..صدر عن دار نريمان للطباعة والنشر الديوان الأول للشاعرة آمنة محمد ناصر وحمل عنوان ” أوراق متناثرة على ضفاف قلب ” .
الديوان تضمن 88 قصيدة منثورة على 205 صفحات من الحجم الوسط ..
وتضمن مقدمة بقلم رئيس منتدى ” لقاء ” الثقافي الدكتور عماد يونس فغالي , قال فيها :
تناثرٌ على ضفافٍ آمنة
عندما تؤمّ مخدعَ شعرٍ في حرمٍ أنثويّ، لأنتَ تدخلُ خاشعًا ترهبُ قربَه، لأنّكَ مدركٌ كم يطأ فكرُكَ أرضًا لفحتْها أجنحةٌ ملائكيّةٌ آمنة.
آمنة محمّد ناصر، شاعرةٌ في رتبة قلب. وصلتني أوراقُكِ تتناثرُ من فيضِ امرأةٍ، والمرأةُ في تكوّنها أمُّ حياة!!! وصلتني بهويّةٍ مختومة: “أوراقُ متتاثرة على ضفاف قلب”، أغوتني، فانصاعتْ نفسي أدبيّةً، أقرأ ممدّدًا إحساساتي على ضفافٍ تليق بارتيادها سياحةٌ من علُ!
متى قلتِ “أوراقٌ”، رحتِ إلى محرابٍ خافتِ اللونِ، نورُه الكلماتُ واهجة… الأوراقُ محرابٌ ليس من هذا العالم، مملكةٌ سيّدتُها الكلمة، تربّعتْ على عرشِ القلبِ إبداعيّةَ ملهِمتها، متى دُوّنتْ، نثرتْ درَّها المكنون على ضفافِ العابثين بالأقدار، فينتظمون… إمّا يقدّرون فيفيدون، أو يتنكّرون فيتهاوَون!
“… على ضفاف قلب”، لا يدخلونه… القلب عصيٌّ على المتناثرين… من يسرْ إلى عمقكِ، يدخلْ قلبَكِ متنعّمًا… بفكرٍ، بإنسانٍ، بحبٍّ وألم… وخصوصًا بوَلَهٍ أنثويٍّ مبتَكَرٍ شعرًا وجمالا…!!!
“على ضفاف قلبٍ” نثرتِ خربشاتٍ أسميتِها، “هي بعض ما يخالجني وما خالجني من انفعالات عدّة، حبّ، حنين، غربة، بكاء، فرح، عتاب، ندم، إحباط أو ذهول، وطنية وفاء…”
نثرتِ حالَكِ كلّها فإذا أنتِ جاذبة إلى انكشافكِ. تجذبين إلى قربكِ قراءةَ محارٍ خطّه، لا يراعٌ، بل قلبٌ مداده مدامٌ يُسكرُ مجراه في عروقٍ ماتعة!
كتبتِ بدموعٍ ذرفتِها، وجعًا على مآسٍ قاسيتِها. وسطّرتٍ بابتساماتٍ ارتسمتْ على ثغركِ لأويقاتِ فرحٍ وحلاوة… “وكان القلم والورق الشاهدين على دمعي أو ضحكي”. ودعوتِ إلى قراءةِ ما لم تكتبيه “لأن الحنين أخرس والوجع لا يروى والفراق أليم”.
في إهدائكِ الكتاب، عمقُ وفاءٍ لثلاثة: انتمائكِ الوطنيّ يشابه الخلود “لأرز هذا الوطن كي يبقى”، للغاليين اللذين عانقا الحضورَ الأبديّ “لوالدي ولأختي التي أوصتني قبل وفاتها بأن أؤمن بطاقاتي الرائعة كما نصحتني أن لا أتخلى عنها “، وللحبيب الرابض في قلبكِ داخلَ كلّ ظروف “الحبيب الذي لم يأت بعد”… إهداءٌ شاملٌ طاول قمّةً في اعتباراتكِ الآمنة، توّجتِه بحلمٍ لا يزالُ “على قيد غياب”. حلمٌ يشبه شخصَكِ الذائب في الأمل الأبيض وسطَ عواصفِ الحياة العاتية سوادَ محطّات!
لغتُكِ العربيّةُ تقولُ على امتداد القصائدَ تعبيراتِ نفسكِ الشفيفة، في بساطةِ الأنقياء. انبسطت على مواضيعَ تقاذفتكِ عبر أحداثٍ وحالات تلقّفتِها بصدقٍ يميّزكِ، يشعرُكِ المتلقّي كم قريبة!
الإيمان في سطوركِ، فتّقَ جدارَ الدين إلى ملء العبادة، طالت الإلهيّات إنسانيّةً لافتة! أسلمتِ ذاتَكِ إلى المطلق في اعتماد المخلوق طريقًا إلى أنهار الحياة الدافقة أنوثةً عاشقة!
