كما وعدنا في الجزء السابق سنقدم أمثلة ندعم بها الترابط بين الكلمة او اللفظة كدال والجملة او سياق التركيب والمقام
وتدعيما لهذا الترابط اعتمدنا هذه الأمثلة:
1_وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى
2_ان الدين عند الله الإسلام
3_لقد عظم سلطانه حتى دانت له الرقاب
4_اشتدت بي الفاقة فتداينت حتى كدت أغرق دينا
5_ان زيارة المدينة وإن لم تكن ركنا من أركان الحج فقلما يحج الحاج إلا ويزور، قبر الرسول،
6_كانت المدائن من عواصم التجارة في القرون الغابرة.
في كل ما قدمناه من أمثلة هناك مادة خفية أو جذر، من جذور، الدلالة تشكل بأشكال مختلفة لم يخل منها أي مثال وهذه المادة هي ثلاثية (د/ي/ن) ولكنها استعملت في قوالب لغوية مختلفة وارتقت بدرجات من الاشتقاق والتصرف بحيث :
أاختفى أصلها عن الحس اللغوي باختفت الرابطة الواضحة البديهية بينها
فاصل هذه المادة (الدال والياء والنون) يعود في دلالته إلى معنى الربط او الوثاق بالمعنى الحسي:
(دان)
ففي المثال 1 المدينة على وزن
“مفعلة” وسميت المدينة مدينة انطلاقا من هذه المادة على اعتبار أن المدينة في اصل تصورها التاريخي هي الرابطة التي تحمي الجماعة داخل سور.
وفي، المثال 2 ورد لفظ الدين، والدين هو التزام برابطة أو ميثاق روحاني.
وفي المثال 3 يأتي العقل على حالته : دانت الرقاب ودان يدين بمعنى ارتبط ارتباط خضوع،
وفي المثال 4 جاء الفعل تداين والاسم دين والدين هو، القيد المادي النقدي بين طرفين.
ثم في المثال 5 جاءت كلمة المدينة وقد تحول فيها الإسم المشترك العام إلى اسم علم ( ربط الاسم العام بالاسم. الخاص) .
وفي المثال 6 يتحول الاسم العام إلى اسم علم الجموع (مدائن).
النتيجة : هو ان ادراكنا للدلالة يتحدد بورود الكلمة في سياق ولكن إدراكنا لدلالة الألفاظ في سياقها التركيبي ينبني على احتجاب روابطها الأخرى.
وتبقى الفوارق الدلالية الحاصلة بين مختلف أوجه التصور يدل على ان سياق المقام أو الظروف العينية الخاصة بلحظة الأداء اللغوي هي وحدها الكفيلة بتدقيق المعنى بل حتى في تصور المقامات التي تؤدى فيها العبارة الواحدة قد لا نصل إلى المقصود الحقيقي إلا بتبين النبرة التي تنطق بها الكلمة الواحدة.
# (الدكتورة الناقدة مفيدة الجلاصي/ تونس )