(صندوق الدنيا والآخرة)
كنت طفلة صغيرة في الصف الرابع الابتدائي وكنت ألعب وألهو كأمثالي من الأطفال ولكن دائما كانت عيني تراقب كتابا جميل الشكل موضوعا فوق مزهرية مزخرفة لدينا في ركن عال في البيت،وكان أبي يضعه في هذا المكان حفاظا عليه من أن نعبث به،وكان فضولي دائما يجعلني في شوق إلى الحصول على هذا الكتاب في يوم من الأيام ،وقراءة ما فيه ،وأحسست أنني إذا نظرت فيه سأنظر فيما يسمونه (صندوق الدنيا )الذي كنت أسمع عنه،وطلبت من أبي كثيرا أن أحصل عليه ولكن كان دائما يرفض حفاظا على هذا الكتاب،ولكني حاولت مرارا وتكرارا حتى كانت اللحظة الفارقة في حياتي حينما وافق والدي،بشرط أن أحافظ عليه ووعدته بذلك،ولم يكن أبي يعلم وقتها أنه بموافقته هذه فتح لي طريقا وجسرا ربانيا ..وإذا بي ألمسه وأنظر عن قرب إلى غلافه المزخرف الجميل في انبهار وأحسست أن والدي قد أهداني أكبر هدية في حياتي..وبدأت أفتحه وأدخل إلى عالمه فوجدت كلمات مزخرفة بحروف من نور أضاءت قلبي،وأخذت أتحسس حروفه وألمسها بيدي الصغيرة وأحاول قراءتها وأسعد حينما أجدني أعرف بعضها وأحفظه…وارتبطت به ليس ارتباط درس ومذاكرة ولكن ارتباط طفلة بما يسليها ويمتعها وداومت على قرائته كل يوم دون توقف أو ملل وأصبح كتابي المفضل الذي أنام وأستيقظ عليه ودرست لنفسي تجويده الذي وجدت أحكامه في صفحة في نهايته وأخذت أستمع إلى قراءة شيوخنا الكرام في إذاعة القرآن الكريم التي كان يداوم والدي عليها وأخذت أطبق مع نفسي ..فكنت التلميذ والمعلم..ونجحت في ذلك حتى أن كل من كان يستمع إلى وأنا أقرؤه في الإذاعة المدرسية أو في الفصل الدراسي في المرحلة الإعدادية كان يتعجب من حسن الصوت و القراءة السليمة والنطق السليم وتطبيق أحكام التجويد،ويعتقد في البداية أنني أتعلم في مسجد على يد شيخ ولم يكن يعلم أنني كنت أتعلم كطفلة في مدرسة ربانية في معية الله…ثم حدث لي حدث كبير حيث أتاح لي المولى- عز وجل- أن أرى في منامي حبيبه وصفيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأجلس معه في حلقة صغيرة في مسجد وأستمع إلى درسه وأتعلم منه واستيقظت من الرؤيا على صوت المؤذن فجرا ففرحت واستيقنت أنها رؤيا صادقة فكنت أبكي وأضحك في آن واحد ،وكان قلبي يبكي قبل عيني وأنا لا أصدق وأسأل نفسي ..هل أستحق ذلك؟ وشعرت بقلب طفلة صغيرة أنها جائزتي الربانية وشهادة التقدير لي من المولى -عز وجل – وأنني تميزت بشئ جميل أثلج صدري ..وعدت مسرعة إلى كتابي لأدخل إلى عالمه وأتخيلني داخله وأن كلماته موجهة إلى ..ودخلت بعقل طفلة إلى( صندوق الدنيا) الذي كنت أسمع عنه وأود الدخول فيه من خلال هذا الكتاب ..ولكن أصبح هذا الكتاب يمثل لي ما هو أكبر من ذلك.. لتراه الطفلة التي بداخلي الآن.. (صندوق الدنيا والآخرة)
قصة قصيرة من واقع حياتي
بقلمي : ليلى الشامي
تحياتي وتقديري لشخصكم الكريم و موقعكم الراقي النبيل فضل كبير منكم وشرف لي 💐💐💐💐