بينما كنتُ أتأمَّلُ تلك الآنية المنحوتة المليئة بالرّموز في ذلك المتحف الأثري، تهادَت إلى وَعْيي فكرة…
لقد أخطأنا فَهْمَ الزمن حين اعتقدنا أنّه يساوي الوقت وعوَّلنا على تقدُّمنا المُستمر فيه وتراكم السنين بمروره لنستنتجَ أنَّه يتحرَّك من أقلّ إلى أكثر… غافلين بذلك عمَّا أَدْرَكَتْه اللغة العربية وحدها حين فرَّقت بين اللفظيْن: الزمن والوقت، مُتميِّزةً بذلك عن سائر اللغات التي تجمع الإثنين في كلمة واحدة!
لفترةٍ طويلة، سادَ الإعتقادُ بأنَّ الزمان والمكان عاملان مستقلَّان عن بعضهما، منفصلان تمامًا، حتّى طرح أينشتاين نظرية النّسبية التي وضّحت تماهيَ الإثنين معًا في الزّمكان.
ولكن بقيت هنالك ثغرة مرتبطة بالعامِل الفَصْل في تحديد الزمن وتمييزه عن الوقت…
هل بإمكاننا اعتبار أنّنا نتقدَّم في الزمن لمجرّد مرور الوقت وتراكمه تصاعديًّا حتّى وإنْ كنّا نتراجع تنازليًّا في تحقيق مَعنانا؟!
إذا كنّا نسيرُ إلى نهايتنا ونقتربُ من زوالنا، فهل يمكنُ أن نعتبرَ هذا التقدُّم في الوقت تقدُّمًا في الزمن أيضًا؟!
هل يجوزُ أن نُساويَ المُوجِب والسالِب معًا؟!
لا بُدَّ من إضافة بُعْدٍ ثالث على المعادلة وهو: قيمةُ المعنى!
من هنا، انطلاقًا من فكرة أنَّ الزّمكان هو التقاء الزمان والمكان في نقطة محدّدة، يكون الزمن هو الزمكان مضروبًا بالقيمة في حالتيْها: المُوجِبة والسالِبة؛ وهكذا يشترطُ التقدُّم في الزمن أن يكون صافي القيمة ذا رمزٍ مُوجِب!
عُدْتُ إلى تلك المنحوتة الأثرية مُجدَّدًا…
هم المستقبلُ الواعد في نور المعرفة ونحن التاريخُ المُتلاشي في عتمة الجهل…
بالفعل، لم يتقدَّم الزمنُ بنا بل ما انفكَّ يمشي إلى الوراء!
آنّا ماريا أنطون
5-5-2021