار والشعاب المرجانية، كما المدن والأراضي الزراعية، إنما تمثل نظما بيئية مهمة، وإن كانت معدلة بشريا.
إن تحقيق هدف “تحدي بون”، متمثل في إستعادة350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والأراضي التي أزيلت أشجارها في جميع أنحاء العالم، إلى نحو9 تريليونات دولار من الفوائد الصافية. ورغم ذلك، لا يزال الإستثمار في الطبيعة غير كاف، لمواجهة تغير المناخ والحفاظ على التنوع الحيوي، ووقف تدهور الأراضي.
ويعتبر توفير الحماية للموارد الطبيعية، مدخلا للحفاظ على التنوع الحيوي، وهو يمثل النهج الذي تحاول أن تسير عليه مجمل المبادرات العالمية لإسترجاع نظم البيئة.
وما من شك، ان إستعادة النظم البيئية، إنما تسهم في الحفاظ على التنوع الحيوي. كما أنها تسهم في تحسن صحة الإنسان، وتزيد الأمن الغذائي والمائي، وتدعم التخفيف من آثار تغير المناخ والقدرة على الصمود والتكيف معه.
في يوم البيئة العالمي، يجدر بالناس جميعا، وبالمسؤولين خصوصا، التفكر، بما هو آيل إليه مصير الأرض، إذا ما ظلت النفايات تثقلها، وإذا ما ظلت الحروب تفتك بها، وإذا ما ظلت المصانع الكبرى وإنبعاثات العوادم تلوثها.
إن صناعة الحروب في العالم، في الشرق الأقصى لآسيا وفي الشرق الأدنى، وفي الشرق الأوسط، هو ما يضر بصحة الأرض كلها.
كذلك يمكن الحديث، عن المصانع الضخمة في العالم الصناعي، وعن معامل إنتاج الطاقة الحراريةالملوثة والفتاكة. وعن جميع الصناعات الخفيفة والثقيلة، التي أثبتت ضررها الجسيم بالبيئة، مما يجعل الأمر خطيرا للغاية.
في يوم البيئة العالمي، نتطلع إلى السنوات العشر القادمة، وما تحمله من جهود خيرة، ليس لتحسين جودة الطبيعة والمحافظة عليها وحسب، وإنما لصونها من الحروب المستجرة، في أهم بقاع العالم قاطبة: فلسطين وسوريا والعراق والأردن ومصر، وصولا إلى الخليج العربي واليمن والبحر الأحمر.
إن وقف الحروب المستجرة في هذة البلدان، إنما هي المدخل الحقيقي، لإصلاح الحياة على الأرض. إذ لا يكفي أن نضع التريليونات من الدولارات، للتحسين في الشروط البيئية الصالحة، وإنما الأجدر بنا أن لا نضر بأنفسنا وبالأرض، من خلال الحروب، والصناعات الحربية، ذات الطاقة التدميرية على وجه الخصوص.