-1-
على ضفَّتَيْ تَرَقُّبِنا والقلق
يتراشَقُ الغاضبون والضاحكون السِّهامَ،
والطريقُ بينهما
مُثْخَنَةٌ بالغبارِ والوحشةِ ورهْجِ السراب،
وفي فضائها
تترنَّحُ أسئلةٌ تدورُ على نفسها…
والحقائقُ تغرقُ في وحول الإثرةِ والتعصب ونكران الآخر…
وحدهم الضحايا على مفارق الدروب
يرقبون العاصفة والمجهولَ أو اللاشيْ…
وينتظرون …
-2-
تشرين
من همسِ ورقِه الأصفر
أجمعُ كلماتِ قصائدي
ومن مزاجه المتقلِّبِ
تتوالدُ أمواجُ الحنين
متدافعةً في بحارِ الروح…
ومع أغنياتِ الريحِ المسافرةِ في فضاءاتِه
تسافرُ أشرعتي في أحضانِ الدهشة
تبحثُ عن شوقٍ…
عن حبٍّ…
عن نجمٍ لم يعرفْه الليل …
من عطشِه وقيظِه
أملأ جراراً وأباريقَ
تُنَدِّي بما يرشحُ منها لهاثَ السنين…
من يباسِ أعوادِه وعُريِ الشجر
تخبِّئُ العصافيرُ بذورَ مواعيدِها القادمة
وأجمعُ زادي ليومٍ لا يجيئُ ميعادُه في الأصيل…
من وجعِ تشرينَ وآهاتِه
ألملمُ عافيةَ الحلمِ
…وأرقبْ
” من كتابي بروق في فضاء الروح “
-3-
مَن يلحقُ فينا بِمَنْ من ديوان
“سروة في دار جدي”
مُهداة إلى “فراشة”
لماذا تُحَرِّضُني مياهُ الينابيعِ
كيما أرافقَها إلى المَصَبِّ الأخيرْ …
والشمسُ تأخذُني مِن يدِي كلَّ يومٍ
إلى مُسْتَقَرٍلها في شحوبِ المغيبْ…
لماذا تقولُ الحكايةُ :
كلُّ البراعمِ تولَدُ محكومةً بالذبولْ
كلُّ الفراشاتِ موعودةً بالموتِ عِشْقًا مُعَانِقَةً شمعةً أو سِراجْ
وليلُ الحبيبِ ، يرقُبُ مِن دون جدوى قمرًا لا يعودْ
فمَنْ يلحقُ في هذا المَمَرِّ الغريبِ بِمَنْ؟
النهاراتُ وقد غضَّنَ الحزنُ هاماتِها عند تخومِ المساءْ
أمْ زهرةُ المستحيلْ؟
النحيبُ الذي يتلاشى في عويلِ الهزائمِ فينا
أمْ صهيلُ الأماني التي لم تُذِبْها الحروبْ ؟
العناوينُ التي لم تُمَزَّقْ أعنَّتُها في الحِرابْ
أمْ مراكبُ قد كسَّرَ الموجُ أعناقَها فوق سطْحِ المحيطْ؟
فَمَنْ يَتَرَجَّى لَحَاقًا بِمَنْ
أنا أمْ ظِلالي
أمْ كِلانا ، وقد ضَيَّعَتْنا في الشعابِ الدروبْ ؟
# الكاتب والأديب اللبناني نصر الظاهر / صور / لبنان
