قصيدة ملحمية بعنوان :
قــد تجيء مريـــــم
للشاعرة التونسية سليمى السرايري
—*—*—*—
لستُ من نساء أورشليم
لأبكي على تموز
عند بوّابة الهيكل الشّماليّ
أنا هنا منذ الأزل
أهيّئ الأكاليل والقوارير
بزيت قدسيّ
لعلّلك تأتي فارسا أسطوريا خارقا
فتهبني مفاتيح الأرض
لأؤسّس مملكة جديدة
للخصب… للكائنات.
وأرسم على سماء المدينة
شعارات أخرى للحبّ
فكلّ الترانيم لا تزيل
ما علق فينا
من بغاء مقدّس
وتسألني… من أين أتيتِ ؟
أنا من بقايا السّلالات الغابرة
ورثت عن أسلافي
الرقص ….والغناء، بهيكل الملك
أنا امرأة الوقت الراحل، والقادم
أسكن القلاع
أغتسل بألبان النوق
في بركة من ضوء
لا يساورني ندم,
كلّما وزّعوا دمي نبيذا فوق التلال
قد تتألّق لآلئ المطر
قد يعانقني نجم
على وجهي، قد يسقط ضياءٌ
وقد تجيء مريم
في جرّتها مياه ساخنة
لتزيل لعنة الجدب منّي
فأتّخذ من التّراب حرفا
أخبّئ فيه طفلي، لينبت من جديد
عندما تكبر عناقيد الحكمة في جسدي
وترشح وردا وماء…
تمنحني العذراء
عصارة نخلة سامقة
أقترض من فيئها
عتبة قصيّة
لأشرب نخب الغابرين
وألمح حدائق في السماء
مظللة بشحوب حبيبي
والغياب…
تطول المسافات
أهجس في سرّي: كيف نعبر أحزاننا؟
و كيف نمنح للعتمة أغنياتٍ من الضوء
كي لا تموت الأسماء…؟
هناك على مرافئ الليل
تعزف نجمة نشيد الخلود
ترشق دروبنا إيقاعا رتيبا
ثمّ تغفو بين كفّين
وألمحني على جدار العمر
أحفر اسمي
وعلى أرض الموعد
أزرع توجّعي
فكم أينعت عناقيد الانتظار في يديّ.. !!؟
وصار للقمر أصابع
على كفّها تقتات روحي حبيبات ضوء
لتزهر دمائي بين العتمة والنور؟
ويرتفع الطّلع حيث الكواكبُ
وفي الكواكب أغنية تهاتفنا
فنزداد اِتـّساعا
بين الأرض والبحر
ونحلم
نحلمُ، أن تكون لنا أجنحة
لنعانق طفلا لنا في الأفق
السماء هناك… خلف الضباب
تطلّ على وجوهنا الخائفة
فنرحل في الفصول
نرسم مركبة …. لنعلو
نرسم مملكة… وطنا
نرسم نخلة ثابتة تتسلّقنا
وتنتهي المسافات عندنا
كلّما كبرنا في الغربة
تتّسمُ البلاد بدمعتنا
فخذني حبيبي إلى الضوء
لا شيء الآن يعيد لي نجمة
أحرقتها طقوس الإغريق
هيّا…..لنغنّ إلى آخر المحطّة
قد نزلت سكينة الحبّ
وبللّت شفاهنا بالقبلات
قبل أن نعود معها إلى السّماء
لا شيء حبيبي يخلّدنا
سوى أقلام تحفر التّاريخ
لا شيء حبيبي الآن يبكي علينا
سوى رائحة التّراب
بعد المطر.
شكرا لموقعنا “ميزان الزمان” على الإهتمام والنشر
وتحية خاصة لصاحب الموقع
الكاتب والإنسان النبيل “يوسف رقة”،،
أجدد شكري لشخصكم الكريم