“علم الجزائر”
قصة قصيرة
من المجموعة القصصية التي حملت عنوان
“ممنوع قطف الاطفال” للكاتبة الجزائرية حفيظة ميمي :
أراد الأطفال أن يلعبوا لعبة.. فكروا في الحرب ، بل في الثورة التي إشتد لهيبها منذ فترة..
قال أكبرهم :
- يحب أن ننقسم الى فريقين ، فريق من عساكر العدو ، وفريق من الثوار ..
و راح يوزع الأدوار : - أنا قائد المجاهدين.. و معي ثلاثة إخوان.. وأنت هناك قائد كتيبة العدو، و معك أربعة بل خمسة أفراد.. فعساكر فرنسا دائما أكثر عددا و عدة.
علّق الآخر : - … و لكن المجاهدين دائما أقوى..!
و إستعد الجميع لخوض غمار اللعبة.. و قبل أن تبدأ المعركة، تنحى واحد من الخمسة قائلا : - أرفض بشدة أن أكون مع فرنسا، أريد أن أكون مع الثوار..!
ردّ ثان : - و لكنها فقط لعبة..!
فقال : - و إن يكن.. فأبي مجاهد ثائر ، و قد سرقت من البيت علم الجزائر.
فهلل الأطفال كلهم، و تحلقوا حول العلم ، يلمسونه ويلثمونه.. لأول مرّة يشاهدونه و يتعاملون معه عن قرب، إنه علم حقيقي “علم الجزائر” .. قبلوه يقداسة وكأنه قطعة قماش من الجنة يتبركون بها.. بعدها قدموا له التحية بانضباط كجنود حقيقيين، ثم تفرقوا.. الى مواقعهم عائدين ..
قال القائد : - لا بأس أن تكون مع فريق المجاهدين ، لأنك جلبت معك هذا الكنز الثمين..!
و بدأت المعركة …
مشادات و مناورات.. قنابل و رشاشات.. و قتلى من الفريقين.. لكن الغلبة كانت للمجاهدين الذين حملوا شهيدهم و العلم، و راحوا ينادون : - تحيا الجزائر .. تحيا الجزائر.. تحيا الجزائر ..
الجميل في لعبة هؤلاء الأطفال أن عناصر العدو إنضموا الى المجاهدين.. و راح الكل ينادي بحياة الجزائر ، حتى الشهيد فوق أكتافهم كان صوته يرتفع مناديا والعلم بزهو يرفرف في السماء عاليا. - من أين جاء هذا العلم ..؟!
سؤال سقط على رؤوسهم كالقنبلة التي لا تبقي و لا تذر…
و كأن أحدهم ردد في أعماقه : - أو ما إنتهت اللعبة ..؟!!
بين الحقيقة واللعب سقط الكل قتلى..!
لكن العجيب في لعبة هؤلاء الأطفال أن المجاهدين وعناصر العدو كلهم سقطوا شهداء وضمخوا بدمائهم الزكية العلم المقدس وهم يهتفون :
تحيا الجزائر.. تحيا الجزائر..!
# حفيظة ميمي🇩🇿
ممنوع قطف الأطفال