آمنة ناصر، تأخذيني قارئًا عبر أوراقكِ المتناثرة، في رحلةٍ حالمة على ضفاف قلبكِ الحبيب، إلى معارجَ أنظركِ فيها أمًّا ومعلّمة. الأمّ تمتصّ الألم تهدي معصوره جمالاً لأبناءَ ترافقهم بمشاعرَ تملأها الرقّة تضحيةً مستدامة. ومعلّمة اعتمدتِ رسالتَها مصدرَ عطاءٍ مستمرّ، قدّمتِ ذاتكِ محرقةً يوميّة يفوحُ بخورُها ملءَ حياة!
يا سيّدة، امرأةٌ أنتِ عطرُها الموهبة، وشاعرةٌ تسكبُ الإبداعَ من حولها في صمتِ الكلمة الهاتفة كلّ جمال…!!!
في صومعتكِ الآمنة حيث تنسكين، يتناثرُ فكرٌ يخلع عن ضبابِ الواقع كلَّ زيف، ويضيء ضفافًا تلتقي قلوبًا عطشى إلى المراقي فعلَ آياتٍ تصلّي!!
# ( بقلم د. عماد يونس فغالي )
الإهداء
في كلمة الإهداء قالت الشاعرة :
قد تذوب الثلوج عن التلال وتسيل في الوادي ..قد تهجر الطيور في ربيعٍ عن سماء بلادي ..قد ينقلب الفرح حزنا في وسط أعيادي ..قد أنسى اسمي , رقمي ,ويوم ميلادي ..لكنني لن أنسى حبيبا أحيا في فؤاده ويحيا في فؤادي.
وقالت الشاعرة أنّ الإهداء هو لروح والدها وإلى أختها ” اللذان كانا يحثاني على تفعيل طاقاتي , وإلى أرز هذا الوطن لكي يبقى , كما إلى كل شخص آمن بموهبتي وتركت كلماتي أثرا في خفقاته..إلى حلم مازال على قيد الإنتظار ” .
القصائد :
تنوعت القصائد من وجدانيات إلى وطنيات وإلى بعض طروحات الشاعرة حول مفاهيم الصداقة والحب والانتماء ..وقضايا المراة وصرختها واحلامها ..وقضايا الوطن وغيرها من تساؤلات الروح واختلاجات القلب من فقد وحزن وعتاب وشوق..
نختار هنا بعض قصائد الشاعرة آمنة ناصر من ديوانها ” أوراق متناثرة على ضفاف القلب ” :
الفنجان المقلوب
أشتهيك بنكهة القهوة
في صباح
أكون فيه صائمة…
يقتلني ضجيج قلبي
حيث بنبض حبك دائمآ
وأنا كأم تفرح بنبض جنينها الأول
الذي يوقظها وهي نائمة…
يبهرني الضوء في عينيك
فيهما تغرر بي الدرب
بالدفء والنور
حيث كوكبة من الفراشات حائمة….
..أحلم أني الجميلة
التي تنمو ..وتتجمل..
لتظلل نافذتك
او تشاركك قهوتك المرة
ثم أقرأ فنجانك المقلوب
لأكتشف لغز قلبك
من بعض الإشارات التافهة
وانا لست بالتبصير عالمة.
فأحلل كل إشارة
وازيلها بأسمي
واترجمها بانها خاصتي
فارى في المفتاح
بارقة أمل
وفي الساعة
الموعد الذي لم يحصل
وفي الشجرة
المكان الذي إليه لم تصل
وفي القلب
حبك الأول ..ولم يزل..
وفي الطير
خبرا سعيدا الذي فيه لم نبتهل..
لكن اقنع نفسي
بأنك لي
في بعضك
وفي كلك..
في حضورك
او غيابك
وان إعترافك
هو رهن إشارة من قلبي
وليس رهن إشارات فنجانك المقلوب
فربما تحبني بجنون
وربما اني بكل هذا
قد اكون مجرد حالمة..
وربما أكون واهمة
انتظار.
.
إنتظرتك. .
ونبضات قلبي
تعزف مسبقا لقدومك
عبارات التهليل. ..
انتظرتك…
حتى باقة الورد
التي قطفتها بيدي
اتكات من نعاسها
وغرقت في سبات طويل. ..
انتظرتك. .
ورحت أهدىء ارتجاف يديً
واجمد الدمع في عينيّ
واقنع نفسي
بانك ستأتي بعد قليل. ..
رحلت انا. .
وانت كالأمس ما رجعت. .
وما تبقى من الأطلال
سوى باقة ازهاري
هامدة على عتبة داري
سوى بقايا دمع في منديل
وزجاجة عطر قرب قنديل
وكلمة حب نقشتها
في الباب الخشبي
لذكرى انتظارك خير دليل. ..
