كتب يوسف رقة :
..لعل أقسى حالات الحزن أن يفقد الإنسان عزيزا على قلبه دون ان تسمح له الأيام أن يودعه بذرف دمعة على نعشه , لكن ما يواسي الانسان هو إيمانه بوجود الروح التي تحلق مودعة أحبتها قبل أن تلاقي وجه باريها .
وداع الروح يخفف من الألم وان كان لا يمحيه – تماما كوداع الجسد – لذلك نقول ” السلام لروحه والمغفرة لروحه والفاتحة لروحه ” وفي معتقداتنا أن ّ هذا الدعاء يصل لروح الفقيد أينما كانت واينما كنٌا ..
الاسبوع الماضي تأثرت كثيرا لغياب والد صديقة لي هي الشاعرة كوكب جريس الهامس هو المناضل وأحد مؤسسي الحزب الشيوعي العربي المستقل ( 1965) المحامي جريس الهامس ( مواليد صيدنايا في سورية ) الذي رحل إلى الرفيق الأعلى في مكان غربته القسرية في هولندا .
الشاعرة كوكب الهامس فيكاني لم تستطع السفر الى هولندا فكتبت في وداع والدها رسالة مؤثرة قالت فيها :
بابا
أعتذر منك لم أستطع وداعك
بابا 💔 .. برحيلك انكسر عمودي الفقريّ
غدا تودّعك أثلام زهور هولندا
عصافير النوافذ والشرفات
طيور الغابات وحقول الفراشات
غدا تودّعك جسور الشوارع …
القنوات الواطئة وحجارة الطرقات
تودّعكَ نوارس أرصفة الشمال
وسياج شواطئ الزبد إلى الأبد
كل الأمكنة ومقاعد الحدائق وكتب المكتبات
غدا تُعزفُ موسيقى الوداع تُقرعُ أجراس سماء ( لاهاي )
لوداع الأحرار
غدا يودعك شعب فقراء الخيام…
يلوّحون لوداعك المشرّدون من كل أصقاعِ الأرض
يلوّحُ سراب الوطن من بعيدٍ من بعيد
شعلة نضالك ستبقى مشتعلة إلى الأبد
ستبقى مشتعلة … والتاريخ يشهد .
اعتنِ بأختي في السماء ولا تنسَ أن تناولها الدواء.
وداعا أيها المناضل الجبل الذي لم يهتزّ لفوالق الاستبداد
بكثير من الحب والدموع
دمعة تمسح دمعة.
قدر الشرفاء المنافي القسرية أو المعتقلات
بحبك بحبك بحبك.
نعدكَ إنّنا على دربِكَ … سائرون.
# كوكب الهامس
وكانت الشاعرة كوكب الهامس قد كتبت في ديوانها الأخير الأبيات التالية :
كنت أحبك. . . أحبك. . . أحبك ,
انتظرتك … ولم تأت
سرقتك مني
ليالي الريح الحزينة .
تباً. . . . . تأخرت الحرب
والآتي. . أعظم.
من مجموعة ( بقايا حب وإنسان )
########’
أما الرسالة الثانية فكانت من صديقتي الناشطة الثقافية والشاعرة إكمال سيف الدين التي تألمت لفقدان والدتها ولم تستطع المشاركة في مراسم التشييع , فكتبت تقول :
# أمي في ذمة الله
انا لله وانا اليه راجعون
اخوتي اليوم يدفنون أمي
وانا واخوتي الباقين المسافات حرمتنا من الوداع الاخير ومن نثر التراب على قبرها…
# وكتبت الشاعرة اكمال سيف الدين :
منذ شهر لاأكثر
مرت الايام
وكأنها الأمس
او كأنها عمر طويل من الأوجاع
على فراق أمي..
وليت هذا اليوم لم يكتب
في دفتر الايام
وان كان قدرا مكتوب لا محال
ليت هذا الخبر لم يصلني
وتعطلت فيه كل وسائل الإتصال
كما قطعت المسافات بيننا لسنوات
ربما كنت سأبقى بفرح الأمل
ووهم الأحلام سعيدة
اننا سنلتقي يوما
حين ترجع لنا الحياة بحدود
لم تقفلها الحروب والأمراض
و كل يوم أشتري
ل يوم اللقاءهدية
وأزرع ماتحبين من الزهرات
ولكن من سوء حظي
لم تفتح ابواب المدن
ولم يتعطل وصول الاخبار….
# موقع ” ميزان الزمان ” الأدبي والفني في بيروت يتقدم بالتعازي من الصديقتين الشاعرتين كوكب الهامس وإكمال سيف الدين طالبا من المولى عزّ وجل الرحمة للفقيدين .. والسلام لروحهما ..
البقاء للّه
رحم الله الراحلين
وردا على رسالة وداع الاديبة والشاعرة الفاضلة كوكب الهامس في، وداع والدها الراحل جريس الهامس
هي كتبت ترثي أبيها
كلاهما في المهجر .
المسافة بينهما يقرأها مقياس المسافات مثلما ما بين
لاهاي… و….بيروت
لكن القلوب لا تفصلها الجغرافية ،
يتوحدان في ذات الهدف
هو كان قدوة لها في جذوة النضال ، لتشب على ذات الطريق
وداع تنسجه الروح قبل الكلمات.
وداع الأبنة لأبيها تخطّه الحروف بلغة القلب ، وتُبلغة بلغة الأعتذار .
وداع فيها وصية ورسالة
وصية بأن يعتني الراحل بإبنته التي هي شقيقتها التي إستبقت الرحيل ، وتلك إشارة إلى أن الأبوة والأمومة شعلة نور لا ينطفئ نورها بتقادم الزمن .
أما الرسالة فهي
أنها على ذات الطريق من النضال .
وداع الأب لأبنته في رسالة الكفاح من أجل الوطن .
وداع لمن غابت أجسادهم ، لكن أرواحهم تسكن القلوب ،
المودٍع والموَدع، كلاهما يعيشان المهجر .
الرحمة له والخلود لذكراه ، ولكم وله الأثر الطيب
هو ثائر ومناضل يعيش المهجر في لاهاي
وهي تعيش المهجر في لبنان وهي على ذات الطريق