أصناف الدلالات
نتطرق في مقالنا الجديد لبعض اصناف الدلالات بعد ان كنا تعرضنا في الجزء الأول الى تعريف مفهوم الدلالة البلاغية من خلال امثلة توضيحية وهي كالتالي:
1 الدلالة الطبيعية:
وهي صنف من الدلالة تنعقد به ما يسمى ” رابطة المعنى والفهم” بين
” طاقة العقل ” وظواهر تطرأ في الوجود يستفيد منها الإنسان
وبذلك تقودنا الدلالة الطبيعية الى استجلاء الظواهر التي تتجلى في الكون والطبيعة وتجعلنا نهتدي الى أشياء سابقة أو لاحقة ويكون الموجه للإنسان في إدراكها وفهمها ما يسمى ” نواميس الطبيعة ” كأن ينظر الإنسان في السماء فيجدها متلبدة بالسحب فلا يخرج إلا بعد ان يأخذ معطفه ومطريته فهذه الحركة تعني انه استنتج من رؤيته ان السماء ستمطر فاحتاط لذلك
وهنا الارتباط طبيعي نتيجة قرينة مرئية بالعين المجردة (Indice)
2 الدلالة المنطقية:
وهي الدلالة التي يصل اليها العقل عن طريق عملية منطقية بمقوماتها الثلاثة الضرورية وهي :
المعطيات/ الروابط/ النتائج
وتدخل ضمن الدلالة المنطقية كل الدلالات
فالرياضيات نوع من المنطق الصوري
ومن الدلالة المنطقية ايضا تكون كل العمليات القضائية التي تبدأ بالتحقيق البسيط في حوادث الإجرام الى الألغاز المعقدة في مستوى القضاء
3 الدلالة الإشارية:
تقترن فيها حاسة الإدراك بطبيعة الحركة فبمجرد الاستفسار عن المعنى بأمر ما من بين جمع الحاضرين فيجيب المستفسر بإشارة من اصبعه موجهة الى شخص ما وذلك يعتبر تدليلا على ان المشار إليه هو المعنى
وتندرج ضمن الدلالة الإشارية كل إشارات البكم عبر محاكاة المدلول عليه
3 الدلالة الصورية:
المقصود بها الدلالة التي تتفق من محاولة محاكاة يقوم بها الإنسان لتقريب الصورة الحقيقية التي تحدث في الظاهرة الطبيعية بحيث تكون عملية المحاكاة مبنية على تقليد الصورة او الشكل بوجه من الوجوه وليست دلالة هذه المحاكاة رهيفة المطابقة الحقيقية لما يراد التحدث عنه
ومن أمثلة الدلالة الصورية الخريطة الجغرافية مع ما تتضمنه من ألوان ورموز خطية بحيث إذا نظر أحدنا الى خريطة بلد ما أدرك بوجه تقريبي صورة للواقع الطبيعي دون ان يكون قد لمس شيئا من هذا الواقع الطبيعي
ومن أمثلة الدلالة الإشارية أيضا لوحات الرسم ففي كل لوحة نجد حدا أدنى من الدلالة الصورية
ومن الأمثلة أيضا الصور الفوتوغرافية
ومما يدخل أيضا في الدلالة الصورية جزء كبير من مصطلحات النشرة الجوية من خلال عرض الخريطة والتقسيم الى مناطق والصور التي هي محاكاة للطبيعة واستقراء تقلباتها والتكهن بأحوالها
4الدلالة الرمزية:
ونعني بالرمزية هنا مفهوما محددا يضيق عما أصبحت عليه كلمة الرمز بكل ما تشمله في الاستعمال العادي الذي اتسع نطاق دلالته ولكننا لا نأخذ منه إلا ما كان منطلقه وجود قرينة رابطة بين أداة الرمز والمرموز اليه مما يمكن أن يهتدي اليه الإنسان بتتبع عقلي منطقي والطريق الى الدلالة الرمزية في هذا المجال هو العقل ولكنه ليس طريقا مطلقا بالمعنى الفلسفي (Absolu ) فإذا ما ذكر في سياق من السياقات اسم الأسد مثلا فلا مناص من أن نفهم منه شيئا ما وهو : القوة والشجاعة
ولعل ما تضبطه الدول من إشارات تمثل علمها أو شعارها يوضح الدلالة الرمزية باعتبار العلاقة العقلية بين الإشارات ودلالاتها
ومن الدلالات الرمزية ما يعول فيه على دلالة الألوان فلها مقوم عقلي ما فإذا كان اللون الأحمر يدل على المنع في قانون الطرقات فهو يدل على الخطر بارتباطه بلون الدم واستجلاب صورة الدم قد توحي بالنزيف أو السيلان الذي يفضي إلى الموت
5الدلالة العرفية او الاصطلاحية :
وتنشأ أساسا من مواضعات اي من اتفاقات وهي التي لا يكتسب فيها الشيء الذي يؤدي دلالته إلا من مجرد اصطلاح قام بين مجموعة من الناس من ذلك أن جزءا كبيرا من إشارات قانون الطرقات مثلا ليس إلا عرفا تواضعيا وكذلك الأمر في لغة العادات والتقاليد دلال ات اصطلاحية
وتبقى اللغة أكبر جهاز عرفي اصطلاحي بين المجموعة
# (الدكتورة الشاعرة والناقدة مفيدة الجلاصي/ تونس )