ينشر موقع ” ميزان الزمان” مقابلة مع الشاعر بلال شرارة كانت أجرتها معه الشاعرة دارين حوماني ونشرتها في جريدة ” اللواء ” اللبنانية في أواخر العام 2018 …
هنا نص المقابلة :
… في كتابه «الديكتاتور أنا» يأخذنا بلال شرارة إلى ما هو مؤلم على سطح هذه الأرض التي نحيا فوقها، فهناك جدال بينه وبين «الشاعر أنا» الذي يصرّ على إعادة خلق مجتمعنا بعيداً عن ثقافة المادة والحرب والعدائية ويحفر في لاوعينا مفردات الحب والشعر والمقاومة في الكلمة والفعل. كما في كل كتبه يحاول بلال شرارة أن يبني من الخراب مدينة فاضلة، منذ التسعينات أسّس «الحركة الثقافية في لبنان» التي توسّعت مشاريعها وأنشطتها من أجل تحقيق ما يطمح إليه «الشاعر أنا». هو الفدائي الأول على طريق فلسطين يحمل همّها كما يحمل همّ لبنان والأمة العربية، مُنح الجنسية الفلسطينية لأجل ما يحمله من حب لفلسطين ولأجل ما قدّمه لها. يشغل منصب الأمين العام للشؤون الخارجية في مجلس النواب وهو رئيس تحرير مجلة «مقاربات»، مدير المعهد العربي للتدريب والإستشارات البرلمانية في الإتحاد البرلماني العربي، ورئيس تحرير دورية الحياة البرلمانية الصادرة عن مجلس النواب. كلمته حاضرة دوماً بين السياسي والثقافي فهو خبير في الشؤون البرلمانية العربية والوطنية وشاعر متمرد مقاوم وحرّ، كان لجريدة «اللـــــواء» الحوار التالي معه :
# في العام 2013 قال «الديكتاتور أنا» أنّ «الشاعر أنا» يحتاج الى عمر ربما أو أكثر ليحفر في أذهان الناس الحقيقة وليبني ويصنع ثقافة حول الحريات والحقوق والدولة وأدوارها، بعد خمس سنوات هل نستطيع الحديث عن نسبة معينة من النجاح، إلى أين وصل «الشاعر أنا» على هذا الصعيد؟
– ” الشاعر أنا ” لا يزال يراوح مكانه رغم أنه يؤسّس لوعي حول المصطلح وهذا الأمر ليس بقليل، الناس العامّة لا تعرف معنى نظام فكيف إذا أضفنا برلماني-ديمقراطي، الناس لا تعرف معنى التعريفات ثم أننا لم نشرع في بناء رأي عام مثلاً هناك أزمات بيئة، أزمة نفايات عند كل زاوية حتى على مداخل المؤسسات الرسمية والناس لا تتشكّل كرأي عام ضاغط لذلك نحتاج الى وقت، نحتاج الى مواطن يتحلى بروح الوعي..
# يقول الشاعر الفرنسي السريالي «جان تارديو»: لقد كان الشعر قارة فسيحة فأصبح جزيرة معزولة، باعتقادك ما هي محنة الشعر اليوم في ظل السؤال الدائم عن جدواه، وهل ساهمت المنتديات الثقافية والشعرية بفك عزلة الشاعر؟
– الشعر عالم متسّع، لا يوجد حدود لأطرافه أو ضغط أو ظل يؤثر ويعمل فيه من الناحية العكسية، لا يخضع الشعر للضغط الجوي والطقس والفصول وتعاقب الليل والنهار إلا المعنى الرمزي، الشعراء في محنة وليس الشعر، السؤال دائماً هل نكتب الشعر للشعر أم أن هناك دوراً للشعر، هل نريد للشعر أن يلعب دوراً في حياة الدولة والمجتمع أم أننا نسجل به موقفاً. رغم جمالية الشعر إلا أنه في العام يجب أن يلعب دوراً في الإحتجاج على الظلم وفي نشر الوعي حول حقوق الإنسان، لا يمكن للشاعر أن يتجاهل التهديد لحياة الليطاني في لبنان، لا يمكن للشعراء القفز فوق القضية الفلسطينية، لا يمكن للشعراء أن يقعوا في غربة إزاء الوقائع الجارية من المحيط الى الخليج. عندنا في الجنوب كان الشاعر المنبري موسى الزين شرارة ومثله الشاعر عبد الحسين بمثابة وسيلة الإعلام الوحيدة بمواجهة الإنتداب والإقطاع، اليوم الشعراء ليسوا براء إزاء جميع الوسائل الوطنية المطلبية والسيادية
.
