التاريخ: 15/05/2021
المقال رقم 19/2021
أنـــا لســـت كــــود
بقلـم: رشـا بركــات (رايتـش) – حكايــات رشـا
“يافاوية ويافاوية على الكتف محلا الكوفية…”
تلك الكلمات، تتحدث عن مدينتي يافا، كلمات أغنية هي…لمغني أردني، عمر العبدلات. فشكراً لك يا أخينا عمر لأنك لم تصنفنا كغيرك ب”كود” / رمز، برقم،والرقم هو ذاك الذي لا ولن يمحى من ذاكرتنا. تاريخ نكبة أهالينا، 48 أي ما ينسب لسنة 1948.
فليس كل من هو من مدينة يافا فقط في الداخل أو الشتات يكنى بهذا ال”كود” إنما أيضا العديد من المدن العريقة وتوابعها وبعض قراها التي احتلها العدو الصهيوني في سنة 1948 ومن بينها عكا، حيفا، اللد وهلم جره…
إن مسألة تهميشنا طالت حتى تمزيق إنسانيتنا كل إنسانيتنا. حاول أغلب العاملين في السياسة أن يزيدوا الطين بلة علينا ومنهم من كانوا ينطقون باسمنا نحن الشعب الفلسطيني. منتهى السخرية أعلم…نحن لسنا كود ولا يمكن فصلنا عن غيرنا من أهلنا الفلسطينيين في الشتات كنا أو في الداخل. لا يمكن تمزيق مجتمعنا الفلسطيني إلى هذا الحد وليس مقبولا من أحد أن يتكلم باسمنا نحن أهل تلك المدن التي صنعت فلسطين بكل ازدهارها وريادتها وتقدمها وكذلك ليس من المقبول أن نقبل بمثل هذا الأمر على أهلنا في المدن الأخرى.
ما حصل بتاريخ 1936 حتى 1939 من ثورة فلسطينية انطلقت من مدينة يافا والتي استشهد فيها أكثر من 5 آلاف فلسطيني وأصيب أكثر من 15 ألفاً بجروح عدا عن النفي والملاحقات والإعتقالات لأهالينا على أيدي البريطان لم يكن أمراً بسيطاً ولا يمكن اختزاله بتهميش شعبه بالشكل الإجرامي المتبع اليوم والذي بات ينكشف وأتمنى أن نتخلص منه قريبا مع احتراق ورقة العدو المحتل مع كل اللاعبين السياسيين من بني الجلدة أيضا الذين استفادوا من تهميشنا. في سنة 1947 أوصت الأمم المتحدة بتقسيم فلسطيننا المقدسة، إلى “دولتين” أسمتها “عربية” وهذا هو سبب تسميتنا بعرب 48 أيضا وليس فلسطينيين، وأخرى يهودية. بأي حق وتحت ظل أي قانون وعرف إنساني وأخلاقي؟ لا أعلم..لكنني أعلم أنه شيطاني وإجرامي ومنحلَ أخلاقيا وإنسانياً وكل شيء. كذلك أخضعت الأمم المتحدة تلك، مدينة القدس وكل المناطق المحيطة بها للسيطرة الدولية! متى؟ بعد إعلان بريطانيا “العظمى” إنهاء مدة إنتدابها لتسليم فلسطيننا إلى الزناديق، الإحتلال الحالي والذي سوف نتحرر منه قريباً إن شاء الله. وفي العام الذي نسمى فيه ك “كود” أي سنة 1948 أعلن الإحتلال “استقلاله” وتم انشاء الأردن عبر أخذ الضفة الغربية والقدس الشرقية واحتلت مصر قطاع غزة الفلسطيني وسيطر العدو المحتل على باقي المدن الفلسطينية… أما سنة 1964 فأعلنت “جامعة الدول العربية” وأشكك بعروبتها (….) عن تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني بقيادة أحمد الشقيري. وبعدها بثلاث سنوات أي سنة 1967 والتي أصبح لها أهل يكنوا بهذا “الكود” أيضا ولكن لهم أفضلية وامتيازات عن “كودنا” نحن أهل ال “48”، نحن المهمشين والمنسيين وغير المعتبرين فلسطينيين إن كنا في الداخل أو في الشتات، قامت حرب الستة أيام والتي سيطر بعدها العدو المحتل على القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وبعض من جزيرة سيناء المصرية. وبدأ إنشاء مستوطنات للإحتلال أي مغتصبات على الأراضي التي تمت سرقتها والسيطرة عليها.
