صدر حديثاً للسيدة سها شعبان كتاب “مرايا روح” وعنه كتب الأديب والشاعر والباحث الأستاذ محمد كمال :
(مرايا روح)
في النصوص الذكورية ــ عبر تاريخ الإبداع الأدبي ــ استطاع الكتاب أن يلجوا عالم المرأة، وأن يكشفوا برهافة وإتقان ما كنّا نجهله من مقتنياتها الشعورية والنفسية والوجدانية.
نحن هنا أمام فعل معاكس، أمام أنثى تغامر في اكتشاف عالم الرجل وفضاءاته الموغلة في الغموض، في إزاحة الأقنعة عن وجهه المتجهم، وفي تمزيقها دون هوادة.
اختارت سها شعبان الطريق الأصعب، فلم تصف المشاهد الحسية، ولا الأحداث الجسام في حياة الرجل، بل داهمته في حالة صمته، حالة انسجامه مع فنجان قهوته، وهاجمته في جحيم عزلته التي ظنها خلاصه الوحيد، وهذا ما صرحت به في مقدمتها دون مواربة، فإذا نحن أمام أطياف مخيلته، أمام ضعفه حينًا وأمام صلفه حينًا آخر، أمام خداعه المفضوح تارة، وأمام غروره الهش تارة أخرى، بل أمام بؤسه وشقائه في مجمل النصوص.
هل كان من برنامج سها شعبان أن تدعو بنات جنسها إلى الإشفاق عليه أم إلى الانتقام منه؟
لم يكن عشقها المبكِّر لفرجينيا وولف مجرد عشق فني أسلوبي فحسب، بل كان تمثلًا فاتنًا لطريقتها في الأداء السردي الوعر، الذي يتجاوز الأفعال وردود الأفعال إلى عوالم الروح، وتقلباتها وأشجانها، وإلى الرسومات المذهلة على جدران هذه الروح.
في أسلوب سها شعبان، أعني في تقطع جملها، وفي انتقاء مفرداتها، وفي استخدامها لضمير المخاطب دون الغائب، وفي لغتها الفيوضية الصادمة كالموج، وفي تشظي عباراتها… ينبثق نوع من التحدي، نوع من الرغبة الجامحة في اختراق الغابات الشائكة، واكتشاف المستسر المتخفي في هذه الغابات.
كل من يقرأ هذه النصوص ويتأنى في قراءتها يتلمس رأسه وكتفيه، ويفاجأ بأنه هو المقصود بهذا الخطاب.
كتاب الأديبة سها شعبان (مرايا روح) لون جديد في الكتابة، وقارة ممعنة في الخفاء، ما أظنها اكتشفت من قبل..
إنها تكتب وكأن أمامها شاشة ضوئية تقرأ فيها وتسجل، بل وترسم وتلون.
هل نحن أمام معرض تشكيلي مذهل، علقت لوحاته التجريدية على جدران الفتنة والبهاء!!
تقرأ وتعيد
هذا ما حدث.