# رحل الموسيقار والمؤلف الموسيقي الياس الرحباني إلى فضاء النغم الإلهي بعد ظهر اليوم الاثنين 4/ 1/ 2020 تاركا إرثا موسيقيا شرقيا ضخما من أوتار حداثة موسيقى الغرب.
.. الفنان الراحل الياس الرحباني من مواليد العام 1938، وهو الشقيق الأصغر للأخوين الراحلين عاصي ومنصور الرحباني وهو موسيقي ملحن وموزع إضافة إلى أنه كاتب أغانٍ ، وقائد أوركسترا..
..لحن أكثر من 2500 أغنية ومعزوفة ، منها 2000 معزوفة عربية..كما ألّف موسيقى تصويرية لـ25 فيلما منها أفلام مصرية و لمسلسلات ومعزوفات كلاسيكية على البيانو، من أشهرها موسيقى فيلم “دمي ودموعي وابتسامتي” وفيلم “حبيبتي” وفيلم “أجمل ايام حياتي” ومسلسل “عازف الليل”.
# مقالة االناقدة الموسيقية هالة نهرا عن الراحل الكبير الموسيقار إلياس الرحباني :
.. الناقدة الموسيقية هالة نهرا كتبت عن الموسيقار الياس الرحباني مقالة ينشرها موقع ” ميزان الزمان ” الأدبي والفني وبالتزامن مع موقع ” بوسطجي ” في لبنان , وقالت فيها :
إلياس الرحباني: إغفاءة مَن ستذكره كتب التاريخ
رحل الفنّان والموسيقي والملحّن إلياس الرحباني (1938-2021) بعد مسيرةٍ فنّيةٍ طويلة شيّقة لمع فيها كالبرق. مرَّ كالنسمة حيناً، وحلّقَ نجمه أحياناً كثيرة في فرائد لا تزال تردّدها الأجيال المتعاقبة، وسوف تكتشفها حتماً الأجيال الآتية على المستويين المحلّي والعربي، وفي بلاد الاغتراب والانتشار. تتفاوت أعماله على أكثر من صعيد، وتُعَدّ متنوّعةً في مروحةٍ واسعة.
# نكهته الخاصة
بعد العظيمين الباسقين عاصي ومنصور الرحباني اللذين يُعَدّان من أهم عماراتنا الفنية والثقافية محلياً وعربياً ، كان إلياس الرحباني ، الذي تميّزت تجربته بنكهةٍ خاصة به، ولا مجال للمقارنات الجامدة بينه وبين الأخوين رحباني اللذين حفرا عميقاً في الوجدان مسرحاً وأفلاماً وأغاني توّجها وكلّلها حضور فيروز الغنائي الاستثنائي بسطوتِهِ التي لا نظير لها في العالم.
جملة إلياس الرحباني الموسيقية مؤسلَبة عموماً ، تتسم بالبساطة والسلاسة وتخلو من التعقيد والتركيب والاستعراض والفذلكة والرصّ ، وتعكس مبدأ السهل الممتنع المجنَّح وبالتالي يسهل على الجمهور تردادها وحفظها عن ظهر قلب، ما يُشكّل نقطة قوّة لصالحه.
لقد واءَمَ إلياس الرحباني بين الشرقيّ والمشرقيّ العربيّ والغربيّ بلا تكلُّف أو ادّعاء. لقد كتب اسمه بأحرف كبيرة في عالم الـ Pop.
في إحدى الندوات التي حاضرتُ فيها عن الأخوين رحباني عاصي ومنصور، أذكر كلمات إلياس الرحباني التي أصرّ أن يقولها لي وذلك في 15 آذار من العام 2009 حين تقدّم إليَّ أمام الجمهور وأمام المحاضرين الذين كانوا معي على المنبر وقتذاك (محمد دكروب، والدكتور نبيل أبو مراد، وغازي قهوجي، بحضور الدكتور عصام خليفة الذي كان يدير الندوة) وقال لي إلياس الرحباني بلهجته الأنطلياسية: “كلمتك جوهرية عن عاصي ومنصور؛ صرلنا أكتر من 30 سنة ما سمعنا كلام بهالأهمية والتقل”…
# التماعات
في محطاته التلحينية
إلياس الرحباني كان متواضعاً، عفوياً ، مشجّعاً للطاقات الشبابية ومؤمناً بها إلى أقصى حد ، محباً للفرح والمرح ، كان يتحلّى بروح الدعابة وسرعة الخاطر ارتجالاً ، كان ملحّناً موهوباً وناجحاً لديه إلتماعات تنبض بديناميةٍ جميلةٍ خفيفة أحياناً ، وأحياناً أخرى تجنح نحو الثقل نسبياً ونوعاً ما.
