انور حسن مغنية
-1-
أحلم بطفلٍ….
أحلُمُ بطفلٍ….
يَسكُنُ أحلامي …..
أبحثُ….عنِّي بأنقاضي…..
عن طِفلٍ ضاعَ…
يُسَمَّى أنا……
عن لحنٍ يعتصرُني…
عن ليلٍ يَحتَويني …..
وبكاءٌ….
قد مَلَّهُ القلبُ…..
عن مكانٍ…..
عن زمانٍ……
عاشَ هُنا …..
أحلُمُ بطفلٍ……
يسكُنُ أحلامي…..
-2-
البلاد…..
بلادٌ …..
تُمارِسُ فيكَ البَغاء…..
وتقبَضُ مِنكَ….
ضَريبَةَ هذا السِّفاح…….
بلادٌ …..
تَفتَحُ فيكَ النُدُوبَ….
وتَزرَعُ….
مليونَ عُنصُرَ أمنٍ…
بقلبِ الجِراح…..
بلادٌ….
تنامُ بكلِّ فراشِ البلاد الشقيقةِ …
وغيرِ الشقيقةِ….
غصباً وحُباً….
وتأتي إليكَ….
تَفِشُّ إغتصابَ السيادَةِ فيك….
بألفِ خِطابٍ…. وألفِ نُباح…..
بلادٌ…….
تُخَصِّصُ جيشاً…
يُحاصِرُ حتَّى هواك….
كي لا تبوحَ….
بما صارَ ليلاً…
إذا….
إذا طَلَّ….
أصلاً عليكَ الصَّباح…….
-3-
سلوا شامَها….
من يعرِفُ دربَ المطَر…..
عشقٌ يعرِفُهُ مطرُ دمشق….
قبلَ أن ترفعَهُ جبالُ همدان…..
حين دخلتُ بيتَها…
دخلتُ إسمي…..
قليلون هم مَن يجعلونكَ… تدخلُ إسمَك
في مَنزِلِها…غازَلَت جرحي يداها..
تقتَرِبُ مِن رأسي المُطرق…
في زاويةٍ ناعِسَةٍ… بدرَجَةِ قلبٍ ونصف…..
تنتهي مِن مُداواة الجرحِ…
دون ان أعرفَ أنِّي مجروح…..
وهل من جرحٍ غير عيونها…؟!!!
أناديها في داخلي :
سَلِّمي القلبَ ….. فما بقيَ في القلبِ نَدَى……
لم تبقَ جبالُ همدان…..ولا بقيَ في السيفِ ردَى….
أنا نبيٌّ خَرَّبَتهُ الغُيوم …. أنا صَبيٌّ أوجزته الأحلام…
أنا لحنٌ أسقَطَهُ النوم …. أنا نُصُبٌ نَحَتَهُ الحمام…..
أنا مرودٌ عَطَّرَتهُ الرُّموشُ….. أنا سِربٌ أخطأتهُ السِّهام…..
أسكَرُ وفي كَفِّي عُيوني …. متى تغفوا.؟ متى تنام ؟
نسيتُ في هذه الليلة اسمي… لا أُريدُ إسماً بأقلام….
كؤوسيَ الحمرُ بلَّلَت صلاتي…. لا أُريدُ صلاةً بإمام….
(مرود: ميل يؤخذ به الكحل ليكتحل به)…
-4-
يقول برناردشو ( تعرفُ أنَّكَ عاشقٌ عندما تبدأ التصرفَ ضدَّ مصلحتك الشخصيَّة..)…
نرجسيَّة……..
كان من المُفتَرَضِ …. أن أنتبِهَ جيداً.
لشدَّةِ البراءةِ فيك…..أن أنتَبِهَ جيداً….
لشدَّةِ الضَّحِكِ الكاذبِ فيك…..
كان من المُفتَرَض….
أن أذكُرَ جيداً….ما علَّمني إيَّاه أستاذ التاريخ والجغرافيا….
بأنَّ السهولَ بسيطةٌ…..والهضابُ متواضعةٌ….
أمَّا البراكين….فجبالٌ مِن غَضَب….
ليس لها قِمَم…..
كان من المفترض…
أن لا أُلدَغَ مِن جُحري مرَّتين….
وأنا أبتعدُ عن البراكينِ….
