بقلم : ســــــــاميـــــة سالــم رمّــــــان ————————————————–
” صِّمـــــــــــامٌ في سَــــــــــــواكن “:
بُرْعُـــــمٌ بِالْفَانُوسِ أَضاءَ مَحلَّ اِغترابٍ
نَعَتوُهُ في الْفَيافي مَعْتُـــوهًـــــا
يُــــــــشرِقُ مع الآتي يـــــــــتدفَّق، يتـذوّق الحلفاءَ ،
يَستهلكُ ورقَ العِنَـــــــــــبِ، يَــــــــــــتفاءل.
لا تَهمُّهُ الأَبديَّة ، لَحظةٌ أفُقـــــــــيّةٌ طارَدَتْهُ
وَ الطُّرق تَنحَتُ لولبَهُ في عَمودٍ باذِخ
أَزقّةُ الشَّــــــــــــامِ سَامَحَتْهُ
فصَافَحته رِمالُ القَلعة
يَـــــــا لَيْتَني ما استوطنتُ فيه جُرحًا
اِرتفع فيَّ المُحتوَى المَسْــــكوبُ بأملٍ
برَبوةٍ سَـــاكِنة تتغنّى البَقيّةُ وَ تُنشِدُني زُخرفًا
عَبرَ قاعاتِ المَسرح تَجوّلتُ
تَمنّيتُ أن أجِدَ وِحدَتي في الخَبايَا
رافقتُ مِيلادي وَ أَيْلُولُ يُهوِّن عَليّ
ما كُنتُ أَحْسَبُني بغَباءٍ أَزُورُ الزَّيزَفون
و أُشْرِفُ عَلَـــــى بُحَيْرةِ ضَباب
اِنسكَبت فِيَّ تَرانيمُ أَجرَاسٍ
مِنْ قَوْل الْعِنَب عَن نُعومَةِ الأُقحوان
جادَتِ السَّفينةُ بلَوعةٍ في مِسْمَارِها
عَقاقِـيرُها سَيّالة تَجرِفُنِي لِلمَرفَإ
أَفَهِمَتْني مَسَالك شَــــبكةٍ تتأرْجَح
أَو أنّ شِرياني يُفْتح مُنصهِرًا
وَ الشُّعور يَسْتَكين بَيْن ظِلاَلِ الوِشاح
أمَرتُ الأنهارَ أَن تُوقِفَ سَبيلَها
ظفِرتُ بِكُلِّ أَلْـــــــــوَان قُطنٍ مُزَرْكَشٍ
يا لَيْتَ تَمرُّدِي بَقِيَ أنينًا في الصَّمتِ
هَذا الخريفُ وَرْدِيٌّ تَعَنَّتَ و صَيَّرَنِي شَغَبًا
هَلْ لِلدّيارِ هُنا أَفكار تَنساب بالحنينِ ؟
هَلْ نِلتُ نَصيبَ الوِسَادَةِ المَثقوبة
لمّا صارت جيوبها نواميسَ بِساطٍ
لاَ يُؤرّقُهُ إلّا جِلدٌ فِي مَسامّهِ رباطٌ أنيق
إصرارٌ يبقى بِالْوقارِ هادرًا
هل درايتكم أسقطت أقنعتي
فاِبتلعتُ وقودَ اِندفاعي
أكتسبُ مَنحى مفاتيحٍ خبيرةٍ بالْعِصيان
أطوي بِالْمِحرار دَقيقَ الصُّور المَنهوبة
سبيل السِّهام مرصدٌ يؤجّل السّباق
لِأَنصار بَصيرةٍ صَارمةٍ للمَوعد المختلّ
عبرَ الْقَناةِ وَ النَّواةِ لم يَهدأ صدَفُها
تناوبًا بين يَقَظةٍ تتحرّى و خيالات تتمنّى
فصِرتُ عن ذلك الصَّدَفِ ، عن تلك الصُّدَف ، عن ذَلك الأرجُوانِ مارقةً .