استسلام
الروح أنت ودونك لا اتنفس
حتى صوتي كأن صداه اخرس
انطفأت عيوني وهي لعينيك تشخص
والقلب في بحر الأحزان يغطس
اتسالني الصبر؟ فما لي فيه حيلة
لان صدري من الصبر مفلس
مهما دنت روحي من باب بهجة
إذ أن قلبي للحزن ملامس
اتسالني عن هوى في ضلوعي؟ فإنه
في جلباب الوسادة دمع مكدس
اتسالني عن واقع الحال والمنطق ؟
فاقول أني ضائعة وبتً أهلوس
سلمت بفضلك كل آمالي للردى
فكل الأحلام يقتلها قدر مشاكس
دع الرحيلا..
دع الرحيلا
لتغمرني يداك
ليحضنني هواك
لتكون عيناك
لغدي قنديلا..
دع الرحيلا
لنبحر في الأشواق معا
ونجرع من سلسبيلها جرعا
ونعيش الحب المستحيلا..
دع الرحيلا
لأقول “أحبك” في كل اللغات
لتعلمني أنغام الحياة
وتعلمني الحب أصولا.
دع الرحيلا
لتكون لي الدفء في الصقيع
لنقطف أقحوان الربيع
ولنتوج دنيانا أكاليلا.
دع الرحيلا
لنعشق كلانا بجنون
لنطرد الشك والظنون
لنتذوق الحب قليلا..
دع الرحيلا
لأحدق في سحر عينيك
لأقطر العسل المصفى من شفتيك
لأنام على وسادة راحتيك
ونحيي الحلم الجميلا..
دع الرحيلا
لنبني من الأشواق قصورا
ونفجر الحنان فينا دمعا وبحورا
ونروي في الحدائق الزهورا
فلا تعرف شمسنا أصيلا..
دع الرحيلا
لنستعيد الماضي والذكريات
لنغني لحن السنونوات
لننسى الآلام والآهات
لنترجم الحب في السكات
بوحا..عطرا..ونظرات
بحق القرآن والإنجيل والتوراة
بحق كل اللآلىء والسموات
فلنرتل الحب ترتيلا…
دع الرحيلا…
صفحة بيضاء
في الحب تراني
صفحة بيضاء
حفظت كل دروسه
إلا أني ما زلت
في فنونه حمقاء
لكني متمردة. متوقدة
خجولة..ودائما متوترة
لا اتقن فن الإسترخاء..
حفظت في الرومانسية
كل البروتوكولات :
ان اشعل في الزوايا
الشموع الزرقاء
وان انثر فوق الطاولة المستديرة
بتلات الورود الحمراء
وان اطفىء الأنوار
لنرقص تحت ضوء قمر السماء
لكني لم اتعلم أن اروي
قصص الف ليلة وليلة
كي تغفو في العشاء
و نسيت ما همس الوحش
في اذني الحسناء
ولا كيف يرقص
فوق الأصابع الرقيقة الحناء
ولا كيف يعزف المطر
على النوافذ في الشتاء
ولا حتى كيف اكتب اسمك
عليها ببخار الماء
لا تصفني باني عاشقة بلهاء
فأنا لم أتعلم كيد النساء
بل إن كلي
كالطفل
صفحة بيضاء
فاكتب عليها ما يحلو لك
أكتب عليها ما تشاء
حالات شعر
وتسأل من اين يأتى شعري
ساجيبك إن كنت لا تدري
من زهرة اللوتس
التي فتحت قلبها
لتمتص كل نور الشمس
كي يتبدد الظلام الذي
في داخلها..
من تلك الفراشة
التي اشقاها الصقيع
فانجذبت إلى وهج القنديل
وطبعت خديها على زجاجه
علها تتخلص من ارتجافها
لكنها غفت….وغفت
حتى تكحلت بالشحتار
واحترقت بردا…
من تلك الروح التي تبحث
عن مساكنة. قوس قزح
عن انصهارها وانفاس الضوء
لتتخطى الأمكنة..
من تلك المياه الجوفية
التي جلدتها رطوبة الصخر
الذي كان يطبق على انفاسها
ويسجنها بين ظلمتين
ومن كثرة أناتهاا وآلامها
انفتحت مسامات الصخر لها
فتسربت من بين ضلوعه
وانسابت
لتكون جدولا يناغي الحور
..
شعري هو رذاذ الماء
تنهد البحر
او تثاؤب الدخان
من مدفاة الحنين في الشتاء
ربما وصل إلى روحك
وربما روى حقلك
وقد يكون قد تعرج
ليسقط في فوهة بركانك
لكن تذكر دائما
بأنه أنا
وستجدني فيه