برغمِ عشقي….
برَغمِ غدرَهُ….
حين اوحى إليَّ…
أنَّهُ يتبسَّم…..
ثُمَّ يُغريني بحِمَمِهِ…..فأستحيلُ رُكاماً…..
وأنِّي …عندما وقفتُ مشدوداً لجاذبيتِهِ….
شعرتُ أنَّ بي شهوةٌ من لهَب…..
وبأني … أُحِبُّ الإنصهار والذوبان….
وشعرتُ …. برغبةٍ بالضحِكِ….
أو بالضحِكِ…. لستُ أدري….!!!
غريبٌ هذا التناقض….
كأنَّكَ….لا تعرفُ ماذا اكتشفت…
برغمِ الوضوح….
ربما كُنتَ على حقٍّ….
وربَّما لم تنتبه أصلاً…..
تمنَّيتُ..لو كنتُ ارسمَهُ….
هُوَ…وليسَ نفسي….أو الطبيعة….
فالطبيعةُ كما المرأةُ….
إذا ما أحبَّت رسَّاماً…
رَغِبَت في سرِّها….بأن يُخَلِّدَها…..
فيرسمَها هيَ….لا بركانها….
لأنَّها.. أنانيَّةٌ…..أو نرجُسِيَّة….
-5-
رُبَّما….
لا شيء….
طاولةٌ….
يُحاصرُها الغِياب….
ومقعَدان….عليهُما…
مِلحٌ تَنامى…..
وأنا هُناكَ….
أسيرُ وحدِي….
أو بصُحبَتِها…
وَوَحدي….
رُبَّما أمشي….
إلى ما لستُ أدري….
رُبَّما ….
أبني سماءً مِن جِراح….
رُبَّما أبني حُطاماً…..
ولَرُبَّما…
أعمى هوَ القلبُ…
الذي يوماً أحَبَّ…
وربما …
قصداً تَعَامى….
-6-
لبَّيكَ…..لبَّيك……
تأخُذُني الأمواجُ….
بعيداً……بعيداً….
تأخُذُني …اليك….
أسبحُ في بحرٍ……
ممدودٌ……ممدودٌ…..
يسكنُ عينيكْ……
سقطَ المجذافُ ..
بلا عَودٍ….. أتراني….
أبلُغُ شطَّيكْ….؟
السُّفُنُ الحيرى ….. تتهادى….
والجَرحُ عميقٌ……. يتمادى …..
ما أصعَبَ جرحي….
بينَ يدَيكْ……
أنا…..
هذا الإنسانُ
الواقفُ … الخائفُ….
مِنكَ ….. وعليكْ……
أملكُ إحساساً….
لا يوصفُ…..
أحملُ أوهاماً….
لا توصف….
القيتُ القلبَ…. بكفَّيك…..
أن أسمعَ….. صوتك في يومٍ ….
أو ألمحَ …. وجهَكَ في يومٍ ….
سأظلُّ أُردِّدُ…..
لبَّيك…. لبّيك….
-7-
كلها مَخَاطِر…
تعودتُ أُلملمُ ما قلتِهِ…
وأصنعُ منهُ …. حِواراً وألواناً….
ألمسكِ بريشتي….
وأُصغي اليكِ….
أُلَوِّنَكِ وما قُلتِهِ… بالأَرَقِ….
بالَّذي خَيَّم عليَّ من القلَقِ…..
أُلَوِّنُ فيكِ….
القشعريرَةَ التي تعتَري جسدي….
وأنقُلُ الرؤى إلى عينيكِ….
وأُصَلِّي ….
لو تُمطِرُ هذه السماءُ…
وتُلقيكِ إلى صدري…
عُصفورةً مبلَّلَةً….
تُغريني….
بزُرقَةِ سماءَها…. وبالحبِّ …..
فلا أبوحُ بشيءٍ من هذا…
فقط محظوظٌ أنا…
تبَلَّلتُ بما تَبَلَّلَتْ…..
فأسرمُ بالماءِ… جسراً مِن يدي…
إلى عينيها….
وأرسُمُ قناطراً….
أعبرُ إليها….
أُضفي على هذا الضياع هويَّةً….