# من ضمن مشروع «الحركة الثقافية في لبنان» التي ترأسها قمتم بتأسيس «بيت الشعر» ما هو انطباعك عن التسويق الشعري الملحوظ بين المنتديات لأسماء غير جديرة ولأسباب خاصة بالمشرفين على هذه المنتديات، وبالمقابل إستبعاد بعض الأسماء الجديرة؟
– نحن دعمنا فكرة إنشاء «بيت الشعر» وهي فكرة تقدمية تعيد رسم معايير الشعر والشاعر، أفترض أن يلعب «بيت الشعر» دوراً إزاء من يدّعي أنه شاعر أو تدّعي أنها شاعرة. هناك نصوص خرافية تدّعي الشعر. ما يجري شعرياً في لبنان فضيحة وبعضه مشوّه يأتي في سياق ربيع عربي شعري يستهدف اللغة والشعر، نحن في الحركة الثقافية نقع أيضاً في الخطيئة، نخجل.. نسوّق (مين ما كان) أنا أعترف بذلك.. نعتقد أننا نكسب جمهوراً ولكننا في الحقيقة نخسر.. الشعر قيمة، موهبة، ألق، دقة في الصياغة، وعند ذلك يستحق أن يكون شعراً
# مجلة «مقاربات» هي أيضاً من ضمن مشروع «الحركة الثقافية في لبنان»، كيف ترى فعالية ذلك في ظل التراجع الثقافي بين الأجيال الجديدة وهل حققت المجلة أهدافها التي بُنيت لأجلها؟
– – مجلة مقاربات لم تصل بشكل قوي الى الشارع الثقافي اللبناني والعربي كما أحلم، رغم أن ديوانها الشعري مزدهر بأنضج الشعراء العرب وفيها مواضيع ثقافية مختلفة، في المرحلة القادمة سنسوّقها بالشكل المناسب
.
# موقعك كأمين عام للشؤون الخارجية في مجلس النواب، هل خدمك ثقافياً، علماً أن الثقافة هي التي أتت بك الى السياسة؟
– موقعي الوظيفي في خدمة الثقافة والمثقفين، دولة الرئيس بري يتبنى ويدعم توجهاتنا وقد فتح أمامي الأبواب من أجل دعم موقع لبنان كمنبر ثقافي وحديقه للحرية، لقد دعم بقوة إنشاء وزارة للثقافة ودعم إقرار مشاريع كان يطالب بها الشارع الثقافي. ساعدني موقعي على منع تحويل قصر الاونيسكو عن هدفه، وتوسطي لحصول إتحاد الكتاب على موازنه سنوية لولا أحد الوزراء (الثقافيين) الذي شطبها وأطلق حواراً لاقتراح قوانين ثقافية تمثل لبنان حالياً و ليس لأجل لبنان غداً..
# يخضع المثقف غالباً لالتزامه السياسي، ألا ترى أنه من واجب المثقف أيضاً أن يقترح خريطة معينة للسياسي؟
– المثقف الحقيقي يبحث كيف يزيد من مساحة حريته أنا أخضع لالتزام ثقافي بمشروع سماحة الامام السيد موسى الصدر الايدولوجي والسياسي وبما يطرحه دولة الرئيس نبيه بري من مشروعات تهدف الى إنشاء سياسات في لبنان، أنا إحاول أن أطرح أفكار وأجندات وخرائط عمل بعضها يلاقي قبولاً وبعضها يتخلف أو يتقدم على الوقت.
# أنت من الفدائيين الأوائل، من بنت جبيل وحدود فلسطين الى تل الزعتر وتلة المير، فلسطين حاضرة دوماً ليس في وجدانك فحسب بل في تاريخك النضالي والسياسي والثقافي، وفي هذه الخرائط التي تعدّها للأجيال الجديدة، وقد سار الفدائي فيك جنباً الى جنب مع الكاتب على مدى أربعين عاماً وأكثر، ماذا قدّم الفدائي للكاتب فيك وماذا قدّم الكاتب للفدائي؟ وهل ترى أن ثمّة ما يمكن أن يقدّمه المثقف بعد لفلسطين ولم يفعل؟
– بلال الفدائي قدّم لي التاريخ والحقيقة والمعرفة بالجغرافيا والناس والذاكرة المتوقدة التي أكتبها كل يوم أملي أن يستطيع بلال الكاتب أن يرد الجميل لبلال الفدائي وأن أستطيع في الثلث الاخير من عمري أن أكون مبشراً بفلسطين وبشرعة حقوق الانسان العربي
..
حاورته : دارين حوماني