حكومة أوراق البرسيم
-×-×-×
فكرة المخارج الملتوية التي تشبه أوراق البرسيم، كانت جزءا من الجواب، على الإزدحام وتعدد المصادر، وتعدد الإتجاهات وتعدد أنواع المركبات، أمام الدوار.
إعتمد المهندسون ورقة البرسيم المربعة. كما إعتمدوا ورقة البرسيم الثلاثية. وتوقفوا مليا أمام مرج البرسيم. وهم يرسمون دوار السير العظيم.
أوراق البرسيم، سحرية في ألوانها. من الأبيض إلى الأحمر والأحمر الداكن. مرورا بالأخضر والأخضر الفاتح.
أوراق البرسيم، مثلما صارت حلا للدوار الكبير الذي يأخذ “شكل مرج عظيم”، لتدفق السير عليه من كل الإتجاهات، فقد إعتمدها مصممو الأزياء، لتزيين الفساتين الحريرية الشهيرة، بأوراق البريسم. وطبعوا عليها ألوانها الأخاذة والمميزة، فإنعكست فيها الدقة. كما حفلت بألوان الفرح والجمال.
بعيد إنفجار مرفأ بيروت، في الرابع من آب من العام 2020، قدم الدكتور حسان دياب، إستقالة حكومته. فدخل لبنان مرحلة جديدة، لتشكيل حكومة بديلة. إستدعوا السفير الدكتور مصطفى أديب على عجل من سفارة لبنان في برلين، وأناطوا به تشكيل الحكومة البديلة.
دام تكليف الدكتور أديب لشهر ونيف، دون أن ينفذ إلى مخرج لمركبات وسيارات وسياسات العالم أجمع. ودون أن يرسم الفستان الجديد للحكومة، بحلته الحريرية الرشيقة. وبألوانه الفلكلورية اللبنانية المميزة. تقدم بإستقالته، وحزم حقائبه، وعاد إلى برلين. ظافرا ب “غنيمة الإياب”، وب “لوثة رئيس مكلف، عاجز عن التشكيل”.
سعى “الرئيس الطبيعي” الشيخ سعد الحريري لتكليفه. نال شرف التكليف. مضى بعزم وإرادة لتأليف الحكومة. وبدا بعد ثمانية أشهر، أنه عاجز، مثل السفير الدكتور مصطفى أديب، عن التأليف.
خلال الأشهر الثمانية الماضية، تكاثرت على الرئيس المكلف الشيخ سعد: المساعي والمساعدات والمبادرات، للنفاذ بتشكيل حكومة. غير أنه لم ينفذ حتى الآن إلى المخرج الذي يرضاه، ويرضي غريمه به: الوزير جبران باسيل، وخلفه رئيس الجمهورية ميشال عون .
وجدت البارحة حلا للشيخ سعد الحريري، المصمم والمهندس، وأنا أقرأ عن “أوراق البرسيم”. تجمع في خريطتها الطبيعية مثل لبنان، بين الألوان المتعددة، وبين الأشكال المتعددة.
حكومة “أوراق البرسيم”، يمكن أن تشكل الحل السحري المعجز، في تعدد ألوانها وفي تعدد أشكالها، لتأليف الحكومة العتيدة، في هذة المرحلة الصعبة، من تاريخ المنطقة العربية، وتاريخ لبنان الحديث.
الشيخ سعد الحريري، المرشح الطبيعي، الذي نال شرف التشكيل، لا يعجزه البتة حسن التأليف، مادام هو مصمم البذلة الحكومية، وما دام في الوقت عينه، هو مهندس دوار “أوراق البرسيم” على أقل تقدير، أو هو مهندس “مرج البرسيم” على أعظم تقدير. فيخرج بذلك من الشروط والشروط المضادة. ويجعل جميع المبادرات قابلة للتحقيق وهي في طريقها حكما، إلى قصر بعبدا: من مبادرة الرئيس ماكرون، إلى مبادرة البطريرك الراعي، إلى نقزة وليد جنبلاط، وصولا إلى مبادرة الرئيس نبيه بري المدمجة بمبادرة السيد.
“حكومة أوراق البرسيم”، هي الحل. يأتي الشيخ سعد باللون الأزرق المخصص له. ويأتي أيضاباللون الأصفر والأصفر الداكن. وبالأخضرالفاتح والأخضر الداكن. وبالأحمرالنعماني ، والأحمر الداكن. وبالأبيض الزنبقي والأبيض الغائم. وبالبنفسجي وبالوردي وبالبرتقالي وبالبني. يأتي بجميع ألوان قوس قزح. وبجميع الألوان التي يفتفدها قوس قزح.
يجب أن يضيف إذا، على ألوان أوراق البرسيم، لأن ألوان طبيعة لبنان، هي أعظم من ألوان طبيعة العالم. (كل العالم فقط، بكل تواضع).
وحالما ينتهي الشيخ سعد، من جمع الألوان اللبنانية في حكومته، عليه أن يمضي ك”مهندس”، في إختيار ورقة البرسيم: المربعة أو المثلثة. أو يكون أمام إختيار “مرج البرسيم” الأعظم.
يعلم الشيخ سعد الحريري، أن خريطة دوار البرسيم، تنهض بشرط أول: على جسر يمتد من أقصى الدوار إلى أقصى الدوار. أي على جسر يمتد من عين التينة إلى بعبدا، واللقلوق ضمنا. كذلك ينهض بشرط ثان: عدم وجود إشارات مرور على المخارج. فلا تحتاج المخارج إلى شارات ضوئية على مفارقه التي تنوف عادة على المئة.
يهون على الشيخ سعد الحريري، تأليف الحكومة، إذا وقف أمام الطبيعة اللبنانية وتمثل فيها فكرة “أوراق البرسيم”. فهي أقل تعقيدا من أمم العالم التي تتدخل في تأليف الحكومات اللبنانية عادة. مخارجه لا تزيد عن المئة. وجسرها فقط بين عين التينة وبعبدا. وهو أمر سهل جدا، إذا ما إقتصر الأمر عليهما، وتحاشى، ما خلف أكمة عين التينة وما خلف أكمة بعبدا. وفي المثل: “إن وراء الأكمة ما وراءها.”
حكومة أوراق البرسيم هي الحل الأقرب للمرشح الطبيعي الشيخ سعد الحريري، بما هو مصمم، وبما هو مهندس. يجمع فيها بين ألوان البذلات الفلكلورية اللبنانية كلها، وبين أشكال “أوراق البرسيم” المنحرفة والمتعرجة، بمخارجها المتراكبة فوق بعضها، كلها. والتي تنوف عن المئة. وإذا تعذر عليه ذلك، فلا بد أن يحسم خياره، ويحسم معه الجدال، ويذهب إلى “حكومة مرج البرسيم” بطبيعته الفذة والنادرة والخلابة، والتي تتسع لجميع اللبنانيين، بحيث ينال كل فرد منهم، حصة وزير في حكومته العتيدة، بما فيهم أنا. لم لا!.