وأقولُ روحي كلها…
نصٌ مُترَفٌ بدمائي……
فيتمرَّدُ اللونُ …
يأبى الخضوعَ لريشتي…
ويساومني على الجنون…
وأنا اعبرُها …رسَّاماً لتعاريجَها….
وللإستفزاز الّذي تُبدِيهِ …..
ولعبَثِيَّةِ شعرها …
الذي أخفى خلفه عينيها….
تأمَّلتها قليلاً…
كانت كلَّ شيءٍ من شموخ….
كلَّ شيءٍ من سكون…
كانت كلَّها مخاطر…..
-8-
يا حافيَ القلبِ……
إثنانِ يَعرِفُهما اللّيلُ…..
اللصُّ والعاشِقُ……
إثنانِ يعرِفُهُما المِلحُ…..
دُموعُنا والبحرُ……
كم أتمنَّى…..
أن يغدوَ اللصُّ عاشقاً….!!!!
حينَها….
لن يُضاهيهِ عاشِقٌ قَطُّ….
يا حافيَ القلبِ…..
دَوِّن بعضَ مِلحي…..
الطَّريقُ الصحيحَةُ…..
ليس في القدَمِ الصَّحيحَة…
بل في العُيونِ الصَّحيحة….
السُفنُ الصَّحيحَة….
ليس بالبحارِ الصَّحيحَة…..
بل بالأشرِعَةِ الصَّحيحَة…..
أغنِيَةٌ عربيَّةٌ….
خيرٌ مِن صلاةعربيَّة…..
يا حافيَ القلبِ….
النَّايُ يزورُ الشِفاه….
كما اللهُ يزورُ المعبد…..
مسافات النَّاي …
تَجِدُها في العازِفِ…
وليسَ في القَصَبَة…..
مسافاتُ الله…
تَجِدُها في الفلاَّحِ…..
وليس في الكَتَبة…..
إنِّي…أبحثُ عنِ النايِ….
كي اسمَعَ الخِرَاف….
إنِّي….أكتُبُ الكلمات…
كي اسمعَ الوجود…..
آهٍ…..كلُّنا بِلا شِراع….
فكيفَ ستَجلبنا الرِّيح…..؟؟؟؟
-9-
العشق……
العِشقُ….
خُرُوجُ القلبُ….
ومَشيهِ وحيداً…..
دونَ عِلمٍ…..
لا معرفةً ولا إرادة…..
غيبٌ آخرٌ….
غيرَ غيبِ السَماءِ …..
غيباً وجوديَّاً……
تعرفُهُ …الرمالُ والسواحل……
لذا….
لا يَقِينَ إلاَّ الموت…..
كذا…..
لا يقينَ إلاَّ العشق…..
لأنَّ العِشقَ….موتٌ آخر….
العِشقُ…..غيبٌ آخر….
إذهب ….. أنتَ وقلبك…
أنت وقدرك…..
ولكن…..
ألقدرُ….لا يشربُ إلاَّ الموج…..
كما التِّيهُ…
لا يشربُ إلاَّ الرمال…..
قُلْ لي : ….
مَن يعرفُ طريقَ الأمواج….
على أيِّ صخرةٍ تَتَحَطَّم……؟!!!
ومَن يعرِفُ….طريقَ الرمالِ……
إلى أيِّ جِهَةٍ تَتَقَدَّم…………؟!!!
لا أحد….
فقط بعدَ أن يلتقيان…
على شاطيءٍ….
يُمكِنُكَ كتابةُ إسمَكَ……
حِينَ يهدأُ الموجُ ….
وتنبسطُ الرمال…..
ولكن…لن تَكتُبَ .. إسمَ العِشقِ…
بل العِشقُ…سيكتبُ إسمَك….
حينما….
ينبسطُ القلبُ….
وتَهدأُ الشِفاهُ……
-10-
ما كُنتُ…..
ما كنتُ ..شيخَ طريقةٍ صوفِيَّةً….
ولم أكُن بمصَافِّ الدَرَاويش…..
ولكن…..
صُدفةً …. قابلتُ ظلكِ….
جَعَلتِني ….
مِنَ الصَّادِقِين……
كأنَّها…..
فاضَت بنورٍ عَلَيَّا…..
وجَعَلَت….
لهذا الفؤاد رنين….
# الشاعر أنور مغنية / لبنان