سنة 1987، في شهر كانون الأول، اندلعت الإنتفاضة الفلسطينية في أراضينا المحتلة وبعدها بسنة راح الأردن يتنازل بالشكل الديبلوماسي والرسمي عن أي مطالبة بالضفة الغربية لمنظمة التحرير الفلسطينية. بعدها بسنوات بسيطة، أي في سنة 1992 أقامت حكومة اسحق رابين تعهداً بوقف الأنشطة الإستيطانية في أراضينا المحتلة. تبعتها بسنتين اتفاقية أوسلو المشؤومة والتي كسرت رقاب أهل شعبنا الفلسطيني المنتفض. على عكس اليوم، لن ننكسر ولن نمحى ولن يطمس علينا ولن نقبل بأي اتفاقية جديدة لا صفقة قرن ولا ألف ولا مليون قرن أو ما شابهه.
بعد انسحاب المحتل من قطاع غزة ومدينة أريحا في الضفة الغربية سنة 1992، وفقاً للاتفاقية، بدأنا نشهد ألعاباً ولغات جديدة…هذا يقول لك ضفة وآخر يقول لك غزة وقدس وغيره يقول لك 48 وآخر يقول 67!
قسمتنا العابهم جميعاً ولم يخجلوا من التراب الذي دفن فيه أهاليهم…بل نسوه وتذكروا فقط أن ينادونا بال “كود”.
أنا لست كود!
أنا لست كود!
أنا ابنة النسيج الفلسطيني الواحد، من قال أن اسم عائلة جدي ينتهي برقم؟ أنا لم أرى هذا على جوازه أبداً…رأيت أنه فلسطيني يا …”سادة”!
والأكثر من هذا، رأيت أنه من الوجهاء والملاكين مثل غيره من أبناء نسيجنا ولم أراكم في أي صفحات من صفحات تاريخنا الفلسطيني لكي تتحدثوا باسمي وتعطوني رقم! أين كنتم؟ حاولت أن أبحث عن عنوان، عن ماض، عن تاريخ لكم…لكني عدت من أبحاثي فارغة اليدين بشأنكم…فعلمت أنها لعبتكم. فمن أنتم؟
في سنة 2015 في شهر أيار ونحن في هذا الشهر المريمي أيضا، اعترف الفاتيكان رسميا بدولة فلسطين. بأن سيدتنا مريم عليها السلام لها أرض وأن سيدنا المسيح حر، لكن…تلك الحرية بقيت مبتورة مع قوانين ظالمة وفصل عنصري واحتلال لباقي الأراضي ومن بينها ذاك “الكود” ال 48 الذي لا زال مع المحتل ولا زال الجميع ينادوني باسمه…ينادونا باسمه… يجعلونا رقم خارج التغطية ويمنعون استعمال اسم فلسطيني عليه بل يستبدلوه بمصطلح “عربي”….مع الاحتفاظ بالرقم قبل التصنيف للداخل ومع الاحتفاظ بال “كود” للداخل والشتات معاً…هكذا، يتم جعلنا رقماً وإسمنا هو عبارة عن “كود” ولكننا الرقم الأصعب صدقوني فنحن من سيقود كامل الدفة بإرغام الجميع على الإندماج معنا كفلسطينيين فقط وأن نرفع راية العلم الفلسطيني فقط ونقول بأعلى صوت لدينا:
أنا لست كود. أنا لست كود.