أعمى .. وأعمى
..
أعمى ..
تشايعهُ الجهاتُ إذا سعى في الأرض
ملء عصاه
وجهتها وعى
..
يمشي
ويحسبه الأديم
بكل خطوٍ وجه مرآة
خطى كي يقشعا
..
يعطي الخيال
جحوظَ عين لا ترى
كملاحق لبياضها
كي يتبعا
..
أعمى
ومبيِّضُ الفؤادِ
وعينه البيضاء
نجمته الوحيدة موضعا
..
أنَّا رأيتُ بريقها بخفوتِهِ
قلْ كان يلمع فكرةً
كي تلمعا
..
يا للعصا بيديه
فعل تسالمٍ والأرضِ
أوكتْ حبَّها لا المدَّعى
..
وبكفِّ من حمل العصا ليسوسنا
رفع العصا سخطا وليس ترفَّعا
..
الأرض ساخطة على تلك العصا
فلقد وشتْ فيها الخصوبة موقعا
..
قالت أراها
خيزرانة ناكئ جرحاً
ويشربها دمانا منجعا
..
هو ذلك الأعمى
وخلتها عصاه مبصرة
ولكنْ جبرها قد شُرِّعا
..
أو ليس أعمى
من يهشُّ إلى العدا
وأبى يهشُّ إلى الشعوبِ
فقرَّعا
..
وبديل متكِّئٍ
على شعبٍ / عصاةٍ
لا تغادر أرضها
لا المطمعا
..
هو حاملٌ لعصا “ابن يوكابيدَ”
للإغراق ذاتياً
وفالقها رعى (1)
..
من يا ترى الأعمى؟!
كفيفٌ مبصر بالقلب
جَفَََّنَ أرضه مستودعا؟!
..
أم مبصر بالعين
إذ قلبٌ من الإغماضِ
عن رؤيا المصير تمنَّعا؟!
..
ومن العصا في الكفِّ
أمستْ غضنٍ بانٍ
كي تطيقَ تكسُّراً
وتوجُّعا؟!
..
أو ذا الذي
غلظتْ عصاه لغلظة في القلب
قد عميا على شعب معا؟!
..
أعمى
أحبُّ السارح الأعمى
شوارعه تضيق الدرب عنه
ليذرعا
..
فيقول ..
كلُّ زقاق أرضي حرَّةٌ
لمَّا تهشُّ لها العصا لتُوسَّعا
..
أعمى
من “الكيت كات” فيلما
هكذا ملأ الشوارع من خطاهُ
وأشبعا
..
ما عاش زاوية
وأزوى نفسه
والصيتُ في ذاتٍ
تعيشُ تفرُّعا
..
هو راكبٌ درَّاجةً ناريَّةً
وكأنَّما جعل الشوارع مخدعا
..
يجري بها
وتقول غرفة بيته
والظهر منها كالسرير تربُّعا
..
والثوب للفم طرفُه
درَّاجةٌ هذي
أم الشهوات
أن تتخلَّعا
..
هو مسرعٌ جداًّ
حياةٌ أشبهتْ دراجة عقرتْ
وفيها أسرعا
..
وسل المجالسَ
وهو فاكهة بها
وهو النكات الفارعات تسمُّعا
..
وهو الفضيحة
شاهدٌ لا لم يرَ
لكنْ تلصَّصَ بالسماعِ
فأسجعا
..
ويحبُّ
أذ يختار أنثى عطرها
عوضاً لصورتها
ليصبح مرجعا
..
والبحر
يغرق فيه أعمى مثله
شيخاً
ويصطرعاهُ
لا لم يصرعا
..
هذا الذي حبَّ الحياةَ
وإن غدا فيها الكفيفَ
فلا يكفُّ تمتُّعا
..
كم ربِّ ملكٍ
مثل أعمانا الجسور
وليس وحشاً حنَّطوه لنفزعا
..
خذ سيرة الأعمى
عصاه ..
وقل أتى موسى
ليلقفَ ما الحياةُ
فأبدعا
..
# الشاعر سلمان عبد الحسين / دولة البحرين
- ( يوكابيد هي أم نبي الله موسى عليه السلام.)