تألّق في محطات تلحينية عدّة، نذكر بينها “حنّا السكران”، “بوكرا لمّا بيرجعوا الخيّالي”، “دخلك يا طير الوروار”، “كنا نتلاقى من عشية”، “يا قمر الدار”، وسواها من الأغاني التي عشّشت في ذاكرة الجمهور.
لامس قلوب الناس في الأغاني التي لحّنها للسيدة الهائلة فيروز، وهدى، والعظيم وديع الصافي، ونصري شمس الدين الرهيب، وباسكال صقر، وملحم بركات، وسواهم.
# ألوانه نقشت أثرها
في السجل الموسيقي
رحيل إلياس الرحباني اليوم يشكّل خسارةً كبيرة للمشهد الفني اللبناني والعربي . نتاجه الموسيقي خلّده , وفي ذلك عزاءٌ لمحبّيه وأهله وأهل الوسط الفني والثقافي اللبناني والعربي.
إلى جانب عاصي ومنصور الرحباني، لا يمكننا، بصورةٍ عامة، إغفال لمسات إلياس الرحباني في السياق التسلسلي التلحيني للأغنية الرحبانية ، ما أنتج طرائق متنوّعة في ألوان الكتابة الموسيقية المحترفة التي نقشت أثرها في سجلّ الموسيقى اللبنانية والعربية.
# شهادة من الفنان فايق حميصي :
في إثر وفاة إلياس الرحباني، في اتصالٍ هاتفيّ مع الصديق فائق حميصي الفنّان والممثّل والمخرج المسرحي، رائد التمثيل الإيمائي في لبنان، الذي كان صديق عاصي الرحباني وعن طريق عاصي تعرَّفَ إلى إلياس الرحباني… قال حميصي لي في شهادته عن صاحب “الأوضة المنسيّة”: “كنّا نلتقي وقد كانت هناك مجموعة تجتمع في أنطلياس، من بينها أنا وإلياس الرحباني مع آخرين…
كان إلياس الرحباني “لعيب” الموسيقى (على حدّ تعبير حميصي)، وكان يتحدّث عنها كما يتحدّث عن الخبز اليوميّ وكان ذلك جميلاً عنده. لقد كان بسيطاً في علاقته بالموسيقى التي تُعَدّ عضويةً. كنت أذهب لملاقاته في الأستديو . كان يأكل “السندويش” ويوزّع ويؤدي موسيقاه في الوقت عينه . كان مرتّباً وقد جمع بين الموسيقى الغربية والعربية من دون إشكالٍ .
منصور وعاصي وإلياس هم أبناء بيئة بيتهم، ووالدتهم هي الموحية الأولى بالموسيقى لهم .
كانوا متواضعين وبسطاء. كانوا شعبيين وتمظهرت لديهم ميولٌ شعبية تجنح نحو تغيير الواقع ، لا سيما عاصي ومنصور”.
# الحبة الأخيرة في العنقود :
إلياس الرحباني هو الحبّة الأخيرة في عنقود الجيل الرحباني الأوّل المؤسِّس .
ستذكره كتب تاريخ الموسيقى وسوف يستحضر نتاجه النقّاد والصحافيون والإعلاميون والبُحّاث الكبار وعشّاق الموسيقى والفنّ .
غيابه لن يكون كبيراً بما أنّه يبقى حاضراً أبداً بنكاته وخفة ظلّه وحواراته مع أعماله الفنية التي قد يكون بعضها موضع جدلٍ فيما يحظى بعضها الآخر بالإجماع .
في وداعه يليق به التصفيق الحارّ مع دمعٍ يتقطّر من عيني “طير الوروار”.
# بقلم *هالة نهرا ( ناقدة موسيقية وفنية وكاتبة وشاعرة لبنانية).