كيف نقيسُ الزمان؟
تساؤل تناهى إلى قلمي بمجرّد قراءة عنوان “ميزان الزمان”، وهو إسم هذا الموقع، يمتلىء من عمق التأمّل ما يُثقل ميزان تأمّلاتك، ويدفعك للتفكّر بقياس تراكمات حياتك الزمنية.
فهل نقيس زماننا بأعمارنا، بزوّادة طموحاتنا، بمقدار النجاح، بأوقات السعادة، بحجم العطاء، بما وُهِبنا من نِعم، بما اجتزنا من اختبارات ومحن، ببصمات طبعناها هنا وهناك؟
أم نقيسه بوخزات الخيبة،
بالصَدمات والصِدامات،
بلحظات الإنكسار،
بأمواج تقاذفتنا مع التيارات،
بعثرات لخطى مبعثرة،
بخطايا ارتكبناها،
بفرص هدرناها،
بندم يباغتنا؟
عيّنة إحتمالات لحُمُولة الأيام، نفرغها على مرفأ ميزاننا، وننتظر بيضة القبّان لترجّح بينها.
وكان أن عبّرتُ عن إعجابي بإسم الموقع، فشُكِرتُ بهذه الصورة التي أثقلت زنة التأمّل.

رأيتُ في الزهرة الزمان،
وفي الصخرة ميزانها.
غالبا يُعبَّرُ عن المشهد، بوصف الزهور تنبت رغم الصخور، وبين صخر وصخر ينبت الزهر.
هو كلام منطقي حتمًا، لكنه ليس حتميا. ليس في التأمّل بتقديري ما هو جازم، ونسبية المسألة تجتاز مفهوم التحدّي المصوّر مسبقا في عقلنا الباطن عن طبيعة علاقتهما.
فما إلتقطتهُ هنا، لم يكن تحديًّا نِدّيًا، إنّما نَدِيًا.
نعم حياتنا صخرية في غالبها الأعم لغزارة التحدّيات ووعورة الدروب، لذا وجدتُ في الصخرة الميزان الحاضن لمختلف ما نُخزّنه من تراكمات مُضنية، وفي الوقت نفسه تزخر بنفحات زهرية، تنبت وسط كلّ تحدٍّ، ترشح بالندى المُقطّر أملًا يروي جفاف الحياة إرادةً ومثابرة لتليين قسوة الصخور، فتغدو الزهرة، بيضة قبّانها.
تلك البيضة، التي تشير في دلالتها المحسوسة إلى كتلة معدنية تتوسّط كفتي الميزان متحكّمة بدقته، وفي استخدامها المجازي تدلّل على الأمور الوسطى، ما يعزّز موقعية الزهرة الصخرية كبيضة لهذا الميزان.
ذلك أنّ الزهرة تجمع النضج والذبول، النمو والضمور، الأوراق التي تبسط رحيقها للهائمين والطامعين. يُناغيها النسيم ويجافيها، قد تُقتَلع وتَحترِق، ومن ثم تنبت متحدّية الرياح وركام الرماد.
ستنبت وتنكسر،
وتنبت وتنكسر.
ستزهر برعمًا
يتفتّح على هذا الحال،
وقد تتبدّل أحوالها، لونًا وشكلا وموقعا ودورا وأثرا وجاذبية ومسؤوليّة في فلك الصخرة، وتمضي بذلك إلى ما لا نهاية، لأنّها الزمن المستمر بدورانه العبثي الأزلي في رحم صخر يَزن الحيوات وفق تقلّب زمن الزهور بدورانها حول زمانها، ودورانها حول ميزانها، لتكتشف أنّ بوصلتها الأدق، بوصلة ميزان..
# الكاتبة والإعلامية ميار برجاوي / لبنان

لهذا المقال رونقٌ آخر بنكهة الحب والحياة
في هذا المقال آمالٌ تتجدد وزهورٌ تتفتح على صخور الأمنيات
.. دام إحساسك الراقي ودمتي خير من ينسج الكلمات
لكِ كل الاحترام على هذا الكلام الجميل صديقتي الذي ينعش القلب والقالب ويبعث الامل.
شكرا صديقتي، دام نبض الأول في قلبك وروحك دائما. 🌸🌟🌸
شكرا جزيلا لطيب مرورك ورونق الإحساس فيه. دامت آمالك تزهر أجمل الأمنيات. كلّك عبق الخير وأكثر 🌸🌟🌸