كتبت الشاعرة القطرية حنان بديع مقالة في جريدة الراية القطرية قالت فيها :
فيروس كورونا كما كل الفيروسات
والأمراض والكوارث التي قد تغافلنا على حين غرة، لتوقظنا على حقيقة أننا مهددون في كل لحظة من حياتنا، وأن الموت قد لا يستأذن، فإذا كنا مستعدين لمغادرة الحياة بضمير مرتاح، فماذا عن أحبائنا؟
هل نحن مستعدون لاحتمال فقدانهم مثلًا ؟ قد لا تكون الفكرة واردة في أذهاننا، إلا أن الحقيقة أن أغلب علاقاتنا مؤجلة ! نؤجل لقاء الأصدقاء، نؤجل إصلاح علاقاتنا المأزومة، نشعر باستحالة غفران خطايا عظيمة حتى يصبح الفراق الأبدي احتمالًا واردًا، ثم لنكتشف أن الغفران فكرة لا بأس بها مقابل ألا نفقد ما بقي من الزمن معهم!.
نقضي الأوقات ونؤجل أفضلها، نهجر ونؤجل العودة، نحب ونؤجل الاعتراف، ننشغل ونؤجل المتعة، نلهث خلف مسؤولياتنا وأهدافنا ونؤجل التفاصيل الحقيقية في حياتنا، نسهو عما هو ذو قيمة، نهدر الوقت ونسرف في إنفاق الزمن.
يسألنا ستيف جونز: لو كان اليوم هو آخر يوم في حياتك، فهل تريد أن تفعل ما أنت على وشك القيام به اليوم؟
قد يجيب أغلبنا بالنفي ؟ وهذا يعني أن لدينا مشكلة في ترتيب الأولويات، فالأولوية هي لغدنا لا ليومنا، فماذا لو كان آخر يوم أو شهر أو سنة في حياة أشخاص نحبهم، وحياتنا حتمًا ليست على ما يُرام إذا ما رحلوا، أو أن الكوكب قد يخلو من البشر إذا ما اختفوا، فالشخص المهم في حياتك ليس الشخص الذي تشعر بوجوده، ولكنه الشخص الذي تشعر بغيابه!.
حتمًا سنعيد حساباتنا، وقد نغفر ما لا يُغفر، أو ننحاز لمشاعرنا الحمقاء على حساب عقولنا، ذلك أن الحياة تكمن في القلب أولًا وأخيرًا.
لِم لا، فقد نكتشف في لحظة ما أننا يجب أن نعيش بشغف ما نشعر به دون حسابات وبعيدًا عن المنطق قليلًا، فيصبح من المنطق أن نسرق لحظاتنا المسروقة أصلًا !.
نعم معظم من فقدنا من أحبة ذهبوا في لحظة ما توقعناها يومًا، ولو فعلنا لتمنينا أن يمنحنا القدر فرصة التغاضي عن كل شيء مقابل اقتناص وقت إضافي نحبهم فيه لنضيف إلى أرشيف ذكرياتنا صفحات تجعل منها أكثر غزارةً وثراءً.
نحن وأحبتنا على شفير الهاوية قد يسقط أحدنا في أي لحظة دون وداع، في حين أننا دون أن ندري ما زلنا في انتظارهم في زمن ما قد لا يأتي أبدًا.
يقول فرناندو بيسوا: ماذا لو اخترعنا طريقة مغايرة للحب؟، لِم لا نبدأ من الخاتمة؟ نفترق ثم نلتقي إلى الأبد؟.
وأنا أضيف: الأبد قد يكون الآن فلا تؤجلوه