رواية : ” ليلى السواد”/ ااصادرة عن دار ” ومضة ” في الجزائر للكاتبة الروائية الجزائرية ليلى لوكريف .
# بقلم الكاتب والناقد السعودي (أحمد السماري) :
أبدعت الكاتبة في وصف و سرد لغتها الشاعرية بين الحقيقة والخيال تقول :
” كنت أنصت إليه وقلبي يكاد أن يخرج بين ضلوعي، فصوته ترياق روحي، كانت كل قطعة مني تصرخ وتقول ( أحبك ) إلا لساني لم ينطقها، لا أدري لماذا؟ هل كبرياء مني أو خوفاً منه أو هروباً من عالم ( الفيس ) المخادع أو المتصلبة التي بداخلي ما زلت حيّة … والأيام تمر ونافذة الأماني دون ستائر، وضجيج الشوق يأبى أن ينطوي كثورة غضب خلف القضبان، أجاهد نفسي كمن تحمل ماءًا تخاف أن يتسرب من يديها حتى تبقى قطرة عقيمة لا تنجب سوى الحرمان، فكيف أقتل شغفاً يسكن ثامن المستحيلات، فهي ليست مسألة مسافات فقط بل الأمر معقد كأحلام لا تفسير لها ولا تمر بسلام. ” .
أبدعت الكاتبة بلغتها الشاعرية الجميلة وخصوصاً في البوح و التعبير عن مشاعرها المتلاطمة و المتصارعة بعد أن دخل الحُب وحرك الروح الساكنة الراكدة ” وتعالت الأمواج بين مده جزري لتجنب حروفاً بعدد زبد البحر، وأجمل من غروب الشمس وأحزن من سواد الليل، كان حقاً شعورٌ لم يسبق أن أحسسته، كالمتطفل في روحي يحاول زعزعة قوانيني وإفساد هدوئي بين غربة النفس والمكان، أرواح تستأذن كل مساء لترسم لها لوحات من الخيال لتهدأ أرواح لم تنعم بماض ولا رضت بحاضر، ولا بمستقبل لها تجلى، لتصب كل الأزمنة في نبع العمر الذي ظاهرة غير باطنة، فيه قلوب تشقى وعقول تسعى وأجساد بلقب ( العورى ) تتمنى من الله عنا أن يرضى، وخوفاً من أن تخطئ، نرى الحُب شقاء مع أنه شعور بشغف متوهج واشتياق وحنين ونشوة ونبضات وخدر في الأجساد، كغيبوبة ممتعة لا نريد أن نصحو منها و مقابلها ألم، ووجع وجرح وشجن وسهاد وأرق وأيضاً ذنوب، تلك الأشياء ضربية ندفعها من أجل مكاسب الروح والبدن.” .
هي رواية البطل الواحد ( ليلى ) وبقية الشخوص أقارب يدورن في فلك قصتها الدرامية، لإضافة مزيد من السواد على حكايتها ومعاناتها مع انوثتها ووطنها و مجتمعها الذكوري، وما يحكمه من عادات و تقاليد صارمة .
وبرغم قصر الرواية إلا أنها عبرت ضمن المسموح به عن معاناة الجنس الأنثوي في أوطانها العربية أو حتى في غربتهم المؤقتة بصورة حزينة و أليمة، وقد لجاءت الكاتبة الشاعرة إلى الشعر للتأكيد على عروبتها في اللجؤ إليه كأفضل مجالات الفنون للتعبير عن المشاعر، وقد أعجبتني أحدى تلك القصائد الجميلة وأظنها مقتبسة من ديوان الكاتبة نفسها ( ديوان ليلى السجينة ) في حالة من التماهي مع الرواية :-
قد زارني طيفهُ والشوق توغلا .
بين فؤادي وحرفي الثائر تجولا .
ذلك السائح زار المقام وتدللا .
فسلبتُ وقاري والحنين تغلغلا .
سيدة السُحر مشعوذها طيف تنقلا .
يرمي تعاويذه على سحري فأبطلا .
هنا مقتطفات من الرواية :-
” كان إحساسي هو الدليل الوحيد أنه يقصدني أما صوت العقل فيقول أنه زير نساء، قد يكتبها لتظن أية واحدة منهن أنه يقصدها؛ فعالم ( الفيس ) لا أمان فيه هو افتراضي يعيش فيه كل أنواع البشر بأقنعة لا حدود لها.”
” يسألني: من أنتِ أيتها الملاك ؟
– استفزني ذلك الوصف مع أنّه قد يسعد أي امرأة فأجبتهُ: أنا لست ملاكًا ولست في طهر مريمْ ولكني بكيتُ دمع يعقوب وقطرةُ من صبر أيُّوب، وقد أكون وريثةٌ زُليخا في العشق؛ أما أنت فلست بحسن يوسف، ولا تملك خاتم سليمان ورُبما تكون وريث إبليس في اللعب بقلوب الناس.”
” تغمرني أحاسيس متناقضة بين لحظة الصمت والرغبة في الكلام خيط رفيع من الحكمة نرفعُ به من نُحب ليس جبناً بل حباً في الآخر، وبين الصراحة والوقاحة خيط رفيعٌ من الحقيقة نجرح به عن قصد ثم نندم على ذلك، بين الحقيقة والصمت مرةً أخرى خيط رفيع من الغباء ليس من عقولنا بل من قلوبنا، فيا أيها الآخر رفقًا بعقول تتغابى من أجل إسعاد قلوبكم على حساب كرامتها بخيوط رفيعة كحد السيف.” .
هل يمكنني التواصل مع الكاتبه