( من جعبة ” شهرياد الكلام ” التي تنشر بالتنسيق مع منتدى شهرياد الثقافي في بيروت )
# قصيدة للشاعر أنور الأسمر / الأردن :
..سأمشي إليَّ
ليس لي أمامَ البحر غيرُ الصدى
هنا مرَّ النشيدُ على عشبةٍ في الخيال
وهنا خطوط وجهي تُفَسِّرُ صوتَ الماء
في عينيَّ
لأَسْمَعَ أوجاعَ أمسي
تُفَتِّشُ عن غَدي في بقايا الندى في
يا ذكرياتُ طيري في الهواء الطلق
تَحَرَرِّي مِنِّي أو حَرِرِّيني
لم يَعُدْ جسمي يَتَّسِع إلينا
ولم يَبْقَّ في البيت مكانٌ كي تنامي
يا ذكرياتُ طيري
لا أحدٌ في الطريق يكسِرُ خطوتك
ولا طائرٌ سيعلو صدفةً
ليقاسمكِ الفضاءَ
نامي على الرصيف إن شئتِ
وانتظري قمراً يثقبُ الغيمَ بالأسماء
تَسَرَّبِي خارج إسمي
وأسكني ناياً لأصغي إليكِ على تَلَّةٍ في الروح
فوق هذا الضجيج
ربما نختلف على صيغة الإيقاع في جسدي
وربما يلتقي بعضنا
عند الذي تبقى مني
خلف هذا الليل
ولكن
يا ذكرياتُ الآن طيري
لأبكي أمامي
وأُرَمِّمَ نافذةً في عيوني
حتى أرى الهواء واضحاً
على سريرك في جسدي
يا ذكرياتُ طيري في الهواء الطلق
لا شيء يأخذُ موقعه في الحُبِّ
لا قُبْلةٌ على شفتيها المناسبتين
ولا انكسار الضوء الخفيف
يُعيد الحنين معافى من الحنين
فكُلُّ دمعةٍ تقبلُ التأويل ليست دمعة حُبّ
يا ذكرياتُ
الأرض ملقاةٌ في زاوية البيت طيري
خَلَعَتْ عنها الجهات
وجَلَسَتْ مثلي القرفصاء
وأنتِ ما زلتِ تتقلبين في نفسكِ
على الأريكة !
ولا نافذة لأفتَحَها وأطيرَ منكِ
فطيري أنتِ الآن مِنِّي
لا جهة الآن للأرض
لتقفزَ خلفها الأرض
اختلفنا
أين أزحف
إلى حافة المعنى ؟
أم إلى حيث يرقدُ ظِلِّي؟
أين أزحف
وكلُّ الذي ورائي أمامي
وكلُّ الذي أمامي يبحثُ عن ظِلِّه في الطريق؟
يا ذكرياتُ طيري
أنا برِّي وبحري أنا
سامشي كلَّ الطريق إليِّ
سأسألني عنِّي وعنكِ
وعن خطوةٍ شَرَدَتْ مِنِّي إليَّ
لتبحثَ عن مفرداتٍ علَّقَتْها العصافير على أشجارٍ
هَرَبَتْ بأرضِ أحلامنا
وما زالت شاردة
سأميلُ كلَّ الميل إلى عاطفتي
وأجمعُ ما أستطيع من مفردات الحب
وأُعيدها إلى فطرتها
وأُسَوِّي جدولاً من لُغتي
وأسقي ظِلِّي الذي تَبَخَّرَ من حليب الأغنيات
التي تَرَبَّتْ على يديَّ
سأنادي في المكان الذي تَكَسَّرَ في المرايا
صُوَراً دَلَّتْ عليَّ
وأجمعُ الماء في الحروف
للياسمين
وللفراشِ
وللحمامِ
وللنساء اللواتي يُدَلِّكْنَ أحلامهن بالهديل وضوء أجسادهن
وحليب اللغة
وأمشي كلَّ الطريق إليَّ
سأدعو قمراً بين دمعتين
وأثقب حرف النون
ليتَسَرَّبَ الضوء إلى ما تَخَمَّرَ من حكمةٍ في جسدي
وأطهو الجهات
وأقلبُ الفضاء أرضاً للقصيدة
فأنا رَمَّمْتُ وطني في القصيدة
لأصَفِّي دَمِ الحروف من شهوة الذبح في حبر المؤرِّخ
وأسَلِّمها إلى خيالٍ حياديٍّ
كي أحرثَ المعنى
وينبتَ ضوء الكلام
لتَخضرَّ روحي على أغصان وطني في الخيال
من هنا تبدأ الأرض
وهنا يسكب الغيم نطفته الأولى
لتولد عشبةٌ تشاكسُ قُبْلةً في الذكريات
وترقبُ توأمها في الغياب
ما أجمل وطني من بعيد
ما أجمله في القصيدة
# الشاعر أنور الأسمر/ الأردن