كتب رئيس نادي مؤانسات الأستاذ القاص والناقد عمر السعيدي بعد استضافته الشاعرة سليمى السرايري يوم الخميس 27 ماي 2021 بدار الثقافة ابن رشيق تونس العاصمة تحت عنوان :
مدخل إلى قراءة : “حين اشتهانا الغرق ” لسليمى السرايري بقلم عمر السعيدي
استهل نادي “مؤانسات ” نشاطه بدار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة يوم 27/05/2021 بعد توقف دام قرابة شهر ونصف نظرا لظروف الحجر الصحي وتعطّل النشاط الثقافي في كامل البلد وذلك باستضافة الشاعرة سليمى السراريي لاحتفاء بمولودها الشعري الجديد. وهو كتاب شعري يأتي ترتيبه الثالث في مدونتها الشعرية : أصابع في كفّ الشمس 2010 وصمت كصلوات مفقودة آواخر سنة 2017 ، حديث الياسمين 2016 مشترك .
وسليمى السرايري هي شاعرة ورسامة وقرافيست ومصممة أزياء وحلي ولها ذوق خاص في توليفة الزي التقليدي الأمازيغي بكل مكوناته . مما ساعدها على خلق هذه التوليفة الفنية الجميلة والراقية في الذوق والعبارة والديكور والبيت الشعري والأداء الصوتي قراءة . ولعل سيرها في مجال الشعر بتؤدة جعلها تطبخ على نار هادئة فتكون لكتاباتها الشعرية نكهة خاصة . نكهة التعدد الفني في الخطاب الشعري . جملها الشعرية تحوي الصورة واللون والمعنى الاستعاري والإيقاع والأسلوب والرائحة والحلم والدهشة والإيحاء والتصوف والإيجاز والتخييل المعتق .
عناصر عديدة جاءتها من محبة الشعر وانفتاح روحها على الفن حبا وممارسة . تحتوي كل صفحة من ديوانها تقريبا جملة شعرية واحدة مترجمة إلى الفرنسية .وهذه الجملة تثير دهشة القارئ وتحقق امتلاء نفسيا وبذخا على مستوى المعنى الإيحائي والتخيلي مع انفتاح على البلاغة الشعرية .
والسؤال هنا هو كيف استطاعت سليمى السرايري أن تحقق في جملة شعرية واحده ما يطلبه الشاعر في صفحة أو فقرة أو مقطع أو قصيدة ؟؟
تكثيف واقتصاد على مستوى الألفاظ يقابله انفتاح على مستوى المعنى الشعري الإيحائي . وطبعا مثل هذه الكتابة لا تتأتى لصاحبها إلا بعد مجاهدة ودربة وفرادة وتجريب وحب ووعي ورغبة في تحقيق الإضافة .
غير أن نصها ككل نص وإن تميز على مستوى هذا الشكل الشعري الذي تبنته وعبرت به ظل لصيقا بموضوعات الشعر وتيماته المعروفة من خلال تقسيم داخلي .
محطات عاشقة ،حقائب الترحال، محطات دافئة، وجع الرحيل، أوجاعنا الأخرى ، وجع الحرف .
موضوع الكتابة ومعاناتها : الكتابة ألم ذاتي وإن تلفعت بالفن . والكتابة إحساس ومعاناة خاصة . وذاك هو الشاعر متوحدا مع نصه سفر متوقع .
واستقرار كالرحيل أي بحث بين البين والبين .والكتابة غربة ذات في المجتمع ومحطات عاشقة وأخرى دافئة وحنين إلى لحظات البدء والسفر والولادة. والكتابة أوجاعنا جميعا . وشعور بوطأة الزمن يفعل فينا وفي أفكارنا وأحلامنا .ويحاصرنا بالفناء .
فلا نملك إلا أن نحلم بأن يكون لنا منزل في الهنا والهناك .
ممنين أنفسنا بالخلود .
–