حدث ثقافي وأدبي في تونس :
سليمى السرايري تسجل 120 قصيدة تونسية بصوتها الجميل ضمن مكتبة خاصة على غوغل
بقلم : محمد بن رجب ( صحافي وشاعر تونسي )
………………….
فاجأتني الشاعرة سليمى السرايري قبل أيام بشريطين سجلت عليهما قصيدتين لي بصوتها الجميل ذي النبرات المتميزة ببعد شعري داخلي يضفي على النص نغمات فنية عميقة تشد السامعين وتقرب الشعر إليهم بل قد أتجاوز القول هذا للتأكيد أن صوتها يجعل الإنسان العادي يحب الشعر إن لم يكن من أهله ومن المتعودين على قراءة الشعر أو الاستماع إليه من الشعراء أنفسهم أم عبر الإذاعات التي تخصص بعض لحظات من الشعر لمستمعيها الأوفياء..
أنصت إلى القصيدين من كتاباتي بصوتها الرخيم الفاعل فعله في النفس فأحسست أن فيهما إضافات ..وما بهما في واقع الأمر لا زيادة ولا نقصان
..ولا اخطاء ولا إدغام .ولا سوء فهم في القراءة ولا تنغيم في غير محله..ولا تطويل في المقاطع التي لا تتطلب ذلك , لا تكثيف في الكلمات ولا تلاعب بالحروف.انما هي تقبل على النص بعد أن تفهمه وتتفاعل معه بصوتها الذي ينساب في القصيدتين فيُحدِثُ صوتها تفاعلا كصوت الماء الذي يسيل في جدول نظيف بلوري شفاف
والشرب منه يحقق متعة الماء الزلال…
ولما شكرتها على صنيعها المتمثل في إنشاد نصين لي في حب كبير وتفاعل راق اكتشفت أنها تسعى الى تعريف
الناس بالشعر التونسي بصوتها
..وهو أمر ليس غريبا عنها إذ سبق لي منذ منذ نهاية عام 2019 أن استمعت إلى قصائد بصوتها لشعراء آخرين من الذين أعرفهم والذين لا أعرفهم
ولا أخفي عليكم أني طلبت منها في لطف أن تنشد واحدة من قصائدي لكن ظروفها خلال السنة الماضية أوقف تجربتها الأولى خاصة وأنها لم تكن تستعمل التسجيل الصوتي فقط بل هي تنتج القصيدة في فيديو مرئي أيضا..وذلك يتطلب جهدا كبيرا ويستهلك وقتاً طويلا وتفرغا كليا
وللعلم أن الشاعرة سليمى تتقن التعامل مع التكنولوجيا في هذا المجال..فهي شاعرة وفنانة وصاحبة قدرات على تسجيل أشرطة فيديو..مع التأكيد أنها رسامة ..ومنتجة قطع فنية من ابتكاراتها أو من تهذيب الصناعات التقليدية للزينة ..والديكور ..فضلا عن كونها تتقن فن التصوير الفوتوغرافي..وهي في كل الندوات والملتقيات لا تمكث في مكان لها انما تتحرك في الفضاء كالفراشة في الحديقة تتنقل بسرعة تصور وتلقط اللحظات الجميلة ..وتتفاعل مع جل المشاهد وما تحمله من أحداث أو طرائف..
..وكثيرا ما تكون هي الأولى التي تنشر الصور عن الأحداث الثقافية التي تحضرها وتؤرخ لها بالصورة ..وطبعا تضيف الى الصور نصا إخباريا غير جاف بل يشي بروحها الزاخرة شعرا..
وهذه الموهبة..لم تذهب سدى..ولن يتعب أحباء الشعر بعد اليوم في تصفحهم للمواقع الكثيرة بحثا عن الشعر التونسي أو عل الفايسبوك حيث قد لا نظفر الا ببعض ما يوفره الجهد والتجربة مع هذه الشبكة التي اهدانا اياها العصر..