مِيلادُ البَـــــــدءِ في المَـولد
خُطّاف يسحر مجدافَهُ بِصُوَر الإيقاع يَنبهر
لاَ تجذبه أشوَاك تحتلّ الحقلَ
هَتَفَ الطّيرُ : لاَ أصونُ الغَدرَ
و فِي تَمرّدٍ شَائِكٍ لَن تَضْمَحِلّوا
ما شأن شِعارِكُم المُسافِر
اِنطلق اِحتلال القُلوب
أرضي ترحل نحو الأرجوان العَتيق
ناداني سَمعان إلى منبره الحجريّ
أربكني حرصُهُ المنخفض
المَغارة تَصطدم بالقمّة كشُموخ الألم السّاقي
و لم يُترَك إلاّ سبيلُ المغزى
سَــــــــــأَلُوم خَيمةً يَتوارى في أوتادِها بَيع و اِستسلام
يَعرِضُ رمادَهُ لِأُفق مُتخاذلٍ بالقرابين المُضيئة
و مَهما صَانت الْعَودةُ أَريجَها
بقيت مُصافحة لِلمبحثِ عَبرَ الكُثــــــــــبَان
وَ عَبْرَ الرَّوابي
دَيرًا مُــــــمتدّا
و حَـــنينًا و عِـتابًا
لا يَلُومه الشُّعاعُ
مهما كَان في الْفَاصلِ الْمَلمَح حزينًا
جِسْر عَتيق يُلوّح فَوق رَتل
ثُقوبُ الزّخارف فيها وَجَعٌ
وَ صَوْت أَصداف عَليلةٍ في مِيناء يَضحك لِتَلٍّ و مُنحدرٍ
تَرَيَّثْ و لاَ تَعْتَــــــــبِرْنــــــــــي رَفيقًا
مَهْمَا خاطَت الإِبرةُ الكاسِرةُ رُتوقَ المُخْــــمَلِ …
أَصــــــــــــداءٌ لا تُصـــــــــــــغي
لَيْــــــــــتَ مَعَ تِجوال الْمِعطفِ
بَين خبايا الأقاحِ رُكنٌ مُرتاحٌ
لَيتَ معَ نَسيم مُشاكسٍ بالخريفِ
رَفّةُ عَينٍ تفِرّ و رَعْشَة المَعنــــى المُقرّر
لَيتَ بِالْحِمَم مع الزّهر عُنفوان
وَ لَيْــتَ مع رحيقٍ أزرق حُضْن نحو الزّانِ
لَيْتَ في الدّموعِ بالْإبريقِ زُخرُفٌ يَصهَلُ مع أُفُقِ المَلاذِ
و لَيتَ في القَوسِ اِختفاءُ ضوءٍ نحو الرّذاذِ
لَيتَ مع خَيطِ الْـــــــــوِدّ رأفةٌ في المآلِ
و لَيْـــــتَ مع سَحبِ بساطٍ لَوعةٌ في السُّؤالِ
ليتَ مع كيسِ الهدايَا نَغمةُ موّالٍ و صَعيدٌ في مِرسالٍ
و لَيتَ الغزالَ يقومُ في الرّمالِ
لِيُدرِكَ الاِفتعالَ و الحاصِلَ المُفعَمَ بِعِطرِ التِّرحالِ
و نَـــــــــــــــطَقَ الجُـــــــــــــــــــمـوحُ
الْأجــــــــدَى بنا أن نجوبَ رِيَــــادةَ الرّحـــــــــيلِ
داكِنُ الدّروبِ ترَسّبَ في بَقـايا الشَّمعِ
حَــوافِزٌ مِن وَرَقٍ ترتِّبُ عويل المآخِذِ
عَمالِقة أبواقٍ في صُوَر أغْلاَلٍ سامقةٍ
فِي أَديم الحَلَبةِ جَمْرُ مَعدَنٍ يذوبُ
قُربَ النَّردِ تقفِزُ أحجارٌ مُبَعثَرَةٌ
يترصَّدُ عَبَثُ الأقفالِ شُرفَتَكُم الضّاحكةَ
جولةٌ تُشبِعُكَ هواجِسها صُحبةَ زَفيرٍ مُتــــهَاوِنٍ
الْعَادةُ أَن تُصرّحَ بِلَــــمحةِ ضَوْءٍ
تُفرِزُ أَدْوَارًا
وَ يَـبقى مُوفَدُنا مِن عَينِ أُسطورةٍ طَليقةٍ
سِحْرُكم سِيرَةٌ أو وَصيّة يا أصحابَ المُناكَفَةِ
بِوِدّكم راحةٌ بالبُعدِ المأمولِ ؟
هل الأرجوحة في دارِ الرّسائلِ المراوِغةِ دُعابَةٌ تَرِنّ ؟
أَو الْمَعروض الدَّارج مَسْلَكٌ يُمَزّق فِينا رِهَـــــانَ جُذورٍ تحِنّ ؟
طُرُق مِن سـَــــــفَرٍ و ضَجَــــــــــــرٍ
ترافَقْتُ مع سُمُوِّ الأُقحوانِ
أَنــهارٌ أَخضعت أملاحَها
براكينٌ اِلتزمَت بالموعِدِ
صُدَفٌ و مِجدافٌ أبديّ
أوطانُ لُجَينٍ صامتٍ قافِلةٌ تحرِّرُ الحَريرَ
فُرسانٌ يَكنُــــســـــــــــــــــــــــــــونَ النّهرَ
أقلامٌ مَرميّة في القلعة ترصُدُ ألواحَ إيبلا
تفاصيل ذاكرةٍ تنبهرُ
رموزٌ منقوشةٌ بِأوَابد
فصيح البهاءِ نلمحكَ
أغلالاً ترقُب السّماءَ
تفاصيل ذاكرةٍ تنبهرُ سرابًا مكشوفًا في الملعبِ
رَتْــــلٌ مزخرف بنظراتٍ
رِحلة مَجروحةٌ بجُبنٍ
قِلاعٌ في بال الإبريقِ فَوضى مواعيدٍ عابرة
دُروعٌ تدرسُ الْهُجومَ
فِي بِنية زَائرة تَجودُ طَلّة رَائِدة مع نَضارةِ أفقٍ
# الكاتبة والناشطة الثقافية والإعلامية سامية سالم رمّّّان / تونس