..فها هي سليمى تبذل مجهودا أكبر سيكون أبقى اذ سجلت بصوتها قبل أيام 120 قصيدة لعدد كبير من شعراء تونسيين ضمن مشروع أدبي هادف عبر موقع يشرف عليه الشاعر
الطبيب الدكتور المولدي فروج الذي عرفته منذ الثمانينيات وان كنت أقرأ له إلا أنني لم التقي به منذ ربع قرن على الأقل فهو لا يقطن ولا يعمل في العاصمة.
.. هذا الموقع الذي يسعى الى أن يكون متميزا ليحتل مكانته سيكون جاهزا على محرك غوغل الذي يضمّ آلاف القصائد الصوتيةوالمكتوبةاقتحمه صوت الشاعرةسليمى السرايري
بهذا العدد الكبير من الشعراء التونسيين..
..وال120 قصيدة ليست الا بداية حسب ما علمت و البداية لدى المجتهدين الصادقين تعلن عن مضمونها الكامل . اذ يؤكد الدكتورالشاعر المولدي فروج
أن التجربة ستتواصل ليكون الحضور الشعري التونسي على غوغل بارزا ..مع التعريف بالشعراء التونسيبن ……..
وتقول سليمى السرايري بعد تسجيل هذا العدد المهم من القصائد بصوتها الشاعري :
“”فعلت ذلك إكراما مني لمن عرفت من الأصدقاء من شعراء تونس،…فقد اكتشفت وأنا أقوم بالعمل قصائد رائعة لشعراء لا يظهرون على الساحة إلاّ نادرا والبعض منهم في خانة النسيان
وقد اكتسبت في هذا العمل التطوّعي، تجربة أكبر للإطلاع والمطالعة والإلقاء-.
وتواصل القول :
..”” رائعة هي قراءة الشعر والأروع حين يبحر بك النصّ إلى أعماق اللغة الجميلة الهادفة فتسكنك الأبديّة.””
نعم إن ما قامت به سليمى للشعر يسكنها الأبدية..فليس أجمل من الشعر نبحر فيه
..فنحبه أكثر..فالبحر لا نحبه عن بعد ولا نعشقه بالسماع فلا بد من السباحة فيه والتمتع بأمواجه والتفاعل مع اصواته و التعرف على بعض أسراره.. ولا يمكن أن يكون البحر لك إن لم تحدثه وإن لم يحدثك ويكشف عن بعض أعماقه…
هكذا هو الشعر. لا يمكن أن تحبه عن بعد..إن لم تقترب منه..وإن لم تقرأه وإن لم تستمع إليه…الإبحار في الشعر هو بالفعل إبحار في لحج الهوى و هو تجربة جميلة مع أمواج البحر والتفاعل مع البحار والشواطئ في كل حالاتها
وفي كل الفصول ..
إستمع معي إذن الى القصائد بصوت سليمى..ثم سنتحدث معا ..لا بد من التفاعل معها لنحكم على هذا العمل الذي اعتبره كبيرا ..والأكبرمن ذلك كله أنها تفعل ذلك تطوعا.. فلا تنال اي مقابل ..ولا تطلب مقابلا..
نسيت أن أقول أن الجهود التي تبذلها لإنجاح الندوات والمشاركة في إشعاع الأحداث الثقافية الجميلة هي أيضا مجانا ..وهو أمر نادر جدا في أيامنا هذه ..
شكرا جزيلا سليمى علي ما بذلته ..فانت الشاعرة التي لن يحضر اسمك فقط لانك شاعرة انما لانك أيضا في خدمة الشعر ..وفي خدمة الشعراء وأحياء الشعر…وهذا عظيم في تأثيره الأدبي الآن وغدا ..وهو
جميل ..والجمال في صوتك موهبة ربانية ..أبرز للناس أنك كريمة جدا فلم تضعيه للتعريف بشعرك فقط بل انت تطوعت بحب للشعر التونسي
.
أشد على يديك سليمى في هذه البادرة الرائعة : إنشاد قصائد الشعراء التونسيين بصوتك الجميل العذب وبثها عبر وسائل الاتصال في ” ميزان الزمان “كي يتعرف عليها أكبر عدد ممكن من المتلقين حبذا لو نستمع إلى تلك القصائد حتى أثني عليك